ما يباح للصائم فعله في نهار رمضان

منذ 2022-04-19

1- يباح للصَّائم أن يصبح جُنبًا ثم يغتسل، فعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ[1].

 

2- والاحتلام، فلا شيءَ على من احتلم وهو صائم؛ لحديث النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، ومنهم النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ...»[2]، وقد قام الإجماعُ على أنَّ الاحتلام بالنَّهار لا يُفسد الصَّوم[3].

 

3- والحائض والنفساءُ إذا انقطع الدَّم عنهما من الليل، جاز لهما تأخير الغسل إلى الصُّبح؛ وأصبحتا صائمتين، ثم عليهما أن تتطهرَا للصَّلاة[4].

 

4- المضمَضةُ، والاستِنشاق من غير مبالغة، عند الوضوء، أو خارجه؛ فعن لقيطِ بن صَبْرة أنَّ النَّبيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قال: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» [5]

 

5- والسِّواك؛ فيباحُ للصائم استعمال السِّواك طول النهار، وفي كل الأوقات، قبل الزوال أو بعده، وذلك لعموم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» [6]

 

6- التَّبرد بالماء من شدَّة الحر، والنّزول والانغماس فيه، فقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ العَطَشِ أَوْ مِنَ الحَرِّ» [7]

 

وفي "الصَّحيحين" عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يُصْبحُ جُنبًا، وهو صَائِمٌ، ثم يَغتَسِل، وبه استدل الإمام البخاري في "صحيحه"؛ فإذا دخل الماء في جوف الصَّائم من غير قصد، فصومه صحيح.

 

قال الإمام ابن قُدامة المقدسي رحمه الله: "وإن تمضْمضَ، أو استنشَقَ في الطهارة، فسبق الماء إلى حلقه من غير قصدٍ ولا إسْراف، فلا شيء عليه، وبه قال الأوزاعيُّ، وإسحاق، والشافعي في أحد قوليه، ورُوي ذلك عن ابن عباس"[8]

 

7- التَّطيُّبُ والتبخر والتَّعطر بأنواع العُطور، والادِّهان، والاكتحالُ، والقطرة، وتحليل الدَّم، هذه الأمور لا تفطر، سواء وجد طعمَها في حلقِه أم لم يجد، وذلك لعدم ورُود النَّهي في كلِّ هذه عن الشَّرع، والأصل في إباحة هذه الأشياء البراءة الأصليَّة[9]، قال تعالى: ﴿  «وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا»  ﴾ [مريم: 64].

 

8- القُبْلَة والمباشرةُ وما في معناها للزَّوجة لمن قدر على ضبط نفسه؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ»[10]؛ أي: لشهوته وحاجته. ولا فرقَ بين الشيخ والشَّاب في ذلك، والاعتبار بتحريك الشَّهوة؛ والضابط في ذلك أن يملكَ الإنسان شهوته، ويقدر على ضبط نفسه[11](.

 

9- ذوقُ الطَّعام أو القِدْر، بشرط ألا يصل إلى جوفه - أو حلقِه - منه شيء، فعن ابن عبَّاس رضي الله عنه قال: "لا بأس أن يَتَطَعَّمَ القِدْرَ أو الشَّيء"[12].

 

10- السَّفر لحاجة مباحة، وإن كان يعلم أن سفره سيلجئه إلى الإفطار.

 

11- وكذا يُباح له ما لا يمكنُ الاحتراز منه، كبلعِ الرِّيق ولو كثُر، وغبار الطَّريق والمصانع، وغربلة الدَّقيق، والنُّخامَة، ودخان الحطَب، وسائر الأبخرة التي لا يمكن التحرُّز منها[13]

 

12- التَّداوي بأي دواء حلال، لا يصلُ إلى جوفه منه شيء.

 

13- مضْغُ الطعام لطفلٍ صغير لا يجد من يمضغ له طعامه الذي لا غنى له عنه، بشرط ألا يصل إلى جوف الماضغِ منه شيء.

 


[1] حديث صحيح: رواه البخاري (4/ 143)، ومسلم (3/ 138)، وأبو داود (7/ 14)، والترمذي (776)، وزاد "مسلم" في حديث أم سلمة: "ولا يقضي".

قال القرطبي في التفسير: (2/ 325): "والجمهور على صحة صوم من طلع عليه الفجر وهر جنب"، وقال القاضي أبو بكر بن العربي: "وذلك جائز إجماعًا، وقد وقع فيه بين الصَّحابة كلام، ثم استقر الأمر على أنَّ من أصبح جُنبًا، فإنَّ صومه صحيح".

قلت: وقد نقل الإمام النووي إجماع العلماء على ذلك، وأن ما سواه منسوخ، في: "شرحه على مسلم" (5/ 86)، وانظر: "السيل الجرار" (2/ 263)، و"إخبار أهل الرسوخ في الفقه والحديث..." (ص/ 45) لابن الجوزي، بتحقيق الأخ الشيخ محمود الجزائري، ط/ مكتبة الهدى، و"التلخيص الحبير" (3/ 388).

[2] سبق تخريجه، وهو صحيح.

[3] انظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (1/ 284).

[4] وهذا مذهب العلماء كافة؛ انظر: "فقه السنة" (1/ 426)، و"شرح صحيح مسلم للنووي" (5/ 88).

[5] حديث صحيح: رواه الترمذي (3/ 146)، وأبو داود (142)، وأحمد (4/ 42)، وابن ماجه (407)، وقال الترمذي: "حديث: حسن صحيح"، وصححه ابن خزيمة، والنووي، والحاكم، ووافقه الذهبي، والألباني في "إروائه": (4/ 935)، وانظر حول فقه الحديث: "مجموع الفتاوى" (25/ 234)، و"المجموع" (6/ 327).

[6] حديث صحيح: أخرجه مالك في "الموطأ" (1/ 149/ 80)، والبخاري (2/ 299)، ومسلم (1/ 151)، وأبو عوانة (1/ 191)، وأبو داود (1/ 8)، والنسائي (1/ 6) واللفظ له، والدارمي (1/ 174)، وأحمد (2/ 531)، وغيرهم، من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا؛ قلت: وفي الباب عن جماعة من الصَّحابة، وقد خرَّج أحاديثهم تخريجًا موسعًا متقنًا الأخ الشيخ أبو إسحاق الحويني في "بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبدالرحمن" (1/ 75-118)، فانظره غير مأمور، فقد شفى فيه وأروى.

وإلى استحباب السواك للصائم أوَّل النهار وآخره، ذهب الإمام الشافعي، والإمام أحمد في رواية عنه، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات الفقهية" (ص/ 10)، وقال: إنه الأصح، وبه قال الإمام البخاري في "الصحيح" (4/ 167)، وابن خزيمة في "صحيحه"، وقال العلامة الألباني في "إروائه" (1/ 67،68): وهو الحق، لعموم الأدلة..."، وقال به أيضًا في "تمام المنة" (ص/ 89)، وقال: الحافظ ابن حجر في "التلخيص": وهذا اختيار أبي شامة وابن عبدالسلام، والنووي، وقال: إنه قول أكثر العلماء وتبعهم المزني"، وانظر في ذلك: "فتح الباري" (4/ 153)، و"إرشاد الساري" (3/ 370)، و"فقه الإمام البخاري" (1/ 302)، و"فقه السنة" (1/ 35)، و"التلخيص" (2/ 288) لابن حجر.

[7] حديث صحيح: رواه أبو داود (2365)، وأحمد (5/ 376)، وغيرهما، عن أبي بكر بن عبدالرحمن عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فذكره؛ وسنده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر، والحديث قد صححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (2047)، وقال الإمام البخاري في "صحيحه" (3/ 30): "باب اغتسال الصائم"، وبلَّ ابن عمر رضي الله عنهما ثوبًا فألقاه عليه وهو صائمٌ، ودخل الشعبيُّ الحمَّام وهو صائم، ... وقال الحسن: لا بأس بالمضمضة، والتَّبَرُّدِ للصائم".

[8] "المغني" (3/ 123)، وانظر أيضًا: "فتح الباري"(4/ 154)، و"فقه السنة"(1/ 423).

[9] هذا ما رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته "حقيقة الصيام"، وابن القيم في "زاد المعاد"، وهو مذهب الإمام البخاري، وهو الحق إن شاء الله، وانظر أيضًا: "فقه السنة" (1/ 422)، و"فقه الصِّيام" (ص/ 79)، و"صفة صوم النبي" (ص/ 53)، وما سبق (ص/ 25) التعليق.

[10] حديث صحيح: أخرجه البخاري (1/ 480)، ومسلم (3/ 135)، وأبو داود (2382)، والترمذي (729)، وابن ماجه (1687)، وأحمد (6/ 42)، وابن الجارود في "المنتقى" (391) وغيرهم، عن عائشة رضي الله عنها وله عنها طرق كثيرة، وفي الباب: عن جماعة من الصحابة، منهم أم سلمة رضي الله عنها.

[11] قال ابن المنذر: "رخَّصَ في القُبلة عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة، وعطاء، والشعبي، والحسن، وأحمد، وإسحاق"، عن "فقه السُّنة" (1/ 423)، وانظر: "المجموع شرح المهذب" (6/ 354)؛ للإمام النووي.

[12] علقه البخاري في "الصَّحيح" ووصله ابن أبي شيبة، والبيهقي عنه؛ انظر: "الفتح" (4/ 154)، و"إرشاد السَّاري" (2/ 370).

[13] مستفاد من "منهاج المسلم" (ص/ 272- وما بعد)، و"فقه السنة" (1/ 424)، وانظر أيضًا: "مجموع الفتاوى" (25/ 234)، و"حقيقة الصيام"؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية.

__________________________________________________
الكاتب: محفوظ بن ضيف الله شيحاني

  • 2
  • 2
  • 1,087

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً