فوائد مختصرة من المجلد الثامن من دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للعلامة العثيمين (1)
المجموعة الأولى من فوائد مختصرة, من المجلد الثامن من دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للعلامة محمد بن صالح العثيمين, رحمه الله
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذه المجموعة الأولى من فوائد مختصرة, من المجلد الثامن من دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للعلامة محمد بن صالح العثيمين, رحمه الله, أسأل الكريم أن ينفع بها الجميع. علمًا أنها خاصة بدروس الصيام
حقيقة الصيام:
& حقيقة الصيام أن يكتسب الإنسان بصيامه الحسي البدني صيامًا معنويًا يحبسُ بِهِ نفسه عن محارم الله. ودليل هذا قوله تعالى: {﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾} [البقرة:183]
& قال النبي «( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ) » وقول الزور هو كل قول محرم...والعمل بالزور كل فعل محرم كتبرج النساء والنظر إليهن...والجهل هو الاستطالة على الناس والاعتداء عليهم.
من مظاهر الخلل في الصوم:
& من خلل الصوم ما يقوم به بض الصائمين, وهذا الخلل له مظاهر منها: عدم الصلاة مع جماعة, بل ربما يؤخر الصلاة عن وقتها...النوم إذا تسحر ولا يقوم إلا عند الإفطار اغتياب الناس بعض الصائمين يكذب يتعامل بالربا يغش بالبيع والشراء
أحوال المسافر في رمضان:
& الحال الأولى: حال يشق عليه الصوم مشقة شديدة, فالصوم حرام عليه. الحال الثانية: حال يشق عليه مشقة يسيرة فهنا الصوم مكروه. الحال الثالثة حال لا يشق عليه أبدًا فهذا يخير بين أن يصوم وبين أن يفطر...والصوم أفضل وهو القول الراجح
أقسام المرضى في الصيام:
& قسم لا يشق عليه الصائم أن يصوم فيه إطلاقًا, كمرض الزكام الخفيف وما أشبه فهذا لا يُبيحُ الفطر, بل يجب على الإنسان أن يصوم.
& القسم الثاني يشق عليه مشقة محتملة فهذا يجوز أن يفطر بل هو الأفضل له, وإن صام فلا حرج.
& القسم الثالث أن يكون الصوم مضرًا للمريض, فهنا يحرم عليه أن يصوم, مثال المريض الذي يضرُّ فيه الصوم, بعض أنواع مرض السكري, وبعض أمراض الكلي, فلا يحل للمريض أن يصوم, بل ينتظر حتى يشفيه الله ويصوم.
& الظاهر أن بعض أنواع أمراض السكري لا يُرجي زواله, فيلحق بالقسم الأول.
& لو قال الأطباء: إن المرض يزداد بالصوم صار الصوم حرامًا عليه, ففضل الله واسع...فإذا قال الطبيب: لا بد أن تتناول هذا الدواء كل ست ساعات فإن لم تفعل استمر المرض بك, وطال عليك, فإننا نقول له: يجب الفطر.
رسالة حقيقة الصيام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
& شيخ الإسلام ابن تيمية...رسالته الصغيرة حجمًا, الكبيرة معنى, وهي: رسالة حقيقة الصيام مفيدة لطالب العلم فيها أصول عظيمة...ينبغي لطالب العلم أن يقرأها حتى يتبين له الحكمة العظيمة في الشريعة الإسلامية.
من جاز له الفطر في نهار رمضان جاز أن يأكل ويشرب بقية النهار:
& كلُّ من جاز له الفطر في نهار رمضان جاز أن يأكل ويشرب بقية النهار, يعني لو أنقذت إنسانًا من غرقٍ, أو من حريقٍ, ولم تتمكن من ذلك إلا بشرب تتقوى به على إنقاذه, وشربت, فإنك تأكل وتشرب بقية النهار.
إذا قدم المسافر بلده في رمضان وهو مفطر:
& إذا قدم الإنسان بلده في رمضان, وهو مفطر, فإذا وصل البلد فقد انقطع السفر فهل يلزمه أن يمسك أو لا يلزم؟ في ذلك قولان قول يلزمه الإمساك والقضاء والقول الثاني يلزمه القضاء دون الإمساك وهذا القول هو الصحيح, وهو الراجح.
إذا طهرت الحائض أثناء النهار:
& لو طهرت الحائض بعد أن تبين الفجر بخمس دقائق أو في أثناء النهار...فهل يلزمها أن تمسك بقية يومها؟ في ذلك قولان للعلماء القول الأول أنه يلزمها الإمساك والقضاء. والقول الثاني: يلزمها القضاء دون الإمساك. وهذا هو الصحيح.
الحجامة للصائم:
& إذا احتجم الصائم وخرج منه الدم فسد صومه, لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (( أفطر الحاجم والمحجوم )) والحديث صحيح, صححه الإمام أحمد, وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما من الحفاظ.
& الحجامة مفطرة إذا خرج الدم...والحكمة أنه إذا خرج الدم من الصائم أصابه الضعف, واحتاج بدنه إلى تغذية.
& إن كان صومك...فريضة فلا تحتجم إلا للضرورة, وإن اضطررت إلى ذلك, واحتجمت فكل واشرب حتى تستعيد القوة التي زالت بالحجامة.
إذا أذّن المؤذن قبل غروب الشمس وأفطر الناس:
& أحيانًا يخطئ مؤذن الحي فيُؤذن قبل غروب الشمس, فيفطر الناس بناء على أن المؤذن أذّن بعد الغروب, فإذا به قد أذن قبل الغروب فإنهم لا يعيدون صومهم لأنهم لا يدرون, هم سمعوا المؤذن, فظنوا أنه أذّن على العادة وعجلوا الفطر.
أشياء غير مفطرة:
& غرز الإبر في الجسم...لا يفطر الصائم, سواء أُخذ في العضلات أو في الوريد, وسواء كان دواءً أو تقوية, لأنه ليس أكلًا ولا شُربًا.
& سحب الدم من الإنسان للتحليل لا يفطر الصائم, لأنه ليس بمعنى الحجامة, إذ إن الحجامة يخرج بها دم كثير يوجب ضعف البدن.
& إن أمذى دون أن ينزل, يعني قبّل زوجته فنزل منه المذيُ دون المني, فصومه صحيح, ولا يفسد بذلك.
& لو أن إنسانًا تبخَّر وهو صائم فإنه لا يفسد صومه, حتى ولو وضع المبخرة تلقاء وجهه, وضم طرفي غترته عليها, فإنه لا يفطر بذلك, إنما يفطر لو قصد أن يستنشق الدخان, فحينئذ يفطر إذا وصل إلى جوفه.
&لو شم طيبًا غير العود فإنه لا يفطر بذلك حتى ولو وجد طعمه في حلقه فإنه لا يُفطرُ
& لو أنه استنشق فِكسًّا_ بكسرِ الفاء_ وطار إلى حلقه, وأحسَّ به في حلقه فإنه لا يفطر, فإنما هو رائحة.
& لو وضع في عينه قطرة, وأحسَّ بطعم القطرة في حلقه فإنه لا يفطر, لأن هذا ليس أكلًا ولا شُربًا, ولا بمعنى الأكل والشرب.
& لو وضع في أنفه نِقاطًا, وأحسّ بذلك في حلقه, فكذلك لا يُفطر.
& رجل تمضمض في الوضوء فنزل الماء بغير قصد إلى جوفه, فإنه لا يفسد صومه, لأنه غير قاصد.
& لو أن الإنسان رَعَفَ والرُّعافُ خروج الدم من الأنف بغزارة لأنه قد ينفجر بعض العروق في الخياشيم وينزل الدم بغزارة فمن رَعَفَ أنفه حتى خرج منه دم كثير لا يفطر
الاعتكاف:
& الاعتكاف سنة, وهو التعبد لله بلزوم المساجد للتفرغ للعبادة في العشر الأواخر من رمضان.
& مما تميز به شهر رمضان: الاعتكاف, وهو انقطاع الإنسان عن ملاذ الدنيا, واعتكافه في المسجد من أجل أن يتفرغ للعبادة, لا من أجل أن يتفرغ للكلام عن الدنيا, والتحدث بأشياء لا فائدة منها, أو بها أضرار.
& لو سألنا سائل: أيما أفضل أن أعتكف في المسجد الحرام مع التشويش, وكثرة الأصحاب الذين يأتون إلى ويشغلونني عن طاعة الله أو في مسجد آخر, لكن بخشوع وحضور قلبٍ, وكثرة عبادةٍ؟ الجواب الثاني أفضل لأن الثاني يحصل به مقصود الاعتكاف
& بعض المعتكفين في المسجد الحرام يتجمعون على الفطور أو على السحور, أو على القهوة والشاي ويتحدثون بأحاديث وضحك وكأنهم في نزهة زُين لهم هذا العمل فقلوا: نعتكف, ولكنهم لم يعتكفوا, ولعلهم إلى لإثم أقرب منهم إلى الأجر.
& بعض المعتكفين لا يحترمون المساجد, ولا يحترمون عباد الله, ولا يأتون بالاعتكاف الشرعي الذي أُمروا به, وكأن الدين الإسلامي طقوس ومظاهر وأفعال خالية من العبادة والتعبد لله عز وجل, وهذا من البلاء.
إذا خَرِفَ الإنسان فلا صوم ولا كفارة عليه:
& إذا كبر الأنسان حتى خَرِفَ, وصار لا يعرف الناس, ولا يميز بين الليل والنهار... فإنه ليس عليه صوم ولا كفارة عن الصوم, ولا صلاة, ولا طهارة, ولا شيء, لأنه بمنزلة المجنون, والمجنون ممن رفع عنه القلم.
استحضار ثلاثة أشياء عند السحور:
& السحور...هل هو واجب أو سنة أو مباح كالغداء؟ الجواب هو مستحب وسنة
& ينبغي للإنسان إذا قُدّم له السحور أن يستحضر ثلاثة أشياء: أولًا: امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم. ثانيًا: اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام ثالتًا: تستحضر الاستعانة بهذا السحور على الصوم الذي هو فريضة من فرائض الله.
& استحضر هذه الأمور الثلاثة, ولكن أكثر الناس _ونحن منهم_ في بعض الأحيان لا يستحضر عند السحور إلا ملء البطن, فلا يستحضر أن هذه سنة مأمور بها, وأنه يتبع في ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام, وأنه يستعينُ به على طاعة الله.
نصيحة للمدخنين في رمضان:
& أود أن أسدى نصيحة لإخواننا المدخنين...لا شك أنهم يصومون عن الدخان في النهار...فيكونون نصف الوقت غير شاربين, فنقول : تصبروا في الليل وتلهوا واعملوا أي عمل يصدكم عن هذا الشراب المحرم.
& إذا مضى عليهم ثلاثون ليلة لم يشربوا فإني أضمن لهم أن الله سيخلصهم من هذا الشراب الخبيث, إذا أخلصوا النية لله, لأن الدخان يصعب إلا على إنسان ذي عزيمة قوية أن يتركه مرة واحدة.
& ليستغل إخواننا المدخنون هذه الفرصة حتى يخرج رمضان وقد منّ الله عليهم بترك المحرم.
من عجز عن الصيام لأمر لا يرجى زواله:
& إذا عجزت عن الصيام من أجل الشيخوخة, فالشيخوخة لا يرجى زوالها, فلا يمكن أن يعود الإنسان شبابًا, فهذا العجز الذي لا يرجى زواله يكفى فيه أن يطعن عن كل يوم مسكينًا.
ليلة القدر:
& وصف الله هذه الليلة بأنها ليلة مباركة فقال تعالى: {﴿ إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٍ مُّبَٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾ } [الدخان:3]
& تسمى ليلة القدر, قيل: لأنه يُقدر فيها ما يكون في تلك السنة, لقول الله تعالى: { ﴿ فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ﴾ } [الدخان:4] وقيل: أنها ليلة القدر يعني ليلة الشرف, كما تقول: فلان له قدر. ويمكن أن نقول: سميت بذلك للأمرين جميعًا.
& هذه الليلة أخفاها الله سبحانه وتعالى عن العباد لحكم عظيمة: منها أن يجتهد الناس في جميع الليالي, لأنهم لو كانوا يعملون أنها في ليلة معينة لاجتهدوا في هذه الليلة دون غيرها, وفاتهم الأجر الكثير الذي يترتب على قيام الليالي العشر كلها.
&ما لنا نتبع ما بدا لنا ونخص ليلة سبع وعشرين بعمرة ونقول: هي ليلة القدر, فمن قال هذا؟ إن ليلة القدر يمكن أن تكون في سبع وعشرين أو في ست وعشرين أو في أربع وعشرين أو في خمس وعشرين أو في تسع وعشرين وأريها النبي ليلة إحدى وعشرين
& ما يفعله الناس اليوم من تخصيص هذه الليلة _ أعنى ليلة القدر _ ويعينونها بليلة سبع وعشرين بالإتيان فيها بعمرة, فهذا لا أصل له في الشرع.
علامات ليلة القدر:
& المؤمن قد يحسُّ في بعض ليالي العشر بانشراح صدره وطمأنينة قلبه, ونور قلبه, ومحبته للدعاء, فيكون هذا علامة على ليلة القدر وهبه الله إياها.
& الرؤيا فقد يرى الإنسان ليلة القدر أنها في الليلة الفلانية, كما رآها النبي عليه الصلاة والسلام, وكما رآها الصحابة رضي الله عنهم وهذا أيضًا من إكرام الله للعبد
& العلماء ذكروا أن ليلتها تكون بيضاء كأنها مقمرة.
الجماع في رمضان:
&إذا جامع الإنسان زوجته فسد صومه وصومها إن كنت مطاوعة, وإذا كان الصوم في نهار رمضان والإنسان غير مسافر ترتب على جماعه خمسة أمور الأول الإثم الثاني: فساد الصوم الثالث وجوب الاستمرار فيه. الرابع: وجوب القضاء. الخامس: الكفارة
من بركات شهر رمضان:
& من البركات في هذا الشهر أن الله تعالى يُزينُ جنته كل ليلة لمن أراد أن يدخلها, وذلك بالقيام بطاعة الله, ومن أسباب ذلك صيام رمضان, قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا, غفر له ما تقدم من ذنبه» ))
أداء العمرة في رمضان:
& نجد في مكة أناسًا يشق عليهم الصوم كثيرًا من أجل أداء العمرة حتى إن بعضهم شاهدناه قريبًا يُغمي عليه, فنقول: لهذا الرجل: أفطر أنت على سفر.
& هل الأفضل أن يبقي صائمًا ويؤخر العمرة إلى الليل إذا قدم في النهار, أم الأفضل أن يفطر ليؤدي العمرة في النهار حين وصوله؟ الجواب: الأفضل الثاني, ليبادر بقضاء العمرة, لأن العمرة هي المقصودة من حضوره إلى مكة.
صلاة التراويح:
& سميت تراويح, لأن السلف الصالح رضوان الله عليهم كانوا يطيلونها جدًا, فإذا صلوا أربع ركعات استراحوا, ثم استأنفوا الصلاة, وإذا صلوا أربعًا استراحوا, ثم استأنفوا الوتر ثلاثًا, فلهذا سميت تراويح, مشتقة من الراحة
عدد ركعات قيام الليل في رمضان:
& اختلف السلف الصالح رضي الله عنهم في عدد قيام الليل في رمضان أو غيره, والصواب أن الكل جائز, إحدى عشرة, ثلاث عشرة, تسع عشرة, ثلاث وعشرون, أكثر, كله جائز, والمختار إحدى عشرة.
مفطرات الصيام:
& مفطرات الصيام ثمانية: 1- الطعام 2- الشراب 3- الجماع 4- ما قام مقام الأكل والشرب 5- إنزال المني بشهوة بفعل من الصائم 6- خروج الدم بالحجامة 7- خروج دم الحيض والنفاس 8- القيءُ عمداً
رمضان مدرسة تربوية:
& شهر رمضان مدرسة تربوية, تُربي الإنسان على فعل الواجبات, وترك المحرمات, ومن لم يكن حظُّه من صومه إلا الجوع والظمأُ, فإنه خاسر, وما أكثر الذين ليس لهم من صومهم إلا الجوع والظمأُ.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: