الاستنصار بالدعاء وعشر ذي الحجة
ها نحن نعيش قي خضّم الأشهر الحرم التي يضاعف فيها الثواب والعقاب قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36].
أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل؛ فإن الأيام قد أسرعت بنا إلى قبورنا، وأنقصت شهورنا وأعوامنا، وما ذاك إلا من أعمارنا، ولن نجد أمامنا إلا أعمالنا، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} [الأنبياء: 94].
أيها الأخوة في الله: ها نحن نعيش قي خضّم الأشهر الحرم التي يضاعف فيها الثواب والعقاب قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36].
قال القرطبي رحمه الله: لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظَّم شيئاً من جهةٍ واحدةٍ صارت له حرمةٌ واحدة، وإذا عظّمه من جهتين أو جهاتٍ صارت حرمتُه متعددةً فيضاعف فيها العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال...اهـ
ومع ما تمر به الأمة في هذه الأزمنة من ويلات وضعف وتفرق ونكبات.. فإن مِنْ تَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ لُجُوءُهُمْ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي الْمُلِمَّاتِ واستغلال الأوقات الفاضلة العظيمة بالتضرع لَهُ، وَالانْطِرَاحِ عَلَى بَابِهِ، وَطَلَبِ الحوائج واستنزالِ النَّصْرِ وَالْأَمْن والسكينة مِنْهُ سُبْحَانَهُ دُونَ سِوَاهُ؛ ومن كَتَبَ الله لَهُ النَّصْرَ فَلَنْ يُهَزَمَ مَهْمَا بَدَا ضَعِيفًا {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160].
وَهَذِهِ حَقَائِقَ مُسَلَّمَةٌ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَتَطَرَّقَ إِلَيْهَا الشَّكُّ أَبَدًا، وَلَكِنَّهُمْ يَغْفُلُونَ.
إِنَّ الاسْتِنْصَارَ بِالدُّعَاءِ، وَنُصْرَةَ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِهِ هُوَ أَعْظَمُ سِلَاحٍ يَمْلِكُهُ الْمُؤْمِنُونَ لَوْ عَمِلُوا بِهِ، وَاسْتَمَرُّوا عَلَيهِ، وَلَمْ يَسْتَبْطِئُوا الْإِجَابَةَ.
وَلَقَدْ كَانَ الدُّعَاءُ سِلَاحَ الْمُرْسَلِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ فِي مُوَاجَهَةِ كل بلاء وفتنة وكل معترك في الحياة.. فيُلِحُّونَ وَيُلِحُّونَ حَتَّى يَتَنَزَّلَ نَصْرُ اللهِ تَعَالَى، يدعون دُعَاءَ مَنْ أَخَذ بِأَسْبَابِ الْإِجَابَةِ، وَجَانَبَ مَوَانِعَهَا. وكانوا يقصدون الدعاءَ في الأماكن والأزمنة الفاضلة ويلحون فيها كالأشهر الحرم ورمضان والجمع وعشر ذي الحجة ونحوها..
وَأَمْرُ الدُّعَاءِ عَظِيمٌ، وَشَأْنُهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى كَبِيرٌ؛ فَهُوَ الْعِبَادَةُ، وَهُوَ لُبُّهَا وَمُخُّهَا، وَهُوَ الَّذِي يَمْنَعُ الْمَقْدُورَ، وَيَرْفَعُ المَكْرُوهَ.
بِدُعَاءِ نُوْحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَغَرَقَ اللهُ سُبْحَانَهُ الْأَرْضَ كُلَّهَا، وَلَمْ يَنْجُ مِنَ الْغَرَقِ إِلَّا نُوحٌ وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ؛ {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [القمر: 9-15].
وَاسْتَنْصَرَ الْكَلِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ؛ فَدَعَا قَائِلًا: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ} [يونس: 88]، فَكَانَ جَوَابُ اللهِ تَعَالَى لَهُ: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [يونس: 89]،..
وَكَانَتْ سُنَّةُ اللهِ تَعَالَى فِيهِمْ إِجَابَةَ دُعَائِهِمْ، وَنَصْرَهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ، وَذَكَرَ اللهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَنِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ؛ {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ} [آل عمران: 146-147]، وَكَانَتْ نَتِيجَةُ اسْتِنْصَارِهِمْ بِاللهِ تَعَالَى وَدُعَائِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، {فَآَتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآَخِرَةِ} [آل عمران: 148]، وَثَوَابُ الدُّنْيَا هُوَ النَّصْرُ عَلَى الْأَعْدَاءِ.
ووقف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فِي بَدْرٍ وَهِيَ أَوَّلُ مَعَارِكِهِ وَأَكْبَرُهَا يَدْعُو اللهَ تَعَالَى وَيَسْتَنْصِرُهُ، وَيُلِحُّ فِي دُعَائِهِ، وَوَصَفَ ذَلِكُمُ الْمَشْهَدَ الْمُؤَثِّرَ عُمْرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَائِلًا: فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ» »، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ؛ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَسَارَ الصَّحَابَةُ وَالْقَادَةُ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى هَذَا الْمَنْهَجِ النَّبَوِيِّ فِي الاسْتِنْصَارِ بِالدُّعَاءِ، وَنُصْرَةِ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِهِ، وَفِي فَتْحِ فَارِسَ قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: شَهِدْتُ القِتَالَ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ، وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، وَفِي رِوَايَةٍ لِغَيْرِ الْبُخَارِيِّ: فَقَالَ النُّعْمَانُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَقَرَّ عِيْنِي الْيَوْمَ بِفَتْحٍ يَكُونُ فِيهِ عِزُّ الْإِسْلَامِ، وَذُلُّ الْكُفْرِ، وَالشَّهَادَةُ لِي، فَوَقَعَ مَا دَعَا بِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ إِذِ انْتَصَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْفُرْسِ، وَاسْتُشْهِدَ النُّعْمَانُ.
وَمِنْ أَشْهَرِ قَادَةِ الْمُسْلِمِينَ صَلَاحُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَقَدْ لَازَمَهُ الْقَاضِي ابْنُ شَدَّادٍ فِي مَعَارِكِهِ؛ فَحَكَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى فِي مَعَارِكِهِ أَوْقَاتَ دُعَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: وَكَانَ أَبَدًا يَقْصِدُ بَوَقَعَاتِهِ الْجُمَعَ سَيَّمَا أَوْقَاتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ؛ تَبَرُّكًا بِدُعَاءِ الْخُطَبَاءِ عَلَى الْمَنَابِرَ، فَرُبَّمَا كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَى الْإِجَابَةِ.
وَحُكِى عَنْهُ ذَاتَ مَرَّةٍ أَنَّهُ لَمْ يَنَمِ اللَّيْلَ مِنْ هَمِّ مَعْرَكَةٍ كُبْرَى، فَأَشَارَ عَلَيْهِ ابْنُ شَدَّادٍ بِالْإِخْلَادِ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَدُعَائِهِ وَاسْتِنْصَارِهِ، وَتَقْدِيمِ صَدَقَةٍ بَيْنَ يَدَيِ ذَلِكَ، يَقُولُ: فَفَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ عَلَى الْعَاَدِةِ، وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْأذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَرَأَيْتُهُ سَاجِدًا وَدُمُوعُهُ تَتَقَاطَرُ عَلَى شَيْبَتِهِ، ثُمَّ عَلَى سِجَّادَتِهِ، وَلاَ أَسْمَعُ مَا يَقُولُ، فَلَمْ يَنْقَضِ ذَلِكَ اليَوْمُ حَتَّى وَصَلَتْ رُقْعَةٌ... فِيهَا أَنَّ الفِرَنْجَ مُخْتَبِطُونَ...
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَاعْتَصِمُوا بِالله هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78].
أيها الأخوة: نحن في عشر ذي الحجة وهي عشر عظيمة مباركة، فضَّلها الله تعالى على غيرها من الأيام، فأقسم سبحانه بها في كتابه العزيز {وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2] جاء في حديث جابر رضي الله عنه عند الإمام أحمد: أنها عشر ذي الحجة، واختصها الله تعالى بذكره سبحانه في قوله {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 27] فالأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، وقد اختار الله تعالى أن يكون العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها؛ كما جاء في حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: " «ما الْعَمَلُ في أَيَّامِ العشرِ أَفْضَلُ من العمل في هذه» ، قالوا: ولا الْجِهَادُ؟ قال: «ولا الْجِهَادُ إلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» " (رواه البخاري).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره" اهـ.
وقد ذكر شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله تعالى أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان باعتبار أيام التروية وعرفة والنحر، وأن ليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة باعتبار ليلة القدر فيها.
ومع انفتاح الدنيا على كثير من الناس باتوا يستغلون كلَّ إجازة قصيرة أو طويلة، في الترفيه واللعب والغفلة والسفر، ولربما كان ذلك بما يضرهم من تضييع الجمع والجماعات، والتهاون بالصلوات، وترك نوافل العبادات، والغفلة عن ذكر الله تعالى وشكره، وقد يشاهدون في أسفارهم ومتنزهاتهم منكراتٍ لا يستطيعون إنكارها، ولا يفارقونها فيتحملون آثام سكوتهم عنها،، وقد يوقعون أنفسهم أو أولادهم فيما حرم الله تعالى عليهم وهم في غنى عن ذلك.
وسبحان الله!!.. الحجاج يقدمون من كل فج، ويتحملون كثرة النفقات، ومشقة السفر، وشدة الزحام والانتظار في المطارات؛ لأداء مناسكهم، وتعظيم شعائر الله تعالى، وذكره في الأيام المعلومات، وهؤلاء على العكس من ذلك، يتحملون مشقة الرحلة، وعَنَتَ السفر ونفقاته فيما يشغلهم عن عمارة هذه الأيام بذكر الله تعالى وعبادته..
إن مشقة العمل الصالح تزول ويبقى الأجر، وإن لذة المعاصي تزول ويبقى الوزر. وإن من الخسران أن تكون هذه العشر المباركة عند الناس كغيرها من الأيام!!
عباد الله: ..ومن كان في نيته أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره من أول ليالي العشر؛ لما جاء في حديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُم أَنْ يُضَحِّيَ فلا يَمَسَّ من شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شيئا) وفي رواية (فلا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا ولا يَقْلِمَنَّ ظُفُرًا» (رواه مسلم).
وليت شعري لعّل من تعوّد على حلق لحيته طوال العام أن تكون هذه العشر بداية لتركها إلى الأبد فيلقى الله عز وجل بها امتثالا لسنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم..
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]....
[1] مستفادة ومختصرة من عدة خطب ومواعظ.
_________________________________________
الكاتب: د. صغير بن محمد الصغير
- التصنيف: