ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر

منذ 2022-04-30

أيها المسلم الكريم، العشر الأواخر من رمضان فيها ليلة القدر، فاجتهد أخي المسلم في هذه الليالي المباركة بالصلاة، والدعاء، والاستغفار، والأعمال الصالحة، فإنها فرصة العمر

أيها المسلم الكريم، العشر الأواخر من رمضان فيها ليلة القدر، وهي إحدى الليالي التي اختصَّ الله بها أُمَّة النبي مُحمد صلى الله عليه وسلم، وقد فَضَّلَ الله هذه الليلة على غيرها من الليالي، ولذلك دعا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المسلم إلى أن يتحرى هذه الليلة وأن يقدم العبادات فيها؛ لأن العبادة فيها أفضَلُ عند اللهِ مِن عبادة ألفِ شهر؛ ولما فيها من مغفرة الذنوب.

 

قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}  [القدر: 3]، فالعبادةُ فيها أفضَلُ عند اللهِ مِن عبادة ألفِ شَهرٍ، ليس فيها ليلةُ القَدرِ، وألفُ شَهرٍ تَعدِلُ: ثلاثًا وثمانينَ سَنَةً وأربعةَ أشهُرٍ.

 

قال مُجَاهِد (رحمه الله): {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ، عَمَلها، صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ".[1]

 

فمن عَبَدَ الله في ليلـة القـدر بصـلاة، وصدقة، وتلاوة للقرآن، واستغـفار، وتسبيـح، فهي أفضَـلُ عنـد اللهِ من عبـادة ( 83) سنة و(4) أشهر، فهل هناك عاقل يضيع هذه الليلة بالغفلة، والتفريط، والتقصير.

 

الليلة التي قال تعالى فيها {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 4، 5]، تنزِلُ الملائكةُ فيها إلى الأرضِ بالخَيرِ والبَرَكة والرَّحمةِ والمَغفرةِ، فهي ليلةٌ خاليةٌ مِنَ الشَّرِّ والأذى، وتكثُرُ فيها الطَّاعةُ، وأعمالُ الخَيرِ، والبِرِّ، وتكثُرُ فيها السَّلامةُ مِنَ العذابِ؛ فهي سلامٌ كُلُّها.

 

ولأهميتها نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يحدِّدها ويقرِّبها لنا، فيقول صلى الله عليه وسلم: (( {تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوَتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ}  )).[2]

 

والليالي الوترية هي: ( ليلة (21)، وليلة (23)، وليلة (25)، وليلة (27)، وليلة (29).

 

فاجتهد أخي المسلم في هذه الليالي المباركة بالصلاة، والدعاء، والاستغفار، والأعمال الصالحة، فإنها فرصة العمر، بل هي فرصتك الذهبية لتنال بها مغفرة الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ...» [3]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ».[4]

 

قالت أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القَدرِ، ما أقولُ فيها؟ قال: «قُولي: اللَّهُمَّ، إنِكَّ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي» [5].

 

فنسأل الله أن يجعلنا ممن يوفقون لقيام ليلة القدر، ويعيننا على ذلك، ونسأله أن يجعل قيامنا بين يديه خير قيام، اللهم إنِكَّ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّا.

 

ونسأله تعالى لنا ولكم الحفظ، والسلامة، والعافية من كل داء، وحسن الختام، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 


[1] تفسير القران العظيم لابن كثير: (8/ 443).

[2] صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر- باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر: (3/ 60)، برقم (2017).

[3] صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر- باب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ: (3/ 59)، برقم (2014)، وصحيح مسلم، كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا- بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، وَهُوَ التَّرَاوِيحُ:(1/ 523)، برقم (760).

[4] سنن ابن ماجه، كتاب أبواب الصيام- بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ:(2/ 560) بإسناد حسن.

[5] سنن الترمذي، كتاب أَبْوَابُ الدَّعَوَاتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- باب: (5/ 416)، برقم (3513)، قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

  • 0
  • 0
  • 1,856

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً