كيف تقضي يومك في رمضان؟

منذ 2024-03-20

تعال لترى كيف يمكنك أن تقضي يومك في رمضان؟ بحيث تستغل كل لحظة من لحظاته في طاعة أو قربة، لعلنا أن نُكرمَ بعفو الرحمن ونُعتقَ من النيران.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «إذا كانت أولُّ ليلةٍ من شهر رمضان، صُفِّدت الشياطين ومردةُ الجن، وغُلِّقت أبوابُ النار فلم يفتح منها باب، وفتِّحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادِي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر» [1].

 

استجابة لهذا النداء: يا باغي الخير أقبِل، ويا باغي الشر أقصر، تعال لترى كيف يمكنك أن تقضي يومك في رمضان؟ بحيث تستغل كل لحظة من لحظاته في طاعة أو قربة، لعلنا أن نُكرمَ بعفو الرحمن ونُعتقَ من النيران.

 

1- عند الاستيقاظ للسحور:

بمجرد أن تفتح عينيك احرِص أن تقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن، حيث قال: «مَن تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي إلا غُفِرَ له، فإن قام فصلى قُبلت صلاته» [2].

 

ثم تتوضَّأ وتُصلي ركعتين خفيفتين تُقبل فيهما بوجهك وقلبك على ربك عز وجل، ففي الحديث: «مَن توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين، لا يحدِّث فيهما نفسه غُفر له ما تقدم من ذنبه» [3].

 

احرِص أن تنوي بأكلة السحور إصابة السنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:  «تسحَّروا فإن في السحور بركة»، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على السحور ولو بجرعة ماء.

 

أكثِر من الاستغفار والدعاء في هذا الوقت، فإن الله عز وجل وصف المؤمنين بقوله: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}  [الذاريات: 18].

 

2- التبكير إلى صلاة الصبح وسماع الأذان في المسجد حتى تتمكن من:

أ- ترديد الأذان والدعاء بعده.

ب- المحافظة على صلاة الجماعة.

ت- المحافظة على تكبيرة الإحرام.

ث- إدراك الصف الأول.

 

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:  «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» [4]، وقال صلى الله عليه وسلم: «خيرُ صفوف الرجال أولها، وشرُّها آخرها» [5].

 

تأمل: تصلي في الجماعة الأولى في المسجد وتكون من شر الصفوف! وقال صلى الله عليه وسلم: «إن لله ملائكة يصلون على الصف الأول» [6].

 

وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للصف الأول مرتين، والثاني مرة، ثم لم يلتفت ويصلي[7].

 

ج- التبكير إلى الصلاة، فذلك دليلٌ على أن القلب معلَّق بالمساجد، فمن السبعة الذين يُظلهم الله في ظله: ورجل قلبه معلَّق بالمساجد[8]، فيا باغي الخير أقبِل؛ قال سعيد بن المسيب: لي أربعون سنة، لم يؤذِّن المؤذن لصلاة من الصلوات الخمس إلا وأنا في المسجد[9].

 

ح- التبكير إلى الصلاة وانتظارها في المسجد، فذلك سببٌ لحضور القلب، وهو لبُّ الصلاة؛ قال الله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}  [المؤمنون: 1-2].

 

د- يتمكن المبكِّر إلى الصلاة من الدعاء بين الأذان والإقامة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرد» [10].

 

وهكذا كل صلاة تحافظ على التبكير إليها تحظى بهذه الفضائل، فهنيئًا لك.

 

3- المحاولة الجادة للجلوس في المسجد إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين وذلك في الثلاثين يومًا:

فقد كان صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صلى الفجر يذكر الله تعالى حتى تطلُع الشمس، ثم يصلي ركعتين[11]، وهو الذي قال: «من صلى الفجر في جماعة، ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كُتب له أجر حجةٍ وعمرةٍ تامة تامة تامة» [12].

 

4- المحافظة على الذكر المقيد والمطلق:

الأذكار بعد الصلاة، أذكار الصباح والمساء، وغيرها، والأذكار المطلقة، فالذكر حياة القلوب، وغذاء الأرواح؛ قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 18]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45].

 

وأعظم الذكر في رمضان: القرآن:

فرمضان شهر القرآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، لذلك كان حال السلف مع القرآن عجبًا:

• كان قتادة: يَختم القرآن في كل سبع ليالٍ مرة، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة [13].

 

• كان الشافعي: يختم القرآن في رمضان ستين ختمة، في اليوم يختم ختمتين، ختمةً بالليل وختمةً بالنهار [14].

 

• كان سفيان الثوري: إذا دخل رمضان ترك العبادة، وأقبل على قراءة القرآن [15].

 

• وكان مالك رحمه الله: إذا دخل رمضان يَفِرُّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم [16].

 

أين نحن من هؤلاء؟

إذًا فليستحوذ القرآن على غالب وقتك، بالنهار قراءة وتدبرًا وترتيلًا، أما إذا كنت في عملك فالزَم الذكر ولا تفتُر.

 

اقتراح للعمل:

الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

المتفرغون: فهؤلاء يقرؤون بتدبُّر عشرة أجزاء يوميًّا، في كل صلاة قبلها يقرأ جزًا وبعدها يقرأ جزًا، أو كما يشاء.

 

العاملون إلى الظهيرة: يقرؤون خمسة أجزاء بتدبر يوميًّا مع كل صلاة جزءًا.

 

العاملون طول اليوم: يقرؤون ثلاثة أجزاء.

 

لا تنس أن جبريل عليه السلام كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة في رمضان يدارس النبيَّ صلى الله عليه وسلم القرآن.

 

5- رمضان شهر الجود:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، ومعلوم أن جبريل كان يلقاه كل ليلة، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتصدق ويجود بالخير كل ليلة، وفي الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح على العباد إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا».

 

فلا تَحقِرَنَّ من الصدقة تمرة، فقد تكون سبب نجاتك من النار؛ كما في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرةٍ».

 

 اقتراح للعمل: أَخرج من مالك كل يوم ولو أدنى شيءٍ، وضع ما تُخرجه في حافظة المال [حصالة]، ثم أخرج المال منها، وأعطه لمستحقِّه، فتكون كأنك تصدقت كل يوم.

 

6- صلاة الضحى:

ركعتان أو أربع أو ست أو ثمان، ففي الحديث القدسي: «يا بن آدم، اركع لي أربع ركعات من أول النهار، أَكفِك آخرَه»  [17]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أُوتر قبل أن أنام[18].

 

7- صلاة التراويح:

قيام الليل شرف المؤمن، هذا ما تنزل به أمين السماء جبريل على أمين الأرض محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: يا محمد، اعمَل ما شئت فإنك ميِّت، وأحبِب مَن شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزَّهُ استغناؤه عن الناس [19].

 

وليل رمضان ليس ككل ليل، فقيام ليله شرفٌ على شرف.

 

وصيتان متعلقتان بصلاة القيام:

الأولى: من أحرز القيام فقد أحرَز رمضان، ففي الصحيح: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وفيه أيضًا: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه.

 

الثانية:  {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، أدِّها أداءً يليق بجلال الله.

 

8- البر والصلة والتزاور.

 

9- الاعتكاف.

 

10- المعين على ذلك كله المجاهدة.

 

وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» [20].

 


[1] رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

[2] رواه البخاري.

[3] متفق عليه.

[4] متفق عليه.

[5] رواه مسلم.

[6] رواه أحمد وصححه الألباني.

[7] رواه ابن ماجه وابن حبان وصححه الألباني.

[8] متفق عليه

[9] إحياء علوم الدين.

[10] رواه أحمد وصححه الألباني.

[11] رواه مسلم.

[12] أخرجه الترمذي وصححه الألباني في الصحيحة.

[13] لطائف المعارف.

[14] السابق.

[15] السابق.

[16] السابق.

[17] صححه الألباني.

[18] رواه مسلم.

[19] أورده الألباني في السلسة الصحيحة.

[20] أخرجه أحمد وصححه الألباني في السلسة الصحيحة.

  • 1
  • 0
  • 207

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً