علمتنى الشفاء العدوية
أسلمت قبل الهجرة وكانت أول من بايع النبى صلى الله عليه وسلم وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن روت عن النبى صلى الله عليه وسلم الأحاديث وروى عنها ابنها سليمان .
هي الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن عدي بن كعب القرشية العدوية. واسمها ليلى وغلب عليها الشفاء.
أسلمت قبل الهجرة وكانت أول من بايع النبى صلى الله عليه وسلم وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن روت عن النبى صلى الله عليه وسلم الأحاديث وروى عنها ابنها سليمان .
الشفاء ورقية النملة :
كانت الشفاء ترقي في الجاهلية، ولما هاجرت إلى المدينة وكانت قد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل أن يخرج، فقدمت عليه، فقالت: يا رسول الله، إني قد كنت أرقي برُقَى في الجاهلية، فقد أردت أن أعرضها عليك. قال: "فاعرضيها". قالت: فعرضتها عليه، وكانت ترقي من النملة،(النملة نوع من التقرحات تصيب الجلد)، فقال: "ارقي بها وعلميها حفصة".وفى رواية :" ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة " فاستمرت الشفاء ترقي بها المرضى من المسلمين والمسلمات وعلمتها لأم المؤمنين حفصة، وهنا اول درس تعلمه لنا الشفاء أنه رغم علمها القديم الذي أجادته قبل الإسلام لم تستطع ممارسته إلا بعد أن تعرف حكم الشرع فيه، فلما أجازها النبي عليه السلام خدمت به الناس وهناك أناس يعلمون أن ما يفعلونه حرام ولكنهم يتحايلون على الشريعة ويبحثون عن من يفتى لهم بحليته ليفعلوه وغنما المسلم فى الاصل يجاهد هوى نفسه ومصلحته الشخصية لتوافق الشرع وليس العكس .
كما أنه دليل على جواز الرقية ولكن بالالتزام بأن تكون بكلام الله و اسمائه الحسنى وأن تكون بالعربية وحروف مفهومة وليست طلاسم و لا يعتقد فى الرقية نفسها أو الراقى أنهما السبب فى الشفاء إنما اليقين بأن الشفاء من الله وحده والأفضل أن يرقى المسلم نفسه فليس أحد أكثر يقيناً منه بربه وأن يحصن نفسه بالأذكار والأوراد اليومية
أول معلمة فى الإسلام :
كانت الشفاء من القلائل اللائى عرفن القراءة والكتابة في الجاهلية وقد حباها الله من فضله عقلا راجحا وعلما نافعا وكانت تستقطع الوقت الكثير لتعليمهن فحق لها أن تكون أول معلمة في الإسلام
وهذا يدل على أن تعليم المرأة جائز شرعا عكس ما يقال من أحاديث موضوعة "لا تعلموهن الكتابة ولا تسكنوهن الغرف "فالتعليم حق للمرأة كما هو حق للرجل لأن القرآن ساوى بينهم فى الحقوق والواجبات إذ يقول تعالى :" { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} .... {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } " [ الأحزاب]
إذا كان هذا فى عصر جاهلية فما بالك بنا اليوم وما نحن فيه من انفتاح على العالم ومواقع التواصل الإجتماعى
كما أن أول أيه نزلت هى {"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) "} تدعو إلى القراءة والعلم وكيف لأم أن تعلم أولادها وتقدم لهم القدوة وهى غير متعلمة ،هناك نسبة كبيرة من النساء فى المجتمع متسربات من التعليم يكتبن اسماءهن بالكاد ويستغلهن كل من حولهن لجهلهن بالقراءة والكتابة فعلى المنظمات المعنية من هيئة التربية والتعليم والشئون الإجتماعية حصر أسماء هؤلاء الفتيات ومساعدتهن فى محو الأمية والعودة للدراسة وكفالة مصاريف تعليمهن لأن معظمهن تسربن من التعليم لضعف الإمكانات المادية
الشفاء فى خلافة عمر بن الخطاب :
كان عمر بن الخطاب يقدم الشفاء العدوية فى الرأى ويرعاها وذكر أنه ولاها شيئًا من أمر السوق.حتى قيل أنه ولاها على السوق وذلك لفطنتها وقرب منزلتها من النبى صلى الله عليه وسلم
وهكذا العلم يرقى بالإنسان ويضعه فى منزلة مميزة ويجعله قادراً على حل مشاكله ومشاكل غيره بشكل أفضل من الجهلاء فقد يتصرف الجاهل تصرفاً يدمر العلاقة بينه وبين الآخر برغم من حسن نيته وطيبة قلبه
- روي أبى بكر بن سليمان بن أبي حثمة: أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح، وأن عمر بن الخطاب غدا إلى السوق، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق، فمر على الشفاء أم سليمان فقال لها: لم أر سليمان في صلاة الصبح! فقالت له: إنه بات يصلي فغلبته عيناه! فقال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة.
وهنا درساً جديداً يستحق أن نقف عنده لنتذكر الحديث القدسى عن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال " « وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه» ،... "
فهناك من يشتغل بالنوافل فلا يستطيع القيام بالفروض فمن يخرج صدقات ولا يهتم بإخراج زكاة المال وحساب مقدارها وهناك من يطلب العلم الشرعى وهو يسىء إلى والديه ولا يعمل على خدمتهما وهذا ليس من فقه الأولويات فى شىء وقد يكون مدخلاً من مداخل الشيطان ليشغله بالنوافل عن الفرائض لأن الأصل أن أول ما يحاسب عليه العبد الفرض من صلاة أو صيام أو زكاة أو ....أو ....فلذلك تجده يضيع عليك الفرض من حيث لا تدرى وأنت تحسب أنك تحسن صنعا فأحذر من الوقوع فى هذا الفخ فقد كان الصحابة أكثر فقها منا فقد كانت عبادتهم قليلة ولكن إيمانهم فى قلبهم راسخ كالجبال .
فقه الشفاء العدوية :
رأت الشفاء بنت عبد الله فتيانًا يقصدون في المشي ويتكلمون رويدًا، فقالت: ما هذا؟ قالوا: نساك، فقالت: كان والله عمر إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، وهو والله ناسك حقًّا.
علمتنا بهذا الموقف أن الخشوع فى القلب و ليس بالمظاهر فلا ينخدع أحدنا بمن يطأ طىء رأسه فى الصلاة فى المسجد وعندما يخرج يأكل مال هذا ويسب هذا ويخوض فى عرض هذا وأن الإيمان الحقيقى يعطى الإنسان قوة فى الحق وأن المؤمن القوى أحب إلى الله من المؤمن الضعيف فالإسلام لا يريد مسلماً مستضعفاً يعتكف فى صومعته إنما يريد من يدافع عن الحق ويبذل من نفسه وماله لنصرته وقوته يستمدها من الاعتزاز بدينه وانتسابه لأمه الإسلام وليس كما نرى الآن من أناس متميعين فى المجتمع يلهثون وراء الثقافات الغربية ويرفضون كل ما هو إسلامى بل ويسخرون منه ويعتبرونه جاهلية فإن هؤلاء النساك الذى يفهمون الإسلام فهما خاطئاً كانوا جزءاً من أزمة نظرة العالم للإسلام والمسلمين اليوم فعلينا أن نصلح من أنفسنا ونفهم الإسلام فهماً صحيحاً كما فهمته وفقهته هذه الصحابية حتى نكون قدوة صالحة لغيرنا
توفيت الشفاء العدوية سنة عشرين للهجرة، في خلافة عمر بن الخطاب فرضى الله عنها وأرضاها سنظل نتذكرها هى وكثير من الصحابيات فهم قدوتنا الحقيقية فى عالم يمتلئ بالزيف والخداع لعلنا نلقاهم فى جنات النعيم
- التصنيف: