فضل يوم الجمعة

منذ 2022-01-20

فإن من عظيم فضل الله على أمة الإسلام أن خصها بخير نبي أرسل وأفضل كتاب أنزل، واختار لها من الشهور أشرفها، ومن الليالي والأيام أعظمها، شرع فيها لعباده من الطاعات ما يطهر نفوسهم، ويرفع في الدنيا والآخرة مقامهم.

الحمد لله...

 

فإن من عظيم فضل الله على أمة الإسلام أن خصها بخير نبي أرسل وأفضل كتاب أنزل، واختار لها من الشهور أشرفها، ومن الليالي والأيام أعظمها، شرع فيها لعباده من الطاعات ما يطهر نفوسهم، ويرفع في الدنيا والآخرة مقامهم.

 

ألا وإن مما خص الله به هذه الأمةَ وإليه هداها، الاجتماعَ ليوم الجمعة لذكر الله وطاعته.

 

يوم عظم الله شأنه، وميز بين الأيام قدره، يوم ضلت عنه الأمم قبلنا وهدانا الله إليه، فحمداً لله وشكراً، وتوفيقاً منه إلى طاعته وعونا.

 

في هذا اليوم خلق الله آدم عليه السلام، وفيه أدخله الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة.

 

يوم أوجب الله السعي إليه، وحرم الانشغال بغيره عند النداء إليه، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].

 

يوم أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - تعظيمه وحذر التهاون فيه وتضييعه فقال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين، وقال: من ترك ثلاث جمع متهاونا طبع الله على قلبه.

 

يوم تحضره الملائكة، وتحتفي بالحاضرين إليه، يقول نبينا - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتِ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ».

 

إنه يوم السماع للموعظة والذكرى، يوم التزود بالهداية والتقوى، يوم التزود بالنور الذي يضيء للمسلم حياته، وينير دربه ويسعد دنياه وآخرته.

 

ومن الله البشرى لعباده الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، يقول ربنا تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 17، 18].

 

إنه يوم الدعاء، والتعرض لما عند الله من واسع الخير والعطاء، فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه ما سأل.

 

يوم المغفرة لصغائر الذنوب، ففي الحديث: «والجمعةُ إلى الجمعةِ كفارةٌ لما بينهما، إذا اجتنبت الكبائرُ».

 

يوم من مات فيه أو في ليلته - وهو مؤمن - وقاه الله عذاب القبر وفتنته، ففي الحديث: «ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر».

 

شرع الإسلام التقرب فيه إلى الله بجلائل الأعمال، وكريم الخلال والخصال.

 

أمر بالتطهر فيه، وندب للتطيب ولبس الحسن البيض من الثياب.

 

رغب في التبكير في الحضور والقرب من الإمام ورتب عليه مزيدا من الأجر والثواب. ففي الحديث: «وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَة».

 

استحب النبي ­- صلى الله عليه وسلم - للأئمة أن يقرؤوا في صلاة فجر هذا اليوم بسورتي السجدة والإنسان تذكيرا للمسلمين بما كان ويكون في هذا اليوم، كي يظلوا لربهم ذاكرين، وإلى مرضاته مسابقين مسارعين.

 

أرشد إلى قراءة سورتي الأعلى والغاشية في الركعتين من صلاة الجمعة أو قراءة الجمعة والمنافقون. ولا تلزم القراءة بها في كل صلاة.

 

رغب في قراءة سورة الكهف فقال: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين رواه النسائي والحاكم.

 

شرع التطوع بصلاة النافلة إلى أن يحضر الإمام، وسن صلاة ركعتين أو أربع ركعات بعد الفراغ من صلاة الجمعة.

 

وللصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم خصوصية نبه إليها النبي أمته حيث قال: «إن من أفضلِ أيَّامِكم يومَ الجمعةِ، فأكثروا عليَّ من الصلاةِ فيه، فإن صلاتَكم معروضةٌ عليَّ».

 

فأكثروا من الصلاةِ والسلامِ على نبي الهدى، فإنه من صلى عليه صلاةً واحدةً صلى الله عليه بها عشراً.

 

احرصوا رحمكم الله على اغتنام خير هذا اليوم وفضله، وكونوا ممن قال الله فيهم: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار...}

 

 

ورعاية لحرمة هذا اليوم، وإرشادا للمسلمين لاجتناب ما يخل بحرمته وقدره، ويفوت عظيم أجره وفضله، نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمور لا تتناسب وحرمته، وما شرع لأجله من ذكر الله وطاعته وعبادته.

 

نهى المؤمنين أن يتخطى بعضهم رقاب بعض، وفي تقدم الموفقين للحضور أولا إلى الصفوف الأمامية ما يمنع تخطي الرقاب إلى الفراغ أمامهم.

 

نهى عن الاشتغال عن سماع الخطبة، فلا يتكلم المسلم حتى مع من يريد أن ينبهه إلى وجوب الإنصات، وإنما يشير له بالكف عن الكلام، ولا يجيب مسلما، ولا يشمّت عاطسا، ففي الحديث: «إِذا قلتَ لصاحبِكَ يومَ الجُمعةِ: أَنصتْ -والإمامُ يخطُبُ- فقد لَغَوْتَ». (رواه البخاري) ، وفي حديث آخر: «من مس الحصا فقد لغا». وفي رواية أخرى: «ومن لغى فلا جمعة له».

 

ولا بأس بالصلاة والسلام على رسول الله كلما جرى ذكره في خطبة الإمام، وكذلك التأمين على دعائه من غير رفع للصوت بهما.

 

ولا يشرع القيام لصلاة ركعتين بين الخطبتين ولا عند دعاء الإمام.

 

نهى صلى الله عليه وسلم أن يخص يوم الجمعة بصيام أو قيام، إلا أن يصادف صيامه يوم عرفة فيجوز حينئذ إفراده بالصيام.

 

ومن أدرك ركعة من صلاة الجمعة مع الإمام فليضف إليها ركعة أخرى، ومن أدرك أقل من ركعة فليصل بدلها الظهر أربع ركعات.

 

ألا فعظموا حرمة هذا اليوم فإن الله تعالى يقول: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].

 

اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، وجنبنا ما تبغضه وتأباه.

___________________________________________________
الكاتب: د. محمد أكجيم

  • 6
  • 0
  • 1,218

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً