العيون الحاسدة والوقاية منها

منذ 2023-07-11

العينان نعمة من الله تعالى وهبنا الله إياهما؛ لنبصر الأشياء ونرى ما حولنا، ولكن هذه النعمة قد تتحول - عند البعض- الى نقمة ووسيلة للإيذاء والإضرار بالآخرين من خلال الإصابة بالعين.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

العينان نعمة من الله تعالى وهبنا الله إياهما؛ لنبصر الأشياء ونرى ما حولنا، ولكن هذه النعمة قد تتحول - عند البعض- الى نقمة ووسيلة للإيذاء والإضرار بالآخرين من خلال الإصابة بالعين.

 

قال ابن القيم: العين سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفًا لا وقاية عليه، أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذرًا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه.

 

ولا يقتصر أثر العين على البشر بل يقع على الجماد والحيوانات كذلك.

 

وقد ذكر أهل التفسير أن العين كانت في بني أسد فكانت الناقة السمينة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها، ثم يقول يا جارية خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه، فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر.

 

لا غلو ولا تفريط:

لدى بعض الناس غلو في نسبة كل سلبيات حياتهم وانتكاساتهم الصحية أو المالية الى العين والحسد.

 

ونقيض ذلك أن تجد من يفرط في التعامل مع آثار العين ويتعامل معها على أنها أمراض عضوية فتجده يسارع بتناول الأدوية ومراجعة الأطباء.

 

ولاشك أن وجه الصواب: أن يميز الإنسان بين تأثير العين والحسد وبين تأثير غيرهما من أسباب ملموسة؛ كمرض عضوي أو تقصير في عمل أو إهمال في دراسة.

 

عادات وبدع:

ومن الغريب أن ترى البعض يعلق نعلًا أسفل سيارته أو في واجهتها ليطرد الأعين الشريرة، أو يعلق صورة عين أو كف أو يضع خرزًا أو ما شابه؛ وهو ما يسمى بالتمائم، وهذه من الشركيات والبدع، قال صلى الله عليه وسلم: «من علق تميمة فقد أشرك» (صححه الألباني).

 

الوقاية من العين:

لابد من أن يحفظ الإنسان نفسه من شرور الحاسدين وأعين العائنين، وذلك بالمحافظة على الأذكار وقراءة القرآن والصلاة وكثرة الدعاء بالبركة على ماله وأهله ونفسه.

 

كما أن على المسلم أن يستعين على قضاء حوائجه بالكتمان، وأن يستر محاسن من يخاف عليه العين.

 

وينبغي تذكير من يُظَن أنه عائنًا بالتبريك، قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا رأى أحدُكم من نفسِه أو مالِه أو من أخيه ما يعجبُه فليدعُ بالبركةِ فإنَّ العينَ حقٌّ» (صححه الألباني).

 

وصيغة التبريك أن يقول: اللهم بارك عليه أو اللهم بارك فيه.

 

وفي هذه الصيغة حكمة بليغة: وهي أن البركة معناها النماء والزيادة في الخير لذلك فالدعاء بها يقطع الطريق على الحاسد والعائن الذي يتمنى النقصان للمحسود والمعين.

 

علاج العين:

إذا تحققت الإصابة بالعين وعُرف العائن فإنَّ العلاج يكون كما في الحديث الآتي:

« يروى بأن سهل بن حنيف اغتسل وكان رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلدَ مخبأةٍ، فلبط سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه، قال: «هل تتهمون فيه من أحد»؟، قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرًا فتغيظ عليه، وقال: «علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت»، ثم قال له: «اغتسل له»، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفأ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس". (صححه الألباني).

 

قال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: وقد جربنا أن غسل الوجه والمضمضة وغسل اليدين لوحده يكفي بإذن الله لازالة العين».

 

فإن لم يُعرَف العائن فإنه يُرقى المحسود أو المعين بالرقية الشرعية.

 

قالت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين. (صحيح مسلم).

 

ومن الرقية المشروعة أن يدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أذهب عنه حرها وبردها ووصبها» » (صححه الألباني).

 

ويقرأ أيضًا على المعين والمحسود المعوذات والفاتحة.

 

والأفضل أن يرقي المسلم نفسه وأهل بيته وولده فإن في ذلك اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أسلم لأهل المحسود والمعين من استغلال الدجالين وغيرهم.

 

دفع أذى العائن:

على من ابتلي بالحسد وإيذاء الناس بعينه أن يتوب إلى الله ويمتنع عن ذلك، وأن يُعوِّد لسانه ذكر الله والتبريك عند رؤية ما يعجبه.

 

وإذا طلب منه الاغتسال لرفع أذاه فليغتسل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإذا استغسلتم فاغسلوا» (صحيح مسلم).

 

وإن لم ينزجر العائن فإن على ولي الأمر أن يسجنه درءًا لشروره وأذاه.

 

قال القاضي عياض: ينبغي إذا عرف أحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويتحرز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس، ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيرًا رزقه ما يكفيه ويكف أذاه عن الناس فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل الذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم دخول المسجد لئلا يؤذي المسلمين، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر رضي الله عنه والعلماء بعده الاختلاط بالناس.

 

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

_______________________________________________________
الكاتب: د. عبدالحميد المحيمد

  • 2
  • 1
  • 1,029

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً