صلاة الفجر فضائل ومنافع

منذ 2024-12-15

صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق، واختص الله صلاة الفجر بمكانة عظيمة من بين الصلوات، فجعل لها زيادة أجر، وكبير فضل، وعظيم مثوبة فاقت فيها بقية الصلوات..

الصلاة هي الركن العملي الأول في الإسلام، وهي عمود خيمته الذي لا قيام لها بدونه، وهي أفضل الأعمال عند الله بعد التوحيد، وهي الفيصل بين الإيمان والكفر، وهي عمود الدين، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، وبها يقوم عمله فإذا صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسدت وسائر عمله.

والمحافظة على الصلوات في أوقاتها في المساجد دليل إيمان، وعلامة إحسان، وشهادة لصاحبها عند الرحمن، {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة} [التوبة].

والتهاون فـي الصلـوات عموما علامة خذلان، وسبب وعيد بالنار من العظيم الجبار {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعـون:4، 5].
فإذا كان هذا الوعيد لمن أخر الصلـوات أو بعضها عن أوقاتها، أو جمع بعضها مع بعض أو تهاون في أدائهـا، فكيف بمن تركها كلا، ولم يرفع لها رأسـا.

وصلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، وليس تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، أو حين يقوم مثلا للذهاب إلى العمل أو الدراسة.

ومن الملاحظ والمؤسف أيضا أن أكثر من يتعرض لذلك طائفة الشباب؛ حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر فلا تكاد ترى شابا، وإنما لا تجد إلا من كبار السن والعجائز. حتى أصبح التخلف عنها سمة ظاهرة تحتاج أن ينبه عليها، بيانا لفضيلتها، وتحذيرا من تركها والتغافل عنهـا.

فوائد ومنافع وفضائل: 
إن الله تعالى اختص صلاة الفجر بمكانة عظيمة من بين الصلوات، فجعل لها زيادة أجر، وكبير فضل، وعظيم مثوبة فاقت فيها بقية الصلوات؛ ذلك لمشقتها على النفوس، فهي تأتي في ظلمة الليل، وفي وقت الراحة والنوم، فكان هجر الفراش خصوصا في ليالي برد الشتاء القارس، وترك النوم خصوصا مع التعب، والاستجابة لداعي الفلاح الصلاة خير من النوم ما يجعلها سبب التمايز بين العباد، والامتحان الصعب الذي يختبر به الإيمان، من نجح في هذا الامتحان حاز على الجوائز العظيمة في الدنيا والآخرة، والتي منها:

النور التام يوم القيامة: فجزاهم الله بمشيهم في الظلام إلى الصلاة بنور يجدونه يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين بالظلم (أي في الظلام) بالنور التام يوم القيامة». 

حفظ الله له: فمن صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله لقوله صلى الله عليه وسلم «من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله» (يعني في حفظه وحمايته وعهده).

شهادة الملائكة له عند الله: يقول صلى الله عليه وسلم: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ـ وهو أعلم بهم ـ كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون» (متفق عليه). فالذي يحافظ على صلاة الفجر تشهد له الملائكة يوميا عند الله عزوجل، وما أجملها وأجلها من شهادة.

شهود قرآن الفجر المشهود: كما قال سبحانه {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:78]، قال المفسرون في معناها: أن ما تقرأ به في صلاة الفجر من القرآن الكريم يكون مشهودا؛ أي أن ملائكة الليل والنهار يشهدونها، فظهرت لها الخصوصية والفضل.

سبيل لدخول الجنة: إن أداء صلاة الفجر في جماعة في وقتها مع أداء صلاة العصر في وقتها من أسباب دخول الجنة؛ لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول: «من صلى البردين دخل الجنة» (متفق عليه)، والبردان الصبح والعصر. وفي صحيح مسلم: [لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها].. والمراد بهذا صلاة الفجر وصلاة العصر.

من أسباب النظر إلى وجه الله الكريم في الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: «إنِّكم سترون ربَّكم كمَا ترون هذا القَمرَ لا تُضامونَ في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشَّمسِ وقبلَ غروبها فافعلُوا ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [سورة ق] والحديث متفق عليه.

حصول الثواب الكبير: ففي الحديث: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» ، قال بعض العلماء: هما سنة الفجر.. فإذا كان هذا أجر السنة فكيف بأجر الفريضة وهي أحب إلى الله؟ كما في الحديث القدسي: «وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه».

أجر قيام الليلفمن نعمة الله على أهل الفجر أن الله يكتب لهم بحضورهم إلى الفجر مع العشاء أجر قيام الليل، كما في صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله».. وكلام العلماء يفهم منه أن صلاة العشاء في جماعة تعدل نصف ليلة، والفجر تعدل نصف ليلة، فيكون مصليهما كمن قام الليل كله.

براءة من النفاق: صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فإن العبد إذا قام من نومه في منتصف ليله، وترك فراشه، وقام فتوضأ وخرج من بيته إلى المسجد على ما في كل ذلك من المشقة فإنما يدل على أن محبوب الله أحب إليه من محبوب نفسه، وأنه إنما فعل ذلك طاعة لله وابتغاء رضا مولاه، وإيثارا لما عند الله، بخلاف المنافق الذي يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» (لفظ مسلم).. قال الإمام ابن حجر: وَإِنَّمَا كَانَتْ الْعِشَاء وَالْفَجْر أَثْقَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرهمَا لِقُوَّةِ الدَّاعِي إِلَى تَرْكِهِمَا، لِأَنَّ الْعِشَاء وَقْت السُّكُون وَالرَّاحَة وَالصُّبْح وَقْت لَذَّة النَّوْم.. اهـ.
وقد كان السلف رحمهم الله إذا فقدوا الرجل في صلاة الفجر أساءوا به الظن.

إن أداء صلاة الفجر في وقتها يزيد النشاط ويريح النفس، ويبعد عن الإنسان الضيق والاكتئاب والكسل. وقد جاء في الحديث الصحيح: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ» (متفق عليه). ولذلك فإن أهل الفجر وجوههم مسفرة، وجباههم مشرقة، ونفوسهم طيبة، وأعمالهم زاكية، وأوقاتهم مباركة.


وإن من فوائد صلاة الفجر أيضا: أن تكون بداية اليوم بالطاعة، والمساعدة على تنظيم الوقت، وتحصيل بركة البكور، وهو وقت الحفظ لطلبة العلم، وكذلك المزايا الصحية في استنشاق هواء الفجر النقي المفعم بالأكسجين، وغير ذلك من المنافع.

فنصيحتي لك أخي الشاب أن تلحق بهذه الفئة الطيبة بالحرص على هذه الصلاة المباركة، والحذر من إضاعتها والنوم عنها، فإن الله قد حذر من كان هذا ديدنه فقال: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}(مريم:).
قال العلماء ليس معنى أضاعوها: تركوها. ولكن أخروها عن أوقاتها.

معينات على صلاة الفجر:
فإذا أردت أن تزكي نفسك، وتطهر قلبك، وتتغلب على شيطانك، وتلحق بهذا الركب المبارك وتكون من أهل الفجر، فخذ بأسباب ذلك، والتي من أهمها:
صدق الرغبة: فإن الله إذا علم من قلبك صدق الرغبة في الاستيقاظ لها أيقظك، فإن فاتك يوم أثابك على نيتك فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.

ترك السهر: فالنوم المبكر من أهم أسباب الاستيقاظ للفجر، فدع السهر أمام الشاشات والأفلام أو مع الجوال أو مع الأصدقاء، واترك كل سهر لا يفيد، واخلد لنومك مبكرا، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السمر بعد العشاء، يعني في غير مصلحة.

ترك الذنوب: خصوصا ذنوب الخلوات، وذنوب النظر المحرم، فكم من إنسان حرم الطاعة بسبب الذنوب.

احرص على الأسباب المساعدة: كالنوم على وضوء، وكثرة الاستغفار، وضبط المؤقت والمنبه، ووصية بعض الأهل أو الجيران أو الأصدقاء بإيقاظك.

وأخيرا عليك بالدعاء والإلحاح على الله؛ فإنه علامة صدق ودليل توفيق، وسبيل لتحقيق المراد {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [سورة غافر]. {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [سورة العنكبوت].
أسأل الله لي ولك التوفيق ولجميع المسلمـين.
 

  • 18
  • 1
  • 4,789
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    تدجين وتجنيد! لم تعد هناك حاجة مُلحة إلى تجنيد ميليشيات جديدة لحرب المجاهدين، فقد وصلت أساليب "مكافحة الإرهاب" إلى مرحلة متقدمة يتم فيها احتواء وتدجين "جهاديين سابقين" للقيام بالمهمة، بما يضمن مصالح النظام الدولي الكفري، ويشبع رغبة المفتونين بالحكم، رأينا ذلك في نسخ عديدة أبرزها "حكومة طالبان" وأحدثها "حكومة الإنقاذ" وكلاهما دخل القصور الرئاسية بموافقة الجهات المعنية. وكنا طرحنا قبل سنوات أن سبب عدم سقوط النظام النصيري "رسميا" رغم سقوطه "فعليا"، هو "غياب البديل"! لأن البديل كان آنذاك إما الدولة الإسلامية، أو الفوضى العارمة التي تهدد أيضا حدود اليهود، ولذلك حالت الجهود "الأمريكية اليهودية الروسية الإيرانية" مجتمعة دون إسقاطه، لكن يبدو أنه خلال هذه السنوات وعبر "إستراتيجية التدجين"، تم إنضاج البديل على نار هادئة بعد أن صنع من مقره في "إدلب" نسخة مصغرة لشكل "سوريا المستقبل" وصدّر صورة مقبولة دولية لنظام وطني "غليظ" مع الأكثرية المؤمنة "رقيق" مع "الأقلية" الكافرة. تدجين وترويض هذه الهيئات يتم عبر مسارات طويلة في أقبية مراكز الدراسات والاستخبارات، تمر بعمليات فحص واختبارات عديدة للتأكد من مدى جدية وتفاني هذه الهيئات في محاربة الجهاد وهدم العقيدة!، وتستمر في ذلك السقوط حتى تصل إلى "مرحلة نضج" تمكّنها من استلام التكاليف الحكومية الأمنية أو الإدارية، كما رأينا مؤخرا في سوريا ومن قبل في أفغانستان. وبناء عليه، توالت تصريحات مسؤولين يهود وأمريكيين وروس وإيرانيين وغيرهم حول "فتح قنوات اتصال" مباشرة وغير مباشرة مع "المعارضة السورية!" بعد تسلّمها الحكم خلفا للنظام النصيري، هذه الاتصالات لم تكن وليدة اللحظة الثورية، فلم يستيقظ قادة هذه الدول على أخبار سقوط المدن والبلدات بسرعة الآليات! ليقولوا يا للهول!، لقد سقط الأسد! علينا أن نتصل بقادة المعارضة الآن! وأن ننسق معهم قبل فوات الأوان! ليس هذا ما حدث، إن ما حدث عملية إبدال مدروسة للنظام النصيري بنظام جديد يحارب الشرع بـ"الشرع!". أما عن أسباب إذعان الحركات الجهادية إلى هذا المسار الجاهلي، ولماذا تنكث غزلها وتنقلب على أعقابها؟! فالأسباب والتفسيرات كثيرة طويلة طول مسارات الحرب على الجهاد التي ترعاها قوى الكفر، لكن لعل أبرزها: وصول هؤلاء "الجهاديين المدجنين" إلى نتيجة حاسمة أنه لا جدوى من سلوك سبيل الجهاد في إحداث التغيير المنشود، لأنهم سيصطدمون بكل قوى الكفر العالمي وسيدفعون أثمانا كبيرة لم تطقها قلوبهم المريضة ولا نفوسهم المروّضة فيجنحون إلى مداهنة ومسايرة الجاهلية الدولية بدلا من مصادمتها ومفاصلتها، وصارت تلك عندهم حنكة ونضجا بعد أن كانت ردة وخيانة ونكوصا. ولذلك بعد 13 عاما من "الجهاد الثوري" في الشام، أصبح الولاء والبراء "طائفية" وفُسّرت الثورة بأنها "قتال اضطراري" ضد "أسرة حاكمة" متسلطة رفضت الحوار وتقاسم السلطة! وليست حربا دينية ضد نظام نصيري كافر حتى بدون "صيدانيا" ومشتقاته، ولذلك خلت خطابات "مهووس السُّلطة واللَّقطة" من وصف النظام بــ"النصيري" خشية أن تُحسب عليه! وهو ما لا يقبله رعاة النظام الجديد ولا دستورهم الجاهلي المزمع تفصيله قريبا ليناسب مقاس "سوريا المستقبل" مع قرب أفول حدود "سايكس - بيكو" وبروز حدود "نتنياهو - ترامب". ◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 473 الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ مقال: تدجين وتجنيد!
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    تدجين وتجنيد! وفي سياق النضج الجاهلي لم يغب عن هؤلاء الوطنيين وهم يشرحون معالم "سوريا المستقبل" أن يُظهروا تمايزهم عن الدولة الإسلامية مع أن هذا التمايز لا تخطئه العين، لكنهم حريصون على تذكير المعنيين بأنهم على منهاج النظام الدولي ومواثيقه الجاهلية! وليسوا بحال على منهاج النبوة الذي يكلفهم الكثير. على النقيض تماما، من سلوك دول الكفر المتلائم مع "الجهاديين المدجنين"؛ تقاطرت نفس هذه الدول الكافرة على إعلان خشيتها وتكرار تحذيراتها من استغلال الدولة الإسلامية للأحداث الجارية، وفي هذا السياق نفسّر سلسلة الغارات الكثيفة التي شنها التحالف الصليبي على مواقع الدولة الإسلامية في "وسط سوريا" قبيل الحدث بأسابيع قليلة، ثم كررها تزامنا مع الحدث رغم بعد "الوسط" عن حدود دويلة يهود. ولأن التحليلات تصيب وتخطىء، ولأن التقلبات والمتغيرات السياسية لا تهدأ؛ فإن من سياسة (النبأ) ربط المسلمين بالعقائد والمناهج فإنها لا تتبدل بمرور الأيام ولا بتغير الأحداث لأن ميزان الشرع ثابت، خلافا لسياسة الحركات والأحزاب الجاهلية ومناهجها المتغيرة. في البعد الإيماني للحدث، ظهر تدبير اللطيف الخبير وحكمته البالغة في دفع هؤلاء الشركاء المتشاكسين بعضهم ببعض، ما نتج عنه فكاك أسارى المسلمين بعد سنوات طويلة من التعذيب في سجون "الأقلية" النصيرية، وإن كانت الصورة التي جرى عليها الحال، لم تحقق للمسلمين شفاء وثأرا تاما من أئمة الكفر وجزاري النظام النصيري، لحكمة قدرها الله تعالى، ولعل شفاء صدور المؤمنين والمؤمنات واكتمال فصول ثأرهم يكون على أيدي الأُسد الغضاب الذين يعاقبون المعتدي بأحكام الشريعة لا أحكام الدستور، فلا تأخذهم في الله لومة لائم سلفهم محمد ﷺ وصحبه {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}. في السياق المنهجي، أظهرت الأحداث الأخيرة مجددا تشوّه مفهوم "التحرير" عند العامة والخاصة، فيوم سقطت المناطق في أيدي المليشيات الكردية قالوا تحررت! ويوم سقطت في أيدي النصيرية قالوا تحررت! ويوم سقطت في أيدي الصحوات التركية أو الأمريكية قالوا تحررت! والقاسم المشترك بين هذه الحالات المتباينة هو انحياز الدولة الإسلامية منها بعد أن حكمتها بالشريعة الإسلامية، فهل "التحرر" عند هؤلاء هو التحرر من حكم الإسلام؟! إن التحرير يعني أن يعلو المكان والإنسان أحكام الشريعة الإسلامية، فتحكم المسلم في أقواله وأفعاله، بل حتى في حبه وبغضه وموالاته ومعاداته، وبالنظر إلى واقع الشام، فلا شك أن التحرير بمفهومه الشرعي ما يزال مفقودا. وعليه، فمن كان خلافه مع الأسد وعائلته وحاشيته وصورته وتمثاله، فقد انتهت ثورته، ومن كان خلافه مع نظام مرتد يقوم على تعطيل الشريعة والاحتكام للمجالس الانتخابية والدساتير الكفرية وحماية المراقد الوثنية وموالاة الكافرين دولا وأقليات، بحجة "العلاقات الدولية" و"التنسيق الوطني"، فإن المشكلة ما زالت قائمة، بل ستتفاقم، ولذلك سيتواصل الجهاد على ثرى الشام لأن غايته سيادة الشريعة ونبذ الشرك، أما الثورة فتتوقف عند حدود صناديق الاقتراع؛ {وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا}. ◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 473 الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ مقال: تدجين وتجنيد!

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً