قوة الكلمة
والكلمة باب عظيم من أبواب البر ومن السلف من قال( البر شئ هين ؛ وجه طلق ،وكلام لين )
هو عنوان لمحاضرة قصيرة فازت بأفضل أداء ،و إن كان الأداء مؤثرًا لدرجة الحصول على جائزة؛ فاختيار الموضوع لم يكن أقل توفيقًا وهذا ما جعلنا نحذو حذوه في اختيار الموضوع وإن كانت المحاضرة تتحدث عن قوة تأثير الكلمة في الآخرين ،وكيف أن قوتها تصل إلى بناء إنسان ودعمه وإحياء كيانه ،وأن العكس صحيح فكلمة واحدة تدخل فى مقتل وتكون القاصمة
وقد أولى الإسلام الكلمة أهمية قصوى مثل قوله تعالى :" {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿٢٤﴾ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٢٥﴾ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ﴿٢٦﴾ } (سورة إبراهيم)
وفي الحديث الشريف قد ورد قوله صلى الله عليه وسلم «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ»
(الراوي:أبو هريرة | (المصدر: صحيح البخاري رقم [6478])
كذلك حديث معاذ : «يا رسولَ اللهِ أَخْبِرْني بعَمَلٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ، ويُباعِدُني عن النارِ؟ قال: "لقدْ سألْتَ عن عَظيمٍ، وإنَّه ليسيرٌ على مَن يسَّره اللهُ تعالى عليه: تعبُدُ اللهَ لا تُشرِكُ به شيئًا، وتُقيمُ الصَّلاةَ، وتُؤْتي الزَّكاةَ » ....…….إلى قوله صلى الله عليه وسلم «أَلَا أُخْبِرُكَ بملاكِ ذلك كُلِّهِ؟ "قُلتُ: بَلى يا رسولَ اللهِ، فأَخَذَ بلِسانِهِ، قال: "كُفَّ عليك هذا"، قُلتُ: يا رسولَ الله وإنَّا لَمُؤاخَذونَ بما نَتكلَّمُ به؟ فقال: "ثَكِلَتْكَ أُمَّكُ، وهل يَكُبُّ الناَس في النارِ على وُجُوهِهِم إلَّا حَصائِدُ ألسنتِهِم»
(الراوي: معاذ بن جبل| (المصدر: تخريج رياض الصالحين رقم [1522])
وآيات الأوامر والنواهي في القرآن فيما يخص الأقوال تمثل مساحة هائلة ،وكيف أنه بالكلمة يتم بناء المجتمع عن طريق تحفيز الهمم وزرع الأمل ،وكيف أن هدمه كذلك يتم بواسطة الكلمة عبر الغيبة والنميمة وزرع الشقاق بين الناس.
والكلمة باب عظيم من أبواب البر ومن السلف من قال( البر شئ هين ؛ وجه طلق ،وكلام لين )
والكلمة الطيبة هي التي تجعل من المرء مفتاحا من مفاتيح الخير وكذلك واحدًا من مغاليق الشر ،فمن الناس من يبعث في كل من حوله روح التفاؤل والرضا .
وتحضرني قصة الأم التي عاد طفلها من المدرسة وقد حمل ورقة من الإدارة تفيد أن ابنها محدود الذكاء ،وعليه فلن تقبله المدرسة حتى لا يؤثر سلبًا على مستوى الطلاب ،فما كان منها إلا أن أبلغته أن الإدارة تخبرها أن ابنها متفوق على سائر الطلاب مما قد يتسبب لهم بالشعور بالإحباط وعليه فلن تقبله المدرسة ،لتقدم تلك الأم للمجتمع بعد ذلك المخترع العبقري توماس اديسون
"أما التطبيق العملي لقوله تعالى:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} فكان بالطبع من قِبَل نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قالت فيه أمنا عائشة رضى الله عنها كان قرآن يمشى على الأرض ،وكيف أنه كان بالكلمة يلاطف الصغير والكبير ويبث عطفه وحنانه كل من حوله ،ويصف أصحابه كلًا بأجمل ما فيه ،ونختم بموقفه المشهور عندما جاءه الشاب الذي أراد أن يستأذنه في الزنا ،فلم يرد عليه بسيل من السباب والشتائم وإنما احتواه بلين الكلام ودعا له بالخير حتى تراجع الشاب تمامًا
كذلك شهادة خادمه أنس ابن مالك الذي خدمه عشرة أعوام فلم يلمه يومًا على شئ فعله أو على شئ لم يفعله ليخرج لنا هذا المحدث العظيم صاحب الكم من الروايات .
- التصنيف: