مازال أمامك فرصة لاغتنام صيام الست من شوال
مضى ثلثان من شهر شوال، مازال أمامك فرصة لاغتنام صيام الست من شوال.
مضى ثلثان من شهر شوال، مازال أمامك فرصة لاغتنام صيام الست من شوال.
فمن ذاق حلاوة الصيام، فالبابُ مفتوحٌ أمامه لصيام النوافل التي شرعها الله لنا؛ كصيام الأيام الستة من شهر شوال، وصيام الأيام البيض من كل شهرٍ قمري، وصيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام يوم عرفة، وصيام عاشوراء.
عباد الله، إن صيام ستة أيامٍ من شهر شوال سنةُ ثابتةُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما جاء في حديث أبي أيوب (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: «من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر»؛ (رواه مسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجه).
وما ذلك إلا لأن صيام شهر رمضان للمسلم يعدِل بفضل الله تعالى صيام ثلاثمائة يوم؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، ثم يأتي صيام ستة أيامٍ من شهر شوال ليعدل بإذن الله تعالى ستين يومًا، فيكون المجموع مساويًا لعدد أيام السنة.
وقد بيَّنت سُنة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم أنه يجوز صيام هذه الأيام حسب ما يتيسر للمسلم، سواءً أكانت مُتتابعةً، أم مُتفرقة خلال أيام شهر شوال، فاجتهدوا حفظكم الله في إدراك هذه الفضيلة، وصوموا الست تَحوزوا الأجر الأكمل والمثوبة العظمى من الله، وانهجوا دومًا ما تعبدكم به رب العزة، ولا تُهملوا العبادة بعد موسمها المنصـرم، فبئس القوم قومٌ لا يعرفون الله إلا في رمضان.
واعلموا (بارك الله فيكم) أن في معاودة الصيام بعد شهر رمضان فوائد عديدة، يأتي من أبرزها: أن صيام ستة أيام من شهر شوال بعد رمضان سبيلٌ يستكمل بها الإنسان أجر صيام الدهر كُله، وهذا بإذن الله يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب.
ومنها: أن صيام بعض أيام شهري شعبان وشوال؛ كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، وهي كفيلةٌ بإذن الله تعالى لأن تُكملَ ما قد يحصل في صيام الفرض من خللٍ أو نقص؛ لأن الفرائض تجبرُ أو تكملُ بالنوافل يوم القيامة، كما ورد الإخبار بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامةٌ على قبول صوم رمضان، فإن الله إذا تقبل عمل عبدٍ وفَّقه لعمل صالح بعده، وقد قيل: ثواب الحسنة الحسنةُ بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة فيرجى أن تكون علامة على القبول، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة فيخشى أن تكون علامةً على الرد.
عباد الله، يا مَن حرَصتم في أيام شهر رمضان ولياليه على تلاوة كتاب الله، فكُنتم مع القرآن الكريم؛ مثل: (الحالُّ المُرتحل) الذي ما إن ينتهي من سورة الناس إلا يشـرع في سورة البقرة، وهكذا تلاوةٌ بعد تلاوة، وختمةٌ بعد ختمة، حافظوا على ذلك قدر المستطاع، واجعلوا للقرآن الكريم نصيبًا من أوقاتكم في كل يوم وليلة، والحذر الحذر من هجْر كتاب الله تعالى، أو الغفلة عن قراءته وتلاوة آياته.
ثم اعلموا بارك الله فيكم أن أصدقَ الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتـها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
________________________________________________
الكاتبك أ. د. صالح بن علي أبو عراد
- التصنيف: