احذري: لا أهجر إلا اسمك وجسمك وكل شيء يخصك ؟!
( هذا الحصر لطيف جداً ؛ لأنها أخبرت أنها إذا كانت في حال الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا تتغير المحبة )
بسم الله الرحمن الرحيم
«عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية ، و إذا كنت عليّ غضبى ] قالت : من أين تعرف ذلك ؟؟ فقال : [ أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا و ربِّ محمد, و إذا كنت غضبى قلتِ : لا ورب إبراهيم ] قالت : أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك» [رواه البخاري] .
كثيرون هُم الذين يتأمـّـلون فِعله عليه الصلاة و السلام و حُسن عِشرته لزوجته ، حيث يتنبـّـه عليه الصلاة و السلام لمثل هذه الدقائق ..
و هذا مِن كمال خـُــلقه عليه الصلاة و السلام و حُــسن عِــشرته .
في الحديث لمحةٌ أخرى قد لا تتفطـّــن إليها الزوجات !
و هـَـمـّــهنَّ يتركّــز على فِعله عليه الصلاة و السلام ، و ينسين أنهنَّ مُطالبات بالإحسان كما يطلبنه مِن أزواجهنَّ .
لِـتـتأمل الزوجة العِتاب اللطيف الذي تمارسه عائشة – رضي الله عنها - ..
لا تهجر إلا اسم الرسول عليه الصلاة و السلام .
و ليست تهجر مناداته ، و لكنها تهجر إيراد اسمه حين تحلِف .
عِـتاب خفي لطيف منها – رضي الله عنها – تعتب فيه على زوجها مع إبقائها للمحبة بينهما .
لكن المتأمـّــل لحال الزوجة اليوم يجدها ..
تهجر اسم زوجها ..
تهجر خِدمته !
تهجر الحديث معه ؟!
تهجر النظر إليه ، عن أراد الحديث معها !
يحصل بينهما خِلاف ، فيعلم أهل البيت جميعًا بهذا الخلاف ! بسبب هذا الهجر ( الغير جميل ) و الذي يحرِج و قد يجرح زوجها .
تظنّ الزوجة أنها بِفعلها ستـثأر لكرامتها ! و تقوّم زوجها !
و ما علمت ، أو ما أدركت قوله عليه الصلاة و السلام [ ما كان الرِفقُ في شيءٍ إلا زانه ، و ما نُزِع مِن شيءٍ إلا شانه ]
هذا مع سائرِ الناس ، فكيف مع العشير الذي جمعت بينهما المودة و الرحمة و السـُــكنى ؟؟
إنّ إصرار الزوجة على معاقبة زوجها بمثل هذه القسوة ، و إشعاره بأنـّـه صاحِب خطأ لا يُغتفـَـر !
ينفـّــر الزوج مِن المُصالحة و البحث عن الصُلح ..
ثم قد ينفـِـر منها و حينها ستشكو ندامة .
إنَّ القلوبَ إذا تنافرَ وِدها = مِثلَ الزجاجِ كسرُها لا يُـشعَـبُ
و المشكلة حين تحمـِـل الزوجة مشاعِرَ المحبة الخالصة لزوجها ..
لكنها – بجهلٍ منها – تظنّ أنها ستعلّم زوجها أن لا يخطئ كمثل هذا مرةً أخرى .
و لا تعلم أنّ الرجـُـل يزعجه أن يجـِـد تقييمًا و تقويمًا مِن زوجته .
والله إن الإنسان يعجب حين يرى هذه الممارسة ( الجافة ) مِن الزوجة
و هي تقرأ في عين زوجها قوله :
و مِن البـلـيـّـة و الرزيّـة أنني = أقضي و لا تدري الذي قد حلَّ بي
فيحاول معها زوجها !
و يأتيها مِن كل الجهات كي ترضى ..
و لكنها تأبى حتى ( ما عاد يغلط عليها مرة ثانية ) !
إن العِتاب اللطيف مع تأكيد المحبة ، هو أبقى لحبائل الوِد ..
و هو أسكن لنفس الطرف المخطئ ، و أحفظُ لمشاعره .
قال الطيبي رحمه الله تعالى – تعليقاً على قول عائشة رضي الله عنها "ما أهجر إلا اسمك" :
( هذا الحصر لطيف جداً ؛ لأنها أخبرت أنها إذا كانت في حال الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا تتغير المحبة )
و كم مِن لحظة سكوت ..
و نظرةٍ معبـّــرة ..
تغني عن آلافٍ مِن كلمات العتب و إحراج المُخطئ .
إننا بحاجة لإتقان فَن المُصالحة ، و التلميح بالخطأ ..
و العتب اللطيف الذي لا يُشعـِـر الآخر بأن مشاعِر الوِد قد خـَــبتْ .
- المصدر: