علمتنى نسيبة ( أم عمارة ) رضى الله عنها

منذ 2022-12-04

هي أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن النجار تزوجت زيد بن عاصم وولدت له حبيب وعبد الله ابني زيد بن عاصم وهى أخت عبد الله بن كعب الذى شهد بدر


هي أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن النجار تزوجت زيد بن عاصم وولدت له حبيب وعبد الله ابني زيد بن عاصم وهى أخت عبد الله بن كعب الذى شهد بدر

كانت من السابقين للإسلام ومن أول من  بايعوا  النبى صلى الله عليه وسلم فقد كانت ضمن ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين نسيبة وأسماء بنت عمرو بن عدى وكان  زوجها وابنها ضمن  الرجال

تخيل مشهد هذه البيعة  التى تمت قبل قدوم النبى المدينة  وهؤلاء الذين بايعوا النبى على أن ينصروه ويمنعوه ممن يمنعون منه أهليهم ما وعدهم بشىء سوى الجنة ما هذه القوى الإيمانية التى كانت تحركهم  ؟ كيف تقدمت السيدة نسيبة غيرها من النساء وبايعت النبى وحدها كامرأة ؟

هل كانت تعرف عن الإسلام شيئا ؟    هل درست عقيدة وفقه وحديث.؟.....

هل وولدت لأبوين مسلمين فنشأت  فى جو إسلامى منذ الصغر  كما هو الحال بالنسبة لنساء المسلمين الآن؟

 بايعت النبى وكأن قلبها كان متعطشاً للإسلام ينتظر من يروى ظمأه من من المسلمات فى هذا العصر تحمل هذا الشغف لمعرفة دينها وما عليها من واجبات تجاه خالقها أو سباقة للطاعات بصفة عامة

ومنذ ذلك الحين وبعد أن بايعت تحملت تبعات هذه البيعة بصدق وكأنها بايعت على الجنة فعلا هى وأسرتها

"لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته".

تلك هى الكلمات التى قابلت بها أم عمارة خبر موت ابنها فبعد أن ادعى (مسيلمه الكذاب) النبوة أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن يبعث له رسولا ليكف عن نشر بهتانه بين الناس وإيذاء المسلمين . ووقع اختياره على (حبيب بن زيد) إبن (أم عمارة)

فعندما ذهب إليه حبيب قال له مسيلة أتشهد أن محمداً رسول الله فقال  : نعم أشهد فيقول له أفتشهد أنى رسول الله قال حبيب لا أسمع فأعادها عليه ثلاثاً وهو يقول لا أسمع فقطعه مسيلمة عضوا عضوا فمات شهيدا

فلما بلغ أم عمارة الخبر   لم تجزع  وتولول عليه ولكنها قابلت الأمر بالصبر والجلد لأنها تؤمن أن الحياة مهما طالت فإن لها نهاية ولابد من مفارقة الأحباب ولإيمانها بالجنة التى بايعت عليها النبى صلى الله عليه وسلم بصدق  وأن قطعة منها سبقتها إلى الجنة وأنها تيقنت فى هذا حديث رسول الله فعن أَبي موسى رضي الله عنه : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فيقولونَ : نَعَمْ . فيقولُ : قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ ؟ فيقولونَ : نَعَمْ . فيقولُ : مَاذَا قَالَ عَبْدِي ؟ فيقولونَ : حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فيقول اللهُ تَعَالَى : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً في الجَنَّةِ ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ» "

وليست هى فقط فإن  العديد من الصحابة فقدوا أبناءهم فهذا هو ابن عباس عندما توفى ابنه قابل خبر وفاة ابنه بأن استرجع وقال : عورة سترها الله ، ومؤنة كفاها الله ، وأجر ساقه الله تعالى ، ثم نزل فصلى ركعتين ثم قال : قد صنعنا ما أمرنا الله تعالى به ، قال تعالى : وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاة

أين النفوس التى تتعامل مع الابتلاء   بنفس راضية واستسلام لقدر الله وما ذلك إلا بفضل الله ومنته عليهم وقد تعرفوا إلى الله فى الرخاء فعرفهم فى الشدة وربط على قلوبهم

أم عمارة المجاهدة :

شهدت أم عمارة مع النبى صلى الله عليه وسلم  أحدًا والحديبية وخيبر وعمرة القضية والفتح وحنينًا واليمامة عاشت بقلب المجاهدة فى سبيل الله لم تترك الجهاد حتى  آخر عمرها وكأنها تبحث عن الباب الذى يدخلها الجنة فإن لم تتخل من هذا الباب بحثت عن اخر فى غزوة اخرى وقد أظهرت شجاعة ليس لها مثيل كأمرأة يوم أحد وقد انهزم المسلمون وتولوا  وبقى  النبى وحده يقاتل المشركين وليس معه إلا أبو بكرالصديق رضى الله عنه  وطلحة بن الزبير وأم عمارة  التى فعلت ما لم يقدر عليه بعض الرجال وقتها وندعها تروى ما حدث بنفسها عندما سألتها أم سعد بنت سعد بن الربيع  : فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقمت أباشر القتال، وأذبُّ عنه بالسيف، وأرمي عن القوس، حتى خلصت الجراح إلي.

قلت: فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور، فقلت لها: أصابك بهذا؟ قالت: ابن قمئة، أقمأه الله، لما ولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أقبل يقول: دلوني على محمد لا نجوت إن نجا.

فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات ولكن عدو الله كانت عليه درعان.  "

 أترون شجاعة المرأة وإحساسها بالمسئولية  فى اللحظات الحرجة  حتى أن النبى صلى الله عليه وسلم  يقول «"أنى ما التفت يمينا ولا شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني"» لم تخف لم تتزعزع نسيت كل شىء إلا إنها فى ميدان يحتاج إلى وفاء وفداء لم ينهاها النبى عن ذلك ولم يعنفها أنها شاركت فى الجهاد   وما كان من النبى صلى الله عليه وسلم إلا أن دعا لها ولأهل بيتها بالبركة يقول النبي صلى اللله عليه وسلم  لعبد الله  بن عاصم ابنها : " «بارك الله عليكم من أهل البيت, مقام أمك خير من مقام فلان وفلان رحمكم الله أهل البيت, ومقام ربيبك يعني زوج أمه خير من مقام فلان وفلان رحمكم الله أهل البيت» " تخيل النبى  صلى الله عليه وسلم يدعو لأحد بالبركة ما كم النعم والخير الذى سيصب عليه صبا  ولم تكتف نسيبة ذات الهمة العالية بذلك إنما طلبت منه أن تكون هى وأسرتها رفقاءه فى الجنة فاستجاب لها وقال: " «اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة» "وكأنها تبحث عن الجنة تحت ظلال السيوف
فما عليك يا أم عمارة بعد اليوم بشرت بالجنة التى نرجوها وأنت مازلت على قيد الحياة هنيئا لك من من النساء فى عصرنا هذا  تملك هذه الهمة العالية فى الطاعات والعمل لله ؟! فإن كان الوقت ليس وقت حرب ولكن مجالات الجهاد للمرأة كثيرة منها جهاد النفس والهوى حتى تستقيم على طاعة الله ومنها الجهاد بالكلمة والدعوة إلى الله والجهاد فى سبيل الله لإخراج جيل صالح ينفع الإسلام والمسلمين

ولم تكتف أم عمارة بما وصلت إليه من مكانة   إنما شاركت أيضا فى غزوة حنين ماذا حدث يا أم عمارة فى ذلك اليوم ؟  تروى لنا  : لما كان يوم حنين والناس منهزمون في كل وجه، وكنّا أربع نسوة، وفي يدي سيف لي صارم، وأم سليم معها خنجر قد حزمته على وسطها، ، وأم سليط، وأم الحارث.

فجعلت أمّ عمارة تصيح يا للأنصار: أية عادة هذه. مالكم والفرار؟! قالت: وأنظر إلى رجل من هوازن على جمل أورق معه لواء يوضع جمله في أثر المسلمين، فأعترض له فأضرب عرقوب الجمل. فيقع على عجزه وأشد عليه، ولم أزل أضربه حتّى أثبتّه، وأخذت سيفا له.ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- قائم، مصلت السيف بيده، قد طرح غمده ينادي: «يا أصحاب سورة البقرة» فكرّ الأنصار،ووقفت هوازن قدر حلب ناقة فتوح، ثم كانت إيّاها، فو الله ما رأيت هزيمة قط كانت مثلها، قد ذهبوا في كل وجه، فرجع إليّ أبنائي جميعا

نحسب أن هذه المراة ممن تسد بها الثغور فبين مداواة جرحى وسقى عطشى وقتال العدو  إذا استدعى الأمر  وحث المسلمين على الجهاد فى غزوة حنين  فقد بذلت من نفسها وأبنائها فى سبيل الله  الكثير فاستحقت مرافقة النبى صلى الله عليه وسلم فى الجنة فأين نساء المسلمين فى هذا العصر اللواتى تسد بهن الثغور ؟أين  من تذب عن الإسلام وأهله بعلمها وفقهها فى الدين بدلا من اللواتى يتحدثن باسم الدين وهن أبعد ما يكن عنه ؟

كما شهدت بيعة الرضوان بايعت فى بداية الأمر بيعة العقبة وها هى تبايع فى النهاية بيعة الرضوان وكأنها تجدد العهد مع الله فى كل مرة  والحقيقة أننا  نحن من نحتاج إلى تجديد العهد مع الله على الطاعة والإخلاص له يا أم عمارة

ثم لحق  رسول الله صلى الله عليه وسلم بربه وظهر اللعين مسليمة الكذاب مرة أخرى ولم تنس أم عمارة ما فعله بابنها حبيب فخرجت إلى معركة اليمامة فى عصر أبو بكر الصديق وكانت حريصة على قتله وأخذ الثأر لابنها فقاتلت حتى أصيبت يدها وجُرحت يومئذ اثنتي عشرة جراحة قالت: فدخلت وأنا أريد عدو الله مسيلمة الكذاب فعرض إلي رجل منهم فضربني فقطع يدي, فوالله ما عرجت عليها ولم أزل حتى وقعت على الخبيث مقتولاً وابني يمسح سيفه بثيابه فقلت له: أقتلته يا بني؟ قال: نعم يا أماه, فسجدت لله شكرًا

أرايت هذه المرأة التى لم تترك ثغر الإسلام وقد بلغت الستين من عمرها وقد يقول البعض أنها  أمرأة وليس عليها جهاد إذا كان الشيخ الكبير معفيا من الجهاد فما بالك بالمرأة المسنة لم تكتف ببشارة النبى لها بالجنة فتقول هذا يكفينى ولكنها آمنت بأنها صاحبة رسالة حتى النهاية تؤدى دورها وتخدم الإسلام بنفسها وولديها الذين قدمتهما للإسلام أيضا فهذا حبيب يموت شهيد "رسول سول الله" وهذا عبد الله  يقتل طاغية مدعى النبوة هذه رسالة إلى من تدعى الفشل فى تربية الأبناء أقول لها هل سألت نفسك يوما ما هدفك من الحياة ؟ لماذا  تعيشين ؟ أين أنت من رضا الله والإخلاص له ؟أسمع من تقول أنا عايشة لاولادى اقول لها ومن رزقك أولادك أليسوا نعمة من عند الله ؟! أليست قلوبهم بيد خالقهم يقلبها لك أو عليك ؟أين شكر نعمة الله عليك باتقاء الله فيهم وطاعة الله والتوبة إليه   التى ينصلح بها حال الولد  

ألم تسمعى قول الحق سبحانه :" { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي  إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) } "

وقد أكرمها عمر فى عصره وبعث لها بثياب إكراما لمكانتها عند رسول الله

فعن موسى بن ضمرة بن سعيد عن أبيه قال: أُتي عمر بن الخطاب بمروط فكان فيها مرط جيد واسع, فقال بعضهم: إن هذا المرط لثمن كذا وكذا, فلو أرسلت به إلى زوجة عبد الله بن عمر صفية بنت أبي عبيد, قال: وذلك حدثان ما دخلت على ابن عمر, فقال: أبعث به إلى من هو أحق به منها, أم عمارة نسيبة بنت كعب, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول يوم أحد: "ما التفت يمينًا ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني".

توفيت أم عمارة في خلافة عمر رضي الله عنهما عام 13هـ.

رضى الله عنك أيها الصحابية المجاهدة الصابرة

  • 6
  • 2
  • 13,050

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً