من أقوال السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -2
** قال الإمام الشاطبي: نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضناً ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين حتى والله لقد رموني بالعظائم وأيم الله لا أدع أقوم فيهم بحقه
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: شدة عداوة الشيطان لبني آدم؛ حيث يرعبهم ويخوِّفهم بأوليائه، وأنه يجب على المؤمن ألَّا يخاف من أولياء الشيطان؛ لقوله: {﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ } [آل عمران: 175]، وكلما قوي الإيمان بالله قوي الخوف منه، وضعُف الخوف من أولياء الشيطان
- عدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من العقوبات الدينية:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: العقوبة أنواع كثيرة: منها ما يتعلق بالدين، وهي أشدُّها؛ لأن العقوبات الحسية قد يتنبَّه لها الإنسان، أما هذه فلا ينتبه لها إلا من وفَّقه الله، وذلك كما لو خفت المعصية في نظر العاصي، فهذه عقوبة دينية تجعله يستهين بها، وكذلك التهاون بترك واجب، وعدم الغيرة على حرمات الله، وعدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك مصائب، ودليله قوله تعالى: {﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ﴾} [المائدة: 49] ـ
- تلبيس إبليس على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: يلبس إبليس على بعض المتعبدين فيرى منكراً ولا ينكره, ويقول: إنما يأمر وينهى من قد صلح, وأنا ليس بصالح, فكيف آمر غيري, وهذا غلط لأنه يجب عليه أن يأمر وينهى, ولو كانت تلك المعصية فيه, إلا أنه متى أنكر متنزهاً عن المنكر أثَّر إنكاره.
- ميت الأحياء الذي لا ينكر المنكر:
سئل حذيفة رضي الله عنه عن ميت الأحياء, فقال: الذي لا ينكر المنكر بيده, ولا بلسانه, ولا بقلبه.
ـــــــــــــــــــ
- الاتحاد وعدم التفرق من أسباب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: إليك سراً عظيماً من أسرار القرآن, فإن الله سبحانه وتعالى لما قال: ﴿ {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ﴾ [آل عمران:104]
والأمر بالمعروف كما قال ابن جرير: قوله: ﴿ { تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} ﴾ فإنه يعني: تأمرون بالإيمان بالله ورسوله, والعمل بشرائعه, و ﴿ { وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} ﴾ يعني: تنهون عن الشرك بالله, وتكذيب رسوله, وعن العمل بما نهى عنه.
لما ذكر الله هذه الآية _ ومعناها كما علمت في الشمول للدعوة إلى الله تعالى _ أعقبها الله تعالى بقوله: ﴿ {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ﴾ [آل عمران:105] وفي هذا إشارة لطيفة وربط عظيم بين واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والافتراق, فكأن هاتين الآيتين تشيران إلى أنه لا يمكن للأمة أن تقوم بهذا الواجب إلا إذا كانت متحدة متعاضدة متماسكة, أمة واحدة وجسد واحد, أما إذا افترقت الأمة, وتوازعتها النحل والأهواء والفرق, فهي عاجزة بنفسها, فلا يمكن لها القيام بالواجب عليها نحو غيرها.
- الغرباء الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر:
قال العلامة ابن باز رحمه الله: الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس, ويُصلحُون ما أفسد الناس, بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- حال بعض السلف مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
عن شجاع بن الوليد قال: قال أبي: كنتُ أخرجُ مع سفيان الثوري رحمه الله فما يكاد لسانه يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذاهباً وراجعاً.
ــــــــــــــــ
- الرفق واللين عند الأمر بالمعروف, أو النهي عن المنكر:
** قال الإمام النووي رحمه الله: ينبغي للآمر بالمعروف, والناهي عن المنكر, أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: حسن الملاطفة, والرفق في الانكار.
** قال العلامة عبدالله بن محمد ابن حميد رحمه الله: الآمر والناهي ينبغي أن يستعمل الأساليب التي فيها لين ورفق ورحمة لكي يحبه الناس, ويستمعوا إلى لقوله, ولكي تنعطف قلوبهم إليه, لأنك تسعى لإصلاحهم ولمّ شملهم وتعليمهم وهدايتهم, لا الشماتة بهم وتحقيرهم وفضحهم والسخرية منهم, وهذا ديدن الطبيب, فإنه لا ينتهر المريض, بل يلين له القول, حتى يقبل منه, ويستمع إليه.
** قال العلامة عبدالله بن حسن القعود رحمه الله: كلما كان الإنسان هادياً, وكان متحبباً إلى الناس, وكان ملتزماً للخير كان أدعى لقبول قوله وأسمع.
ومن الأساليب اللين والتودد يقول تعالى: ﴿ { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ﴾ [آل عمران:159] بين لنا الله سبحانه وتعالى أن اللين والتودد في الدعوة, وفي الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, ما لم يكن فيه إهانة للعلم, وإهانة للآمر بالمعروف, والناهي عن المنكر.
فالآمر والناهي ينبغي أن يستعمل الأساليب التي فيها لين ورفق ورحمة لكي يحبه الناس, ويستمعوا إلى لقوله, ولكي تنعطف قلوبهم إليه, لأنك تسعى لإصلاحهم ولمّ شملهم وتعليمهم وهدايتهم, لا الشماتة بهم وتحقيرهم وفضحهم والسخرية منهم, وهذا ديدن الطبيب, فإنه لا ينتهر المريض, بل يلين له القول, حتى يقبل منه, ويستمع إليه.
ـــــــــــــ
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ومما يندب إلى إلانة القول فيه: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وأن يكون برفق, كما قال تعالى في حق الكفار ﴿ {وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ} ﴾ [النحل:125] وكان كثير من السلف لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا سراً فيما بينه وبين من يأمره وينهاه.
- لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال:
** قال الإمام النووي رحمه الله: لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال, بل عليه الأمر وإن كان مخلاً بما يأمر به, والنهي وإن كان متلبساً بما ينهى عنه, فإنه يجب عليه أن يأمر نفسه, وينهاها, ويأمر غيره, وينهاه, فإذا أخلّ بأحدهما, فكيف يباح الإخلال بالآخر.؟
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: لا بد للإنسان من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والوعظ والتذكير, ولو لم يعظ الناس إلا معصوم من الزلل لم يعظ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد, لأنه لا عصمة لأحد بعده:
لئن لم يعظ العاصين من هو مذنب فمن يعظ العاصين بعـد محمـد
- درجات إنكار المنكر:
** قال ابن القيم رحمه الله: إنكار المنكر أربع درجات:
الأولى: أن يزول ويخلُفه ضدُّه. الثاني: أن يقلً وإن لم يزل بجملته.
الثالث: أن يخلفه ما هو مثله. الرابع: أن يخلفه ما هو شر منه.
فالدرجتان الأُوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ترك إنكار المنكر خشية الوقوع فيه أنكر منه.
وجوب التأني عن الانكار في المحتملات.
ـــــــــــــــــــ
- كراهة المنكر بالقلب ومغادرة المكان عند العجز عن الأمر بالمعروف:
** كان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يأتي العمال, ثم قعد عنهم, فقيل له: لو أتيتهم فلعلهم يجدون في أنفسهم, فقال: أرهب أن تكلمت أن يروا أن الذي بي غير الذي بي, وإن سكتُ رهبة أن آثم. قال الإمام الغزالي رحمه الله: وهذا يدل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف فعليه أن يبعد عن ذلك الموضع
** قال الإمام النووي رحمه الله: القيام بالأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, أجمع العلماء على أنه فرض كفاية, فإن خاف من ذلك على نفسه, أو ماله, أو على غيره, سقط الانكار بيده, ولسانه, ووجبت كراهته بقلبه.
** قال ابن حجر رحمه الله: إنكار المنكر بإظهار الغضب إذا لم يستطيع أكثر منه.
- الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر معرض للأذى من شياطين الإنس والجن
** قال أويس القرني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً
** قال الإمام الشاطبي: نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضناً ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين حتى والله لقد رموني بالعظائم وأيم الله لا أدع أقوم فيهم بحقه
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فيه الترغيب في احتمال الأذى عند بذل النصيحة, ونشر الموعظة.
** قال الإمام البقاعي رحمه الله: اعلموا أيها الإخوان....أنه لا يقدم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا من جعل نفسه هدفاً للحتوف, وتجرع مرّ الكلام ما هو أمرُّ من السهام, فإن الناهي عن المنكر يعاني الهوان الأكبر, بمعاداة كل شيطان من الإنس والجان يقوم عليه الجيلان, ويرشقه بسهام الأذى القبيلان, شياطين الإنس ظاهراً بالمقال والفعال وشياطين الجن باطناً بما يوحون إليهم من الضلال.
ــــــــــــــــــــــــ
- من أؤذى عند أمره ونهيه, فعليه بالصبر:
قال عز وجل: ﴿ {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} ﴾[لقمان:17]قال السعدي رحمه الله: لما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر مشقة على النفوس أمره بالصبر على ذلك
- من الإحسان للناس أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر:
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: كل إنسان يأمرك بمعروفٍ أو ينهاك عن منكر, فقد أسدى إليك خيراَ,
** قال الشيخ ناصر بن سعد الشثري: الإحسان إلى الخلق ليس بتحقيق مرادهم والسير على مقتضى ما تهواه نفوسهم, بل قد يكون من الإحسان إبعاد الإنسان عن هواه...فكم من إنسان يرغب فيما يلحق الضرر بنفسه كما يفعله أصحاب المخدرات والمسكرات فالإحسان إليهم يكون بردعهم عن ذلك وأمرهم بالمعروف وإلزامهم به ونهيهم عن المنكر وإلزامهم بتركه
- من أسباب السعادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: من أسباب السعادة: الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر. وذلك مع نفسك أولاً, ثم من تعول, ثم مع من تستطيع.
- مما ينفع العبد في قبره أعماله الصالحة ومنها أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العبد إنما يُؤنسه في قبره عمله الصالح, فكلّما أكثر من الأعمال الصالحة _ كالصلاة والقراءة والذكر والدعاء والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر _ كان ذلك هو الذي ينفعه في قبره.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: