وضح الطريق واستبانت معالمه
تأمل قولَ اللَّهِ تَعَالَى لأصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، فالدين دين الله، والعبادة له دون سواه، حتى لا يتوهم أحد أن جذوة الدعوة ستخبو في القلوب بموت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ........}[آل عمران: 144].
تأمل قولَ اللَّهِ تَعَالَى لأصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، فالدين دين الله، والعبادة له دون سواه، حتى لا يتوهم أحد أن جذوة الدعوة ستخبو في القلوب بموت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن الإسلام سيضمحل بعده حتى يزول.
وقد أدرك الصحابة رضي الله عنهم ذلك تمام الإدراك حين عصفت الفتن بهذه الأمة؛ ففي غزوةِ أُحدٍ سرت إشاعةُ بين المسلمين أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ؛ فمرَّ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، علَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي رِجَالٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَقَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ؟ قَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَمَاذَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ؟ قُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
فلملم المسلمون شعثهم، وتداركوا أمرهم، والتأم شملهم.
ولما ماتَ رسول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نزل بالمسلمين ما لو نزل بالجبال الرواسي لهاضها، حتى صَارَ الْمُسْلِمُونَ كَالْغَنَمِ الْمَطِيرَةُ فِي اللّيْلَةِ الشّاتِيَةِ لِفَقْدِ نَبِيّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى ذكرهم الصّدّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بمهمتهم التي ابتعثهم الله من أجلها بقوله: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ. قَالَ: ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقابِكُمْ، وَمن يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً، وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}.
فما إن سمعوها حتى انقشعت سحابة اليأس من القلوب، وأشرقت شمس العزم في النفوس، ومضوا يحملون مشاعل النور، ليكملوا طريق البشير ففتحوا الدنيا شرقا وغربًا، وتهاوت الممالك تحت سنابك خيلهم، وانحسر الضلال واضمحل الباطل، ودالت دولته، وانكسرت شوكته.
فما أحوجنا اليوم لمثل أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ وأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ليذكرانا أن نعمل لدين الله تعالى، وأن نموت على ما مات عليه أسلافنا، وأن ننفض غبار الكسل عن كواهلنا، وألا نتواني في نصرة دين الله تعالى رجاء أن يبعث فينا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو يرجع إلينا عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ليحكمنا، أو يقود جموعنا سيف الله المسلول رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
فقد وضح الطريق واستبانت معالمه، فامض لنصرة دين الله تعالى ولا يضرك قلة السالكين.
____________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
- التصنيف:
- المصدر: