مختصر أحكام الجهاد

منذ 2023-10-30

مختصر أحكام الجهاد من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، وهو كتاب من إعداد: نخبة من العلماء، كما أنه (واضح العبارة، سهل التناول، يستفيد منه العامة والخاصة في عباداتهم ومعاملاتهم)

هذا مختصر أحكام الجهاد من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، وهو كتاب من إعداد: نخبة من العلماء، كما أنه (واضح العبارة، سهل التناول، يستفيد منه العامة والخاصة في عباداتهم ومعاملاتهم)؛ كما جاء في مقدمته، فهذا الاختصار دليل إلى الكتاب الأصل ودعوة لقراءته ولا يغني عنه:

الجهاد لغة: بذل الجهد والطاقة والوسع، وفي الاصطلاح: بذل الجهد والوسع في قتال الأعداء من الكفار ومدافعتهم.

فضله والحكمة منه: الجهاد ذروة سنام الإسلام، وقد فضّل الله المجاهدين في سبيله بأموالهم وأنفسهم، ووعدهم الجنة، والآيات والأحاديث في فضل الجهاد والمجاهدين كثيرة.

الحكمة من مشروعيته: شرعه الله سبحانه لأهداف سامية وغايات نبيلة (منها): تخليص الناس من عبادة الأوثان والطواغيت وإخراجهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، كما شُرِع لإزالة الظلم وإعادة الحقوق إلى أهلها، كما شرع الجهاد؛ لإذلال الكفار، وإرغام أنوفهم، والانتقام منهم.

حكمه: الجهاد بمعناه الخاص -وهو جهاد الكفار- فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وصار في حقهم سنة، وهذا مشروط بما إذا كان للمسلمين قوة وقدرة على قتال أعدائهم، فإن لم يكن لديهم قوة ولا قدرة سقط عنهم كسائر الواجبات، وأصبح قتالهم لعدوهم -والحالة هذه- إلقاءً بأنفسهم إلى التهلكة.

متى يتعيَّن؟ هناك حالات يتعين فيها الجهاد فيصير فرض عين على المسلم وهي:

 الحالة الأولى: إذا هاجم الأعداء بلاد المسلمين، ونزلوا بها، أو حصروها، تعين قتالهم، ودفع ضررهم، على جميع أفراد المسلمين.

الحالة الثانية: إذا حضر القتال، وذلك إذا التقى الزحفان، وتقابل الصفَّان، تعين الجهاد، وحرُم على من حضر القتال الانصراف. الحالة الثالثة: إذا عينهم الإمام واستنفرهم للجهاد.

الحالة الرابعة: إذا احتيج إليه، فإنه يتعيَّن عليه الجهاد.

شروط الجهاد: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والذكورية، والحرية فـ(لا يجب على العبد؛ لأنه مملوك لسيده)، والاستطاعة المالية والبدنية فـ(الذي لا يستطيع حمل السلاح لضعف أو كبر، وكذلك الفقير الذي لا يجد ما ينفق في طريقه فاضلاً عن نفقة عياله لا يجب عليهم الجهاد)، والسلامة من الأمراض والأضرار.

(و)لا يجب الجهاد على الكافر؛ لأنه عبادة والعبادة لا تجب عليه، ولا تصح منه، ولأنه لا يتوافر فيه الإخلاص والأمانة والطاعة، فلا يؤذن له بالخروج مع جيش المسلمين.

مسقطات الجهاد: هناك أعذار تسقط عن صاحبها الجهاد إذا كان فرض عين أو فرض كفاية وهي: الجنون، الصِّبا، الأنوثة، الرق، الضعف البدني، والعجز المالي، والمرض، وعدم سلامة بعض الأعضاء كالعمى والعرج الشديد، عدم إذن الأبوين أو أحدهما إذا كان الجهاد تطوعاً، الدَّيْن الذي لا يجد له وفاءً إذا لم يأذن صاحبه وكان الجهاد تطوعاً، العَالِم الذي لا يوجد غيره في البلد؛ لأنه لو قتل لافتقر الناس إليه؛ إذ لا يمكن لأحد أن يحل محله، فإذا كان لا يوجد من هو أفقه منه يسقط عنه الخروج للجهاد نظراً لحاجة المسلمين له.

حكم أسرى الكفار: ذهب أكثر أهل العلم -وهو الصحيح-: أن أسرى الكفار من الرجال أمرُهم إلى الإمام، فَيُخَيَّرُ فيهم بما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين بين: القتل، والاسترقاق، والمنّ بغير عوض، والفداء إما بمال أو منفعة أو أسير مسلم، أما النساء والصبيان فإنهم يسترقون بمجرد السبي، ويصيرون كجملة المال يضمون إلى الغنيمة، ولا يخير فيهم الإمام، ولا يجوز قتلهم، لنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك، وينبغي للإمام أن يفعل الأصلح للمسلمين من هذه الخصال؛ لأن تصرفه لغيره، فلزم أن يكون تخييره للمصلحة.

تقسيم الغنيمة بين الغانمين: الغنيمة: اسم لما يؤخذ من أموال الكفرة قهراً بقتال، على وجه يكون فيه إعلاء كلمة الله تعالى، وتسمى أيضاً: الأنفال -جمع نفل- لأنها زيادة في أموال المسلمين، وتشمل: الأموال المنقولة، والأسرى، والأرض.

وذهب جمهور العلماء إلى أن الغنيمة تقسم على خمسة أسهم: السهم الأول: سهم الإمام، وهو خُمس الغنيمة يخرجه الإمام أو نائبه، ويقسم هذا الخُمس على ما بيَّن الله (حيث يُقسَم) خمسة أقسام: الله ورسوله: ويكون هذا القسم فيئاً يدخل في بيت المال وينفق في مصالح المسلمين، ذوي القربى: وهم قرابة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم: بنو هاشم وبنو المطلب، ويقسم هذا الخمس بينهم حسب الحاجة، اليتامى: وهو من مات أبوه قبل أن يبلغ، ذكراً كان أم أنثى، ويعم ذلك الغني منهم والفقير، المساكين: ويدخل فيهم الفقراء هنا، ابن السبيل: وهو المسافر الذي انقطعت به السبيل، فيعطى ما يبلغه إلى مقصده.

وأما باقي السهام الأربعة -أربعة أخماس- فتكون لكل من شهد الوقعة: من الرجال البالغين، الأحرار، العقلاء، ممن استعد للقتال سواء باشر القتال أو لم يباشر، قوياً كان أو ضعيفاً، وكيفية التقسيم: أن يعطى الراجل -الذي يقاتل على رجله- سهماً واحداً، ويعطى الفارس -الذي يقاتل على فرسه- ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه، وأما النساء والعبيد والصبيان إذا حضروا الوقعة، فالصحيح أنه يُرْضَخ لهم (الرَّضْخ: إعطاء الشيء ليس بالكثير) ولا يقسم لهم، وإذا كانت الغنيمة أرضاً خُيِّر الإمام بين قسمتها بين الغانمين، ووقفها لمصالح المسلمين ويضرب عليها خراجاً مستمراً يؤخذ ممن هي بيده، سواء أكان مسلماً أم ذميّاً، فيؤخذ منه ذلك كل عام، وهذا التخيير يكون تخيير مصلحة.

مصرف الفيء: الفيء: ما أخذ من أموال أهل الحرب بحق من غير قتال، كالأموال التي يهرب الكفار ويتركونها فزعاً عند علمهم بقدوم المسلمين. أما مصرفه: فهو في مصالح المسلمين بحسب ما يراه الإمام كرزق القضاة، والمؤذنين، والأئمة، والفقهاء، والمعلمين وغير ذلك من مصالح المسلمين، فيأخذ منه الإمام من غير تقدير، ويعطي القرابة باجتهاد، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين.
عقد الهدنة مع الكفار: (وهي): عقد الإمام أو نائبه لأهل الحرب على ترك القتال مدة معلومة بقدر الحاجة وإن طالت، وتسمى: مهادنة، وموادعة، ومعاهدة، يجوز لإمام السلمين عقد الهدنة مع الكفار على ترك القتال مدة معلومة بقدر الحاجة، إذا كان في عقدها مصلحة للمسلمين، كضعفهم أو عدم استعدادهم، أو غير ذلك من المصالح، كطمع في إسلام الكفار ونحوه.

وتكون الهدنة التي عقدها الإمام أو نائبه لازمة، لا يجوز نقضها ولا إبطالها، ما استقاموا لنا، ولم يخونوا، ولم نخش منهم خيانة، فإن نقضوا العهد: بقتال، أو مظاهرة عدونا علينا، أو قتل مسلم، أو أخذ مال، انتقض العهد الذي بيننا وبينهم وجاز قتالهم، وإن خيف منهم نقض العهد بأمارة تدل على ذلك، جاز أن ننبذ إليهم عهدهم ولا يلزم البقاء على عهدهم، ولا يجوز قتالهم قبل إعلامهم بنقض العهد.

عقد الذمَّة، ودفع الجزية: تعريفه: الذمة لغة: العهد، وهو الأمان والضمان، واصطلاحاً: هو إقرار بعض الكفار على كفرهم، بشرط بذل الجزية، والتزام أحكام الملة التي حكمت بها الشريعة الإسلامية عليهم.

وتؤخذ الجزية من الرجال، المكلفين، الأحرار، الأغنياء القادرين على الأداء، فلا تؤخذ من العبد؛ لأنه لا يملك فكان بمنزلة الفقير، ولا تؤخذ من المرأة والصبي والمجنون؛ لأنهم ليسوا من أهل القتال، ولا تؤخذ من المريض المزمن، والشيخ الكبير؛ لأن دماءهم محقونة، فأشبهوا النساء.

موجب عقد الذمة: يوجب هذا العقد مع الكفار: حرمة قتالهم، والحفاظ على أموالهم، وصيانة أعراضهم، وكفالة حريتهم، وعدم إيذائهم، ومعاقبة من قصدهم بأذى.

عقد الأمان: هو عبارة عن تأمين الكافر على ماله ودمه مدة محدودة، ويصح عقد الأمان من كل أحد من المسلمين، بشرط أن يكون: عاقلاً بالغاً، مختاراً: فلا يصحُّ من المكره، ولا السكران، ولا المغمى عليه، فيصح من المرأة، ويصح من العبد.

ويكون عامَّاً: من الإمام لجميع المشركين، أو من الأمير لأهل بلده، وخاصاً: من آحاد الرعية المسلمين لواحد من الأعداء. والأمان العام من تصرفات إمام المسلمين؛ لأن ولايته عامة، وليس لأحد أن يفعل ذلك إلا بموافقته.

ويقع الأمان بكل ما يدل عليه من قول مثل: (أنت آمن)، أو: (أجرتك)، أو (لا بأس عليك)، أو إشارة مفهمة.

والمستأمن: هو الذي يطلب الأمان ليسمع كلام الله ويعرف شرائع الإسلام، فتلزم إجابته للآية السابقة، ثم يرد إلى مأمنه.

حكم الأمان وما يلزم به: يلزم الوفاء بعقد الأمان، فيحرم قتل المستأمن أو أسره أو استرقاقه، وكذا الالتزام بسائر الأمور المتفق عليها في عقد الأمان، ويجوز نبذ الأمان إلى الأعداء، إن خيف شرهم وخيانتهم.

وصلى الله على البشير النذير والسراج المنير وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان

  • 3
  • 0
  • 1,301

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً