طوق النجاة

منذ 2024-05-10

من أول يومٍ لطوفان الأقصى كان الهَمّ الأمريكي المُعلَن هو عدم السماح بتمدُّد الصراع، ومنع تدخُّل الجماعات المسلحة أو الدول الإقليمية.

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ: من أول يومٍ لطوفان الأقصى كان الهَمّ الأمريكي المُعلَن هو عدم السماح بتمدُّد الصراع، ومنع تدخُّل الجماعات المسلحة أو الدول الإقليمية.

وعلى الرغم من الشك حول المقصود بالحشد العسكري الأمريكي في شرق المتوسط وشرق الأردن؛ فإن المؤكد أنّ هناك جهدًا أمريكيًّا كبيرًا لضبط الوضع بذلك مع كلٍّ من الحكومتين الإيرانية والصهيونية، خلصت إلى عدم السماح بحرب شاملة، وتقبُّل استمرار مستوى منخفض من الصراع يتقارب فيه الفعل وردّ الفعل ضمن حدود التنافس الإقليمي على النفوذ بين إيران والكيان الصهيوني؛ فمحاولة الكيان إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا والعراق، بل والقيام بعمليات غير مباشرة داخل إيران يقابله زيادة الدعم الإيراني للقوى التابعة لها في المنطقة وزيادة تسليحها، وكذلك دعم القوى المناوئة للكيان في المنطقة خاصةً المنظمات الفلسطينية، واستقرَّت الأمور على تحكُّم إيران بالعراق في ظل النفوذ الأمريكي، ومحاولة جرّ دول المنطقة للارتباط بالكيان الصهيوني تحت المظلة الأمريكية، واحتفظت أمريكا بعلاقات إستراتيجية مع الطرفين.

ولكنَّ مأزق نتنياهو بغزة دفَعه لمحاولة التخلُّص عن طريق افتعال حرب مع إيران، وتوريط أمريكا بحربٍ مباشرة مع إيران، ينسى خلالها الناس الفشل أمام الطوفان، وينشغلون بواقع جديد، ولكنّ الذي حصل أن أمريكا تعاملت مع الطرفين المتخاصمين تعامُل الأب المربي، وحيث إن الكيان الصهيوني تجاوَز خطوطًا حمراءَ كثيرة؛ فقد كان الرد الإيراني كبيرًا، ولكنّ أغلبه كان استعراضًا للقوة، وتم تنسيقه مع أمريكا التي أُعْلِمَت بالهجوم قبل يومين، وكان الرد الصهيوني باهتًا، وتم إغلاق الملف من الطرفين بطلبٍ من أمريكا.

ولا شك أن الكيد الإيراني متفوّق؛ فقد أبرزت إيران قدراتها العسكرية، ومتانة علاقتها مع أمريكا، في مقابل افتخار نتنياهو بإنجازه الكبير بتكوين تحالف دولي ومحلي شارَك في حماية الكيان، وهو ما يعني على الحقيقة هبوط الكيان الصهيوني إلى مرتبة دولة تعيش تحت الحماية، وكونها عبئًا على كل مَن يتعاون معها، وتحوّل طوق النجاة إلى حبل مشنقة.

____________________________________________
قـلـم الـتحـرير - مجلة البيان

 

  • 1
  • 0
  • 213

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً