دعاء يوم عرفة
" خير الدعاء دعاء يوم عرفة.."
بسم الله الرحمن الرحيم
في أعظم أيام العام، وفي أنفس ساعات الدهر كن أعبد النّاس، وأخلصهم حالاً، وأصدقهم طلباً، وافقرهم لربه، وأشدّهم حاجة لمولاه، وأسرعهم توبةً إليه.
ارفع يديدك في هذا اليوم الأغر، وفي هذه الساعات - النفيسة العزيزة - فلا تدع طلباً إلا طلبته، ولا سؤالاً إلا وسألته، ولا حاجةً إلا وكنت أصدق النّاس في طلبها، ولتكن مطالبك عزيزة، ومسألتك نفيسة،
أصدق في طلب الهداية فهي - وربي - أنفس المطالب، وهل أمرُ ربنا بأن نسأله إياها في كل صلاة إلا دليلاً على ذلك!
لنصدق - اليوم - في طلب التوبة فلعله يوم السعادة الأبدية.
كن متاجراً مع مولاك في أن يجعلك مصلحاً لعباده فهذه - لعمر الله - من أصدقت الطلبات، وهاتلك من أنفس السؤلات، وهل كان أنبياء الله عليهم السلام - وهم صفوة الخلق - إلا كذلك!!
" الدعاء اليوم "
هو العبادة الحق والباب الألزم للمخلصين ففي الحديث :
" خير الدعاء دعاء يوم عرفة.."
تفرّغ له عشية عرفة وأقطع العلائق بالأرض وأهلها ولتكن لك مع السماء أصدق المناجاة.
ربك - ياهذا - يحب الملّحين في الدعاء فكن عبداً لحوحاً لمولاك كثير السؤال له.
كرّر طلبك ولا تمل.
وأعد السؤال ولا تيأس فلعله أخرّ لك بعض المطالب لحبه بسماع تذللك وصدق مناجاتك ولمصالح لا يحيط بها علمك.
جرّب لذة المناجاة - اليوم - بأن تخلو بروحك ولو كنت بين النّاس.
( اخلُ به بأصدق عبارة، وأخلص عبادة، وأرفع كرامة، وأجل طاعة )
عبادة اليوم - هي الدعاء - وليس همّ إلا الدعاء
يقف نبيك صلى الله عليه وسلم في عرفة فيرفع يديه من بعد الزوال إلى مغيب الشمس حتى أن خطام الناقة يسقط فلا يُنزل إلا يداً واحدة وتظل الأخرى مرفوعةً للسماء لئلا ينقطع حبل الوصل، فيالله كم في هذا الفعل من درس وعبرة!
" عشية هذا اليوم " وهي من بعد العصر اجعلها - خالصة - لله لا يشاركك فيها أحدٌ من الخلائق.
أغلق جوالك
تأدب بآداب الدعاء
صلِ على نبيك في أوله ووسطه وآخره.
أكثر من الثناء على ربك فيه فربك يُحب الثناء.
اسأل ربك كل شيء - نعم كل شيء - ولا تستكثر طلباً فربك - يامؤمن بعظتمه - كريم جدُ كريم، جواد واسع الجواد، سحّاء الليل والنهار..
إذا أعطى أدهش بالعطاء.
سله كل حاجة وكن طمّاعاً في الفضل.
لا تستكثر طلباً - فإنه كريم - ولا تستعظم طلباً - فإنّه عظيم - ولا يجعلك نظرك لحالك وأنك مذنب - وكلنا ذاك - فتظن أنه لا يجيب بل ربك رحمن رحيم.
أكثر " اليوم " من شهادة التوحيد " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " أكثر منها اليوم فهو الذكر الذي لزمه نبيك عليه الصلاة والسلام والأنبياء قبله.
قلها وأكثر من قولها متذكراً هؤلاء الأنبياء والأصفياء وهم يقولونها في هذا اليوم.
قلها ليمتلأ قلبك توحيداً وإجلالاً وتعظيماً لربك، لتعرف أنّك تسأل جليلاً، وتدعو عظيماً، تدعو رباً واحداً في ذاته وصفاته وأفعاله لاشبيه له ولا مثيل ولذلك ستسأله وقد امتلأ القلب له تعظيماً وإجلالاً وتوحيداً.
ختاماً
لنجدد التوبة اليوم فإنّه يوم التائبين المنيبين المستغفرين خصوصاً وقد ظهر فقرهم وعظمت حوائجهم لربهم.
فيارب اغفر لقارئ رسالتي، وحقق له كل أمنية، واغفر لي وله كل خطيئة، واجعلني وإياه من عبادك الصالحين المنيبين المستغفرين.
يارب اجعلنا اليوم أحظى عبادك برحمتك، وأكثرهم تحقيقاً لأمنياته، وأوسعهم تلقي لفضلك وأسعدهم يوم لقائك.
اللهم آمين.
كتبه محب الخير لك / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
من أرض عرفات صبيحة التاسع من شهر ذي الحجة لعام ثمان وثلاثين وأربع مائة وألف.
________________________________________________
الكاتب: عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
- التصنيف: