من أضرار السهر
"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره النومَ قبل العشاء والحديثَ بعدها"
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فمن أضرار السهر ما يلي:
1- مخالفة السُّنة؛ فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره النومَ قبل العشاء والحديثَ بعدها؛ كما في الحديث الصحيح المتفق عليه.
2- أن السهر من أسباب النوم عن صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة، التي تعدل قيامَ الليل كله مع صلاة العشاء مع الجماعة؛ كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: «من صلَّى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى العشاء والفجر مع الجماعة، فكأنما قام الليل كله» .
وقيام الليل يطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النار؛ كما في الحديث الذي رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وهذا شيءٌ عظيم لا يستهان به.
3- أن الله - تعالى - بحكمته ورحمته جعل الليل سكنًا، يستريح فيه الإنسان من التعب في النهار، والسهرُ في الليل مخالفٌ لهذه الحكمة.
4- أن السهر في الليل يؤدي إلى النوم في النهار، فيعطل الإنسان مصالحه من صناعةٍ، أو تجارة، أو زراعة، أو دراسة، أو وظيفة، وذلك مخالفٌ للفطرة التي فطر الله الناس عليها، ومخالف للمصالح الخاصة والعامة.
وربما أدى السهر في الليل، والنوم في النهار، إلى النوم عن الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، كمن لا يؤدِّي صلاة الفجر إلا بعد خروج وقتها بعد طلوع الشمس، والعصر عند غروبها، وهذه خسارة عظمى، ومصيبة كبرى.
5- أن السهر مرضٌ للقلب والجسم، اللهم إلا من كان يسهر على صلاة التهجد والعبادة، والذكر والدعاء وتلاوة القرآن، يتقرَّب إلى الله بذلك، ويبادر حياته القصيرة فيما يقربه إلى ربه، ويكون سببًا في فوزه.
وينبغي للمسلم الراجي رحمة ربه، والخائف من عذابه: أن ينام أول الليل، ويقوم آخره للصلاة والعبادة، والدعاء والاستغفار، والتوبة إلى الله - تعالى - وفي كل ليلة ينزل ربُّنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له» ؟؛ كما في الحديث الصحيح المتفق عليه، وهذه فرصة ثمينة للمسلم.
وكل ما تقدم من أضرار السهر فيما إذا كان السهر على أمرٍ مباح، أما إذا كان السهر على محرَّم كالملاعب والملاهي والمسلسلات الهابطة، فإن الأمر أشدُّ وأعظم؛ لأن الإنسان مخلوق للعبادة، وسوف يُسأل عن أوقاته، ويحاسَب عليها، ويجزى على ما عمل فيها من خيرٍ أو شر.
وسوف يُسأل الإنسانُ عما ينظر إليه، أو يستمع إليه، وعما يكنُّه ضميره؛ كما قال - تعالى -: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36]، وقال - عز وجل -: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93].
فلْيُعِدَّ الإنسانُ لنفسه جوابًا صحيحًا، عن طريق محاسبته لنفسه عما يقول ويفعل، ويأتي ويذر، وقد مدح الله المؤمنين القائمين في الليل للتهجد بقوله: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 17، 18]، وبقوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16، 17].
فانظر إلى مقابلة ما أخفَوْه من قيام الليل، بما أُخفي لهم من الجزاء في جنات النعيم، مما تشتهيه الأنفس، وتلذُّ الأعين، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وقال – تعالى -: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].
وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن قيام الليل يطفئ الخطيئةَ كما يطفئ الماء النار في الحديث الذي رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأن الله - تعالى - ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر»؛ كما في الحديث المتفق عليه، وهذه الفضائل محرومٌ منها أكثرُ الناس اليوم، الذين يسهرون على الملاهي والملاعب إلى نصف الليل، ثم ينامون عن صلاة الفجر، وهذه خسارة عظمى، ومصيبة كبرى.
- التصنيف: