من أقوال السلف في القضاء
للسلف رحمهم الله, أقوال عن القضاء والقضاة, جمعت بعضًا منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالقضاء مسئولية عظيمة, تقع على عاتق من قام به حمل كبير, ولذا هابه كثير من السلف والخلف, فالقضاة ثلاثة, اثنان في النار, وواحد في الجنة, فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: « القضاةُ ثلاثة: قاضيان في النار, وقاض في الجنة, قاضٍ قضى بالهوى فهو في النار, وقاضٍ قضى بغير علم فهو في النار, وقاضٍ قضى بالحق فهو في الجنة» [صححه العلامة الألباني]
للسلف رحمهم الله, أقوال عن القضاء والقضاة, جمعت بعضًا منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
- المقصود من القضاء: وصول الحقوق وقطع المخاصمة:
& قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المقصود من القضاء: وصول الحقوق إلى أهلها, وقطع المخاصمة, فوصول الحقوق هو المصلحة, وقطع المخاصمة إزالة المفسدة, فالمقصود هو جلب المصلحة, وإزالة هذه المفسدة
- ثلاث إذا لم تكن في القاضي فليس بقاضٍ:
& قال الإمام الزهري, رحمه الله: ثلاث إذا كن في القاضي فليس بقاض: إذا كره الملام, وأحب المحامد, وكره العزل.
& قال ابن أبي غيلان الفلسطيني, رحمه الله: ثلاث إذا لم تكن في القاضي فليس بقاضٍ: يسأل وإن كان عالماً, ولا يسمع من أحد دعوى إلا مع خصمه, ولا يقضى إلا بعد أن يفهم.
- القاضي والهدية:
& قال الإمام الذهبي رحمه الله: لما قدم المنصور دمشق, استعمل يحيى بن حمزة على القضاء, وقال له: يا شاب, أرى أهل بلدك قد أجمعوا عليك, فإياك والهدية.
فائدة: & الشيخ علي بن محمد بن علي بن حمد آل راشد رحمه الله، من ورعه أن امرأةً أهدَتْ له تينًا، ثم جاءت من الغد تخاصم رجلًا عنده، فما كان منه إلا أن طلب ماءً فيه مِلْح، وتقيَّأ ما في بطنه، وقال: إن لي بأبي بكر الصديق أُسْوة.
& الشيخ صالح بن علي الغصون رحمه الله لما كان يعمل في سلك القضاء, كان حزراً من قبول الهدايا, أو حضور المناسبات, وقد جاء إنسان ومعه بعض التمر يُريدُ أن يهديه للشيخ, فلما علم الشيخ رحمه الله قال لأولاده : قولوا له : إذا أردنا التمر وجدناه في السوق.
- القضاء بعدل وقسط:
& قال عمر رضي الله عنه: ويل لديَّان أهل الأرض من ديَّان أهل السماء يوم يلقونه, إلا من أمَّ العدل وقضى بالحق, ولم يقضِ لهوى و لا قرابة, ولا لرغبه ولا لرهبة, وجعل كتاب الله مرآة بين عينيه.
& قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: على كل من ولي أمر الأمة, أو حكم بين اثنين أن يحكم بالعدل والقسط, وأن يحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وهذا هو الشرع المنزل من عند الله, قال الله تعالى: {﴿ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ﴾} [النساء:87]
- أهمية الفراسة والمعرفة بأحوال الناس للقاضي:
عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه, قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم.[أخرجه أبو داود] قال العلامة العثيمين رحمه الله: في وهذا الحديث يدل على أنهما يجلسان بين يدي الحاكم, وذلك ليصوب إليهما النظر, لأنه بتصويب النظر قد يعرف بفراسته المحق من المبطل, من صفحات وجهه.
وقال ينبغي للقاضي أن يكون عنده فراسة ومعرفة بأحوال الناس لأن هذه تخدمه كثيراً فقد يتحاكم اثنان وظاهر الحال مع الأول ولكن بالفراسة...يكون الحق مع الثاني
وقال حدثني أحد الثقات عن بعض القضاة أن شخصين كان بينهما عقد مزارعة أي: يعطيه الأرض يزرعها بسهم, وكان العقد في أول الشتاء والأمطار قليلة وفي مثل هذه الحال يكون نصيب مالك الأرض قليلاً لأن المزارع سوف يعمل كثيراً في السقي وأراد الله فنزل المطر وارتفعت الأسهم فعاد المالك إلى المزارع وطلب منه زيادة حصته عما كانت في العقد فرفض المزارع محتجاً بالعقد فقال له المالك: وهل عندك شهود على هذا العقد. فقال المزارع: ليس معي شهود ولكن بيني وبينك الله. وترافعا إلى القضاء, وكان القاضي ذا فراسةٍ وعلمٍ بأحوال الناس وعرف أن الحق مع المزارع فأدلى كلَّ واحدٍ منهما بحجته وكان هذا القاضي يعرف أن هذه الأرض موقوفة فقال القاضي للمزارع إن هذا الرجل ناظر على الوقف والناظر يجب عليه أن يتبع الأصلح وما دام العقد الذي بينكما كان في زمن الرخص وزادت الأسهم الآن فهو يريد الأحظ للوقف حتى ولو تم العقدُ بينكما لأنها أمانة ثم قال لصاحب الأرض فما تقول؟ فقال مباشرة صحيح يا شيخ جزاك الله خيراً فقال القاضي إذن الأرض للمزارع وهكذا استدرجه حتى أقرَّ بأنه عقد لكن زادت الأسهم فتراجع....فالقضاء يحتاج إلى فراسة
- الإصلاح بين الخصوم:
& كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: ردّ الخصوم حتى يصطلحوا, فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن.
& قال العلامة العثيمين رحمه الله: لو تحاكم رجلان إلى القاضي وهو يعلم أن الحق لأحدهما على الآخر, فإنه لا يجوز أن يعرض الصلح, أما إذا كان لا يعلم فلا بأس أن يعرض الصلح, إلا إذا صرح, وقال : أنا أعرف أن فلاناً هو صاحب الحق, لكن ائذنا لي أن أُصلح بينكما, فلا بأس وقال: إذا اشتبه الأمر على القاضي, إما في الحكم, بحيث تكون الأدلة متكافئة, أو في القضية, بحيث تكون هناك ملابسات يخشي أن القضية ليست على وجهها, فحينئذ له أن يسعى بالصلح, بل يتعين عليه, فإن وافقوا على الصلح فذاك وإن لم يوافقوا صرفهم وقال انتظروا حتى يتبين له الأمر
فائدة: & الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري رحمه الله، كان يُؤثِر الإصلاح بين الخَصْمَين لا سيَّما إذا لم يظهر له وجْهُ الصواب.
& الشيخ عبدالله بن عمر بن دهيش رحمه الله كان مُحبًّا للصُّلْح بين الخَصْمَين، وخاصة في القضايا الزوجية، وإذا عرف أن الخَصْمَين تربطهما أواصِرُ القُرْبى، وصِلَةُ الرَّحِمِ.
& الشيخ عبدالله بن محمد بن حمد بن صالح بن سليم رحمه الله، كثيرًا ما كان يجنح في قضاياه إلى الصُّلْح.
& الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله، كان شديد الحرص، فيعرض الصلح بين المتخاصمين، خاصة في القضايا الزوجية؛ بل إنه عيَّنَ أشخاصًا من أهل الخِبْرة والوَجاهة، مُحتسبِينَ للقيام بإصلاح ذاتِ البَيْن.
- الكلام مع الخصوم:
& قال بعض قضاة عمر بن عبدالعزيز, رحمه الله, وقد عزله, لِمَ عزلتني ؟ فقال: بلغني أن كلامك مع الخصمين أكثر من كلام الخصمين.
- الاستماع إلى كلام الخصوم:
& قال العلامة ابن القيم رحمه الله: قد رأيتُ في بعض التواريخ القديمة أن أحد قضاة العدل في بني إسرائيل أوصاهم إذا دفنوه أن ينبشوا قبره بعد مدة, فينظروا هل تغير منه شيء أم لا؟ وقال: إني لم أجُر قطُّ في حكم, ولم أُحابِ فيه, غير أنه دخل عليَّ خصمان كان أحدهما صديقًا لي, فجعلتُ أصغي إليه بأذني أكثر من إصغائي إلى الآخر, ففعلوا ما أوصاهم به, فرأوا أذنه قد أكلها الترابُ, ولم يتغير جسده.
- تذكير المتخاصمين وتخويفهما من عذاب الله قبل القضاء:
& قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: القاضي ينبغي له أن يذكر المتقاضين, ويخوفهم من عذاب الآخرة قبل أن يقضي في المسألة, لعل أحدهم أن ينيب إلى الله, فيترك ما كان مخالفاً للحق.
فائدة: & الإمام عبدالسلام التنوخي, رحمه الله, المعروف "سُحنون" كان يضرب الخصوم، إذا آذى بعضُهم بَعْضًا بكلام أو تعرَّضوا للشهود ويقول إذا تعرَّضوا للشهود: كيف يشهدون؟
& الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله، مما تميَّز به إقناع الخصوم، خاصة المغلوب، بإفهامه مناطَ الحُكْم، والدليلَ عليه، فلا يخرج أحد - في الغالب - إلا وهو مقتنِعٌ بما حكم به، كما أنه يَعِظُ الخُصُومَ، ويُذكِّرهم مغبَّة الظُّلْم، ويُورِد النصوص في ذلك، مع إيضاح حقيقة الدنيا، وأنها متاعٌ زائلٌ.
- القضاء بعد أن يتبين الحق:
& عن قتادة رحمه الله, أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه, قال: لا ينبغي لقاضٍ أن يقضى حتى يتبين له الحق كما يتبين الليل عن النهار ! قال: فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه. فقال: صدق أبو موسى.
- ولي القضاء فقال لابنته: ذبح أبوك اليوم بغير سكين:
& عندما ولي الإمام سحنون القضاء رحمه الله، دخل على ابنته، وكانت من خِيار النساء، فقال لها: اليوم ذُبِحَ أبوك بغير سكِّين.
- البكاء لأنه ألزم بالقضاء:
& قال الإمام الذهبي: عبدالله بن فروخ, كان صالحاً ورعاً قوالاً بالحق ألزمه روح بن حاتم المهلبي بالقضاء, فجعل يبكى, ويقول: ارحموني رحمكم الله, ثم أعفاه بعد.
- سبب الفرار من القضاء:
فائدة: & عبدالرحمن بن أحمد بن أبي المطرف, استقضاه الخليفة المؤيد بالله هشام في دولته الثانية, فحمدت سيرته, وعزل عن القضاء بعد سبعة أشهر, ففرح بالعزل.
& قال الحافظ ابن حجر: إبراهيم بن رستم....قال محمد عبدالوهاب الفراء عرض عليه المأمون القضاء فامتنع فأعفاه فرجع إلى منزله فتصدق بعشرة آلاف درهم
لا ينبغي الامتناع عن قبول العمل في القضاء لمن أهَّله الله له:
& قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز, رحمه الله: معلوم أن القضاء مما يعظم الله به الأجور, ويرفع به الدرجات, لمن أصلح الله نيته, ومنحه العلم النافع, وقصد به الخير للمسلمين.
وهو وإن كان خطيراً, وإن كان سلفنا الصالح يهابونه ويخافونه, ولكن الأحوال تختلف, والزمان يتفاوت, والناس اليوم في أشدِّ الضرورة إلى العالم الذي يقضي بين الناس على بصيرة, ويخاف الله ويراقبه في حل مشاكلهم.
فلا ينبغي لمن أهَّله الله للقضاء بين الناس, ومنحه العلم والبصيرة, واشتدت إليه الحاجة أن يمتنع عن قبول القضاء, بل يجب عليه أن يقبله وأن يوطن نفسه على العمل بعلمه, وأن ينفذ ما أريد منه, وأن ينفع الناس بعلمه, ويسأل ربه التوفيق والإعانة, فإن عجز بعد ذلك, ورأى من نفسه أنه لا يستطيع أمكنه بعد ذلك أن يعتذر, وأن يستقيل,....أما من أول وهلة فلا ينبغي له ذلك, وهذا باب لا ينبغي لأهل العلم والإيمان والقدرة على نفع الناس أن يفتحوه, بل ينبغي لأهل العلم أن تكون عندهم الهمة العالية والقصد الصالح, والرغبة في نفع المسلمين, وحل المشاكل التي تعترض لهم, حتى لا يتولى ذلك الجهلة, فإنه إذا ذهب أهل العلم تولى الجهلة ولا شك...إما هذا, وإما هذا, فلا بد للناس من قضاة يحلون مشاكلهم, ويحكمون بينهم بالحق, فإن تولى ذلك الأخيار وإلا تولاه غيرهم.
& قال محمد بن صالح العلامة العثيمين رحمه الله: القضاء من أفضل الولايات التي يقوم بها المسلم, لأنه يُنفذ حكم الله في عباده, ولأنه إذا لم يتولَّ القضاء من هو أهل له, تولاه من ليس له بأهلٍ.
ولهذا قال العلماء رحمهم الله : إن تولي القضاء فرض كفاية إن قام به من يكفي, وإلا هو عين عليه, وتهرُّب بعض السلف منه لأن العلماء كانوا في وقته كثيرين, فإذا تهرب منهم أحد كان من غيره من تكون به الكفاية, لكن إذا قلّ العلماء الموثوقون فإنه لا ينبغي أبداً أن يتهرَّب العالم منه
- سؤال الله الإعانة على القضاء:
& قال القاضي محمد بن الجناق القرشي رحمه الله:
إلهي ظلمتُ النفس إذ صرتُ قاضياً وأبدلتُها بالضِّيقِ من سعة الفــــــــضا
وحمّلتُها مـا لا تـــــــــكادُ تُـــــــــــــــــــطيقُـه فأسالك التوفيقَ واللطفَ في القضا
- عدم محاباة السلاطين ولو في الشيء اليسير:
& سوار بن عبدالله بن قدامة, رحمه الله, قاضي البصرة, استقدمه المنصور ليعزله, لأنه شُكي منه, فعطس المنصور بحضوره فلم يشمته, فقال: ما منعك من التشميت ؟ قال: لأن أمير المؤمنين لم يحمد الله, قال: حمدت الله في نفسي, قال: وقد شمّتُك في نفسي, قال: ارجع فلو حابيت أحداً حابيتني.
- كلام لقاضي فقيه:
& قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ما أحسن ما قاله بعض القضاة لما سئل عن هيئة التميز وكيف تُجعلُ هيئة التمييز فوق القاضي؟!– وهيئة التمييز تكون فيما إذا حكم القاضي ثم اعترض المحكوم عليه على الحكم رُفع لهذه الهيئة-قال: أنا أحمد الله أن كان هناك هيئة تمييز لأنه إذا كان الخطأ مني فهيئةُ التمييز تمنعني من الخطأ, فتمنعني من أن أظلم فلاناً وأُعطى فلاناً الذي لا يستحق وهذا من عقله ومن فقه أيضاً.
كتب مهمة للقضاة:
& قال العلامة ابن باز: من أفضل كتب ابن القيم رحمه الله: الطرق الحكمية, أعلام الموقعين, زاد المعاد, فهذه الكتب لها شأن عظيم ولاسيما في حق القضاة والمفتين
& قال العلامة العثيمين رحمه الله عن كتاب" إعلام الموقعين" للعلامة ابن القيم رحمه الله: كتاب ينبغي للقاضي أن يقرأه...وهو كتاب عظيم...كتاب عظيم, لاسيما للقضاة, من أحسن ما ألف في بابه...كتاب لا يستغني عنه المسلم ولاسيما القضاة.
الكتاب المشهور الذي ينبغي لكل قاضٍ أن يعضَّ عليه بالنواجذ.
وقال رحمه الله عن كتاب " فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام" للعلامة السعدي: ذكر فيها فوائد كثيرة, مستنبطة من قصة يوسف...فهذه الفوائد...فوائد مهمة, وفيها أشياء نافعة تنفع القضاة
- قضاة لم تنقض أحكامهم:
& قال الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العقيل رحمه الله, خدمت الدولة مدة اثنتين وخمسين عاماً تقريباً...وفي تلك المدة لم يُنقض لي حكم من فضل الله...وليس هذا بحول مني ولا قوة وإنما هو بمحض فضل الله وستره وتوفيقه وأستغفر الله وأتوب إليه.
فائدة: & الشيخ صالح بن علي الغصون رحمه الله, كانت خدمته في القضاء إحدى وأربعين سنة, لم يذكر أنه نقض له حكم قضائي خلالها.
- تكرار حضور الرجل لمجلس القضاء بلا حاجة:
& قال عبدالسلام بن سعيد بن حبيب, رحمه الله, الفقيه المالكي, سحنون, قاضي القيروان, ومصنف المدونة: إذا أتى الرجل مجلس القضاء ثلاثة أيام متوالية بلا حاجة, ينبغي أن لا تقبل شهادته.
حديث القاضي العادل إما إنه باطل أو شاذ شذوذاً عظيماً:
عن عائشة رضي الله عنها, قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يُدعي بالقاضي العادل يوم القيامة, فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بلوغ المرام: أخرجه ابن حبان, وأخرجه البيهقي ولفظه: في تمرة.
& قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: هذا الحديث-كما هو واضح من لفظه-: التحذير من تولى القضاء, وفيه أيضاً مصادمة لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران, وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر » )) ومصادم أيضاً للحديث الذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قسم القُضاة إلى ثلاثة أقسام.
وبناء على ذلك يكون هذا الحديث إما باطلاً, وإما شاذّاً شُذوذاً عظيماً, لأننا لو أخذنا به لفرَّ الناس كلهم من القضاء, مع أن تولى القضاء فرضُ كفاية, لا يمكن للناس أن يقوموا بلا قاضٍ.
وكيف يحاسب هذا الحساب الشديد الذي يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة واحدة وهو عادل, فهذا غير موافق لحكمة الله عز وجل, فالصواب أن هذا الحديث باطل أو شاذ, حتى لو قيل أن المقصود هو أن يشدد عليه الحساب لا أن يعذب, فإن الذي يُؤجر لا يشدد عليه الحساب, والرسول صلى الله عليه وسلم, قال: (( من نوقش الحساب عُذِّب )) فلا يصح عن الرسول علية الصلاة والسلام.
- المرأة والقضاء
عن أبي بكرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( « لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» )) [أخرجه البخاري ]
& قال العلامة العثيمين رحمه الله: المرأة...لا يجوز لها الإمامة بالرجل إمامة صغرى, فكيف بالإمامة الكبرى, لذا لا يصح أن يكون للمرأة إمرة ولا ولاية ولا حكم, فلا تكون واليةً ولا وزيرةً, لأن العلة واحدة لقصور عقل المرأة, ولأنها سريعة العاطفة, ولأن نظرها قريب, وتُخدع.....وقد أتى المصنف رحمه الله, بهذا الحديث في باب القضاء لنستفيد منه أنه لا يصلح أن تتولى المرأة القضاء, لأننا لو ولّيناها القضاء لكُنا ولَّينا أمرنا امرأةً, فلا يجوز أن تتولى القضاء.
& قال الإمام القرطبي رحمه الله: نقل عن محمد بن جرير الطبري أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية, ولم يصح ذلك عنه.
- مخافة الله عند النطق بالأحكام:
& قال بكار بن محمد السيريني, رحمه الله,: رأيت سوار بن عبدالله بن قدامة, قاضي البصرة, رحمه الله, إذا أراد أن يحكم رفع رأسه إلى السماء, وتغرغرت عيناه, ثم حكم.
فائدة: & الشيخ عبدالله بن عودة بن عبدالله السعوي رحمه الله، كان لا يحكم في القضية إلا بعد استشارة العلماء مُراسَلة، أو مشافهة
&الشيخ عبدالله بن عمر بن دهيش رحمه الله اشتَهَر بالدِّقَّة في أحكامه وتحرِّي العدل كان يستشير العلماء خاصة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله مُفتي الديار السعودية
- القاضي والرشوة:
& قال الإمام أبو حنيفة, رحمه الله: إذا ارتشى القاضي فهو معزول وإن لم يعزل.
وختامًا فهذه أمنيه للعلامة العثيمين, يقول رحمه الله: يُذكر عن قضاة من السلف ومن الخلف أشياء غريبة في الفراسة ولهذا أتمنى أن يتَّبعَ أحد من الناس مثل هذه القصص, وتؤلف في مؤلف, وتوزع بين القضاة, حتى يستعينوا بها على تحرى الحكم والحق.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: