المنتقى من كتاب " إحياء علوم الدين " للإمام الغزالي - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

منذ 2022-01-13

وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: يدل على ذلك بعد إجماع الأمة عليه, وإشارات العقول السليمة إليه: الآيات والأخبار والآثار.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة, وعمت الفترة, وفشت الضلالة, وشاعت الجهالة, واستشرى الفساد, وخربت البلاد, وهلك العباد, فإنا لله وإنا إليه راجعون, إذ قد اندرس من هذا القطب عمله وعلمه, وانمحق بالكلية حقيقته ورسمه, فاستولت على القلوب مداهنة الخلق وانمحت عنها مراقبة الخالق, واسترسل الناس في اتباع الهوى والشهوات

وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

يدل على ذلك بعد إجماع الأمة عليه, وإشارات العقول السليمة إليه: الآيات والأخبار والآثار.

أما الآيات: فيقول الله تعالى:  { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون }  [آل عمران:104] وقال تعالى: { ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليلِ وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروفِ وينهون عن المنكرِ ويسارعون في الخيراتِ وأولئك من الصالحين }  [آل عمران:113_114] فلم يشهد لهم بالصلاح بمجرد الإيمان بالله واليوم الآخر, حتى أضاف إليه الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وقال تعالى: { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة } [التوبة:71] فقد نعت المؤمنين بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, فالذي هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج عن هؤلاء المنعوتين في هذه الآية, وقال تعالى: {كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } [آل عمران:110]

 

وأما الأخبار: فمنها: ما روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه, أنه قال في خطبة خطبها: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتؤولونها على خلاف تأويلها, { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } [المائدة:105] وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم عملوا بالمعاصي, وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم, فلم يفعل إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «( إياكم والجلوس في الطرقات ) قالوا: ما لنا بدّ, إنما هي مجالسنا نتحدث فيها, قال: ( فإذا أبيتم إلا ذلك, فأعطوا الطريق حقها) قالوا: وما حق الطريق ؟ قال: ( غض البصر, وكف الأذى, ورد السلام, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )»

وأما الآثار: فقد قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لتأمرن بالمعروف, ولتنهن عن المنكر, أو ليسلطن الله عليكم سلطاناً ظالماً, لا يجل كبيركم, ولا يرحم صغيركم, ويدعو عليه خياركم فلا يستجاب لهم, وتستنصرون فلا تنصرون, وتستغفرون فلا يغفر لكم.

وسئل حذيفة رضي الله عنه عن ميت الأحياء, فقال: الذي لا ينكر المنكر بيده, ولا بلسانه, ولا بقلبه.

وقال بلال بن سعيد: إن المعصية إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها, فإذا أعلنت ولم تغير أضرت العامة.

وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يأتي العمال, ثم قعد عنهم, فقيل له: لو أتيتهم فلعلهم يجدون في أنفسهم, فقال: أرهب أن تكلمت أن يروا أن الذي بي غير الذي بي, وإن سكتُ رهبة أن آثم.

وهذا يدل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف فعليه أن يبعد عن ذلك الموضع

                كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 1
  • 0
  • 1,806
المقال السابق
آداب العزلة
المقال التالي
أخلاق النبوة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً