وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
ثم إن تلك الدعوة إنما تحققت بعد آلاف السنين ، ببعثة سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا ، وسراجا منيرا ، فسبحان الأعلم بعباده وما يصلحهم
قال تعالى : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }
الدعاء عبادة جليلة ، وكنز عظيم ، وإفراد الله تعالى وحده به أصل من أصول التوحيد ، ومقصد من أجل مقاصد دعوة الرسل عليهم السلام ، وهو مفتاح للخيرات والبركات ، ولا تذهب دعوة من العبد لربه سدى أبدا ، بل الرب حيي كريم جواد بر رؤوف ، لا يرد يدي عبده صفرا خائبتين قط ، و ما من دعوة - لم يتلبس صاحبها بمانع من الموانع - إلا أعطي بها واحدة من ثلاث : إما أن يعجل الله له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها .
وإنما صرف كثيرا من الخلق عن الدعاء وزهدهم فيه : عجلتهم ، وجهلهم بالعواقب ، وخلل موازين الدنيا والآخرة عندهم ، واعتراضهم الخفي أو الجلي على حكمة الله في تأخير العطاء أو تعجيله ، مع أن الأمر كله له سبحانه ، يقبض ويبسط ، ويعطي ويمنع ، ويرفع ويخفض ، ويضحك ويبكي ، ويعز ويذل ، حكمه في عباده ماض لا معقب له ، وقضاؤه عدل لا ظلم فيه ، ولا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، ولا ينفع ذا الجد منه الجد .
وهل أتاك نبأ دعوة عظيمة من نبيين كريمين وهما إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وهما يرفعان قواعد أعظم بيت على وجه الأرض وفي أشرف مكان وأطهره وهو بيت الله الحرام { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
ثم إن تلك الدعوة إنما تحققت بعد آلاف السنين ، ببعثة سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا ، وسراجا منيرا ، فسبحان الأعلم بعباده وما يصلحهم ، وكل شيء عنده بمقدار {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
- التصنيف: