بقايا أنفاس
أيها المهموم - وصيةً نبوية، من قالها بصدق وإخلاص، فرَّج الله عنه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إني لَأعلمُ كلمةً لا يقولها مكروب إلا فرَّج الله عنه؛ كلمة أخي يونس عليه السلام: لا إله إلا أنت، سبحانك، إني كنت من الظالمين».
ذات مساء رأيت رجلًا يبكي بكاء شديدًا، يُخيَّل للرائي أن قلبه قد امتلأ أسًى، ولا مكان لمعاني الفرح فيه.
وهذه - والله - صورة أُفرغت فيها كل معاني الحزن؛ لأن البكاء أمام الناس ليس أمرًا عاديًّا، وإنما هو حزن قاتل تنوء بحَمْلِهِ الجبال.
وأمام هذا المشهد المؤلم؛ تأملت في حال الرجل البائس وحال الدنيا، وكيف أن سهام المصائب لا تستثني أحدًا.
وبدافع الفضول؛ تجاسرتُ، وسألت الرجل عن سبب بكائه، وليتني لم أفعل، فقد نطقت عيناه، وصمت لسانه.
والحقيقة أن الدموع تُحسِن الإبانة عن ألم النفس، واختناق الروح، وحسبكم أنها أصدق تعبيرًا، وأعمق تأثيرًا. إلا أنها تستدِرُّ الأحزان، وتنكأ الجراح، وقد تدفع صاحبها إلى العزلة، وترك مخالطة الناس.
أما من يبكي دون أن يتوارى عن أعين الناس، فقد بلغ الألم في قلبه مبلغه، ووجد نفسه بين أنياب الحياة.
وقبل الختام، دونك - أيها المهموم - وصيةً نبوية، من قالها بصدق وإخلاص، فرَّج الله عنه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إني لَأعلمُ كلمةً لا يقولها مكروب إلا فرَّج الله عنه؛ كلمة أخي يونس عليه السلام: لا إله إلا أنت، سبحانك، إني كنت من الظالمين»؛ (والحديث رواه الترمذي وأبو يعلى من حديث سعد بن أبي وقاص، واللفظ لأبي يعلى).
___________________________________________________________
الكاتب: دحان القباتلي
- التصنيف: