العولمة ووحدة العالم

منذ 2023-11-02

من أخطر التطوُّرات الفكرية السلبية أن يشيعَ لدى بعض العرب اليأسُ والقنوط، أو أن يستبطنوا الهزيمةَ الداخلية، فيروِّجوا لخطابات اعتذارية غيرِ مقنعة، أو خطابات تثبيطيةٍ تبالغ في جَلْدِ الذات، واقتناص العيوب، وتضخيم السلبيات

إذا كانت العولمةُ ستسعى إلى توحيد العالم حضاريًّا بفعل التقنيات الجديدة، "فلا يعني ذلك أنها ستوحِّد العالم ثقافيًّا، أو أنها ستقضي على الخصوصيات الثقافية"[1]

ولا يمكن فصلُ الثقافة عن الحضارة، وفي هذا الصدد يقول الأمير سعود الفيصل: "مما هو مدعاة للأسف أن الفكر العربي لم يواكبْ ما حملَتْه المتغيِّراتُ الدولية المتسارعة من فرص وتحدِّيات، فبدلًا من التفاعل الإيجابي مع العولمة، انشغل بعض المفكِّرين بالتحذير من شرورها، وتهرَّب البعضُ الآخر من ممارسة النقد الذاتي والتحليل الموضوعي، في زمن نحن أحوجُ ما نكون فيه إليهما...

ولعلَّ من أخطر التطوُّرات الفكرية السلبية أن يشيعَ لدى بعض العرب اليأسُ والقنوط، أو أن يستبطنوا الهزيمةَ الداخلية، فيروِّجوا لخطابات اعتذارية غيرِ مقنعة، أو خطابات تثبيطيةٍ تبالغ في جَلْدِ الذات، واقتناص العيوب، وتضخيم السلبيات"[2].

 

مع هذا، فقد كانت الخصوصية - بمفهومها الأهم - هي أولى محاذير العولمة، التي يتحدث عنها محسن أحمد الخضيري، والتي يمكن إجمالها في الآتي:

1- محاذير انعدام الخصوصية وشيوع العمومية.

2- محاذير "التغريب" والاغتراب عن الذات.

3- محاذير غياب الوعي، والاستلاب من الداخل.

4- محاذير التراجع والارتداد، والنكوص والجمود والتحجُّر.

5- محاذير التماثُل في مجالات إدارة الأعمال والمال، والتجارة والمعلومات.

6- محاذير حرية الحركة، وإعطاء المعنى والتفاوض عليه.

7- محاذير اتساع الفجوة الاجتماعية الاتصالية.

8- محاذير تسارع الحراك الاجتماعي.

9- محاذير التخلِّي عن الواجبات والمسؤوليات، سواء من جانب الدولة، أم من جانب الأعمال.

10- محاذير الاطِّراد المتنامي، والانخراط المتناظم في إطار مفروض بقوة فوقية[3].

 


[1] انظر: علي حرب، حديث النهايات: فتوحات العولمة ومآزق الهوية، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2000م، ص 37.

[2] انظر: سعود الفيصل بن عبدالعزيز (الأمير)، أزمة الفكر في العلاقات العربية - الغربية المعاصرة، في: المؤتمر الأول لمؤسسة الفكر العربي، القاهرة: المؤسَّسة، 2002م، ص 11 و14.

[3] انظر: محسن أحمد الخضيري، العولمة الاجتماعية، القاهرة: مجموعة النيل العربية، 2001م، ص 221 - 232.

_________________________________________________
الكاتب: أ. د. علي بن إبراهيم النملة

  • 0
  • 0
  • 288

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً