عن أي حماية دولية يتحدثون؟

منذ 2011-11-21

عن أي حماية دولية يتحدثون؟
الكـاتب: عامر عبد المنعم
المختار الإسلامي

مطالبة بعض المتطرفين المسيحيين في مصر، وفي الخارج بحماية دولية أكبر خطر على المسيحيين أنفسهم. لا الفاتيكان ولا فرنسا ولا أمريكا ولا أي دولة غربية يمكنها توفير الحماية للمسيحيين في العالم العربي، وأي كلام في هذا الاتجاه مقامرة غير محسوبة ونوع من اللعب بالنار، فغالبية المواطنين المسيحيين الذين يعيشون في المدن والقرى المصرية وسط إخوانهم المسلمين في أمن وأمان منذ 1400 عام، ليس لهم علاقة بهذه المعركة التي تديرها إسرائيل لإشعال الفتنة في مصر وتدويل الملف الطائفي تحت شعار حماية الأقليات.

لكن مع انضمام بعض النخبة المسيحية لهذه المؤامرة الانتحارية عن قصد أو لعدم دراية، نرى أن نلفت الانتباه لبعض الحقائق التي قد تفيد في تصحيح الأوهام الطائفية والتأكيد على أن الحماية الدولية المزعومة ليست في مصلحة المسيحيين المصريين والعرب للأسباب الآتية:

1- أمريكا لم تستطع حماية المسيحيين في العراق رغم وجود أكثر من 200 ألف جندي أمريكي وأوربي بكامل أسلحتهم، بل أن هذه القوات منيت بخسائر جسيمة أنهت الحلم الإمبراطوري الأمريكي، وأدت في النهاية إلى بدء انسحاب هذه القوات مخذولة مدمرة، وتسببت هذه الحروب في الانهيارات الاقتصادية التي تضرب حاليا دول الغرب وتدفعها إلى الإفلاس والانهيار.

2- بريطانيا احتلت مصر أكثر من 70 عامًا ولم تستطع تمكين المسيحيين من حكم مصر لسبب مذهبي متعلق بان البريطانيين بروتستانت، وسبب ديموغرافي متعلق بقلة عددهم (أقل من 6%) من السكان.

3- فرنسا عجزت عن البقاء في مصر ولم تستطع حماية المسيحيين المصريين الذي وقفوا معها، وقصة المعلم يعقوب خير شاهد على ذلك حيث طرد معهم هو وعناصر الفيلق الذي شكله لمحاربة المصريين المسلمين، ولم يستطع البقاء في مصر.

4- المراهنة على الفاتيكان في غير محلها، فالبابوية الكاثوليكية ترفض الاعتراف بالمذاهب المسيحية الأخرى وترى أنهم كفرة وخارجون عن المسيحية، والتاريخ يثبت هذا، فالصليبيون في حملاتهم على القدس قتلوا المسيحيين قبل المسلمين، والحملة الصليبية الرابعة التي نظمتها البابوية لم تتوجه إلى القدس لمحاربة المسلمين وإنما ذهبت إلى القسطنطينية المسيحية الأرثوذكسية وقتل الصليبيون أهلها واستباحوها لأكثر من خمسين عامًا، وبسبب هذه الحملة يوجد حتى الآن شرخ كبير بين الكاثوليك والأرثوذكس.

5- البابوية الكاثوليكية التي كانت تحكم أوربا في القرون الوسطى تركت القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية الأرثوذكسية تسقط في يد العثمانيين، ولم تقدم أي دعم لإنقاذ أشقائهم في العقيدة طوال فترة الحصار التي قاربت الشهرين.

6- أمريكا البروتستانتية تري أن الكاثوليك والأرثوذكس ليسوا من أتباع المسيح، والتبشير الإنجيلي الأمريكي يشكل خطرًا على الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية اللتان تشكوان من تزايد التسرب إلي الكنيسة الإنجيلية البروتستانتية المدعومة من حكومة الولايات المتحدة، وهذا صراع معروف، فأمريكا تراهن على الزمن عبر التبشير الإنجليكاني البروتستانتي لاحتواء أتباع المذاهب المسيحية الأخرى، ولا مانع من استخدامهم كورقة للضغط السياسي.

7- عمرو بن العاص هو الذي أعطى الأمان للأب بنيامين الذي كان هاربًا من الحكم الروماني الأرثوذكسي طوال 13 عاما، كما أن الدولة العثمانية وضعت الخط الهمايوني الذي يعترض عليه البعض اليوم لحماية الكنائس الأرثوذكسية من التبشير البروتستانتي.

إن مطالبة بعض المتطرفين بالحماية الدولية واستدعاء الغرب بالشكل الذي نراه في التصريحات والمواقف قد يعطي انطباعًا لدى بعض القطاعات من المسلمين بأن المسيحيين المصريين جزء من الغرب وامتداد له، وليسوا جزءًا من الشعب المصري، وهذا أكبر خطر قد يواجهه النسيج الوطني. لسنا بصدد تكرار المواقف الإسلامية تجاه هذا الملف، فالإسلام هو الذي حمى الأقليات، ومعظم المسيحيين الذين يتعايشون مع إخوانهم المسلمين، في القرى والنجوع ليس لهم صلة بهذه القلة التي تريد الزج بالطائفة المسيحية في محرقة لصالح إسرائيل، وانظروا إلى أصحاب أنصار الدولة القبطية المقيمين في أمريكا الذين يرفعون العلم الإسرائيلي.

عامر عبد المنعم

كاتب صحفي

  • 8
  • 0
  • 2,490

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً