من سنن الصلاة (سنن أدعيـة الاستفتـاح)

منذ 2024-05-20

من سنن الصلاة: الاستفتاح، وهو يحصل بأي ذكر وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأي ذكر جاء به العبد في أول صلاته مما ورد في السنة...

أولا: تمهيد:

من سنن الصلاة: الاستفتاح، وهو يحصل بأي ذكر وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأي ذكر جاء به العبد في أول صلاته مما ورد في السنة؛ حصلت به سنة الاستفتاح، ولو لَمْ يستفتح الصلاة بذكر، بل بدأ بالقراءة صحت صلاته، ولكنه أهمل سنة من سنن الصلاة، وقد: "أجمعوا على أن دعاء ‌الاستفتاح ‌في ‌الصلاة مسنون، إلا مالك فإنه قال: ليس بسنة"[1]، ولم يحصل نزاع في أصل الاستفتاح وجوازه، وإنما حصل النزاع في استحبابه، وفي أي الأنواع منه أفضل، والخلاف في وجوبه خلاف قليل[2].

 

ثانيا: تعريف الاستفتاح:

أ‌- الاستفتاح لغة

الاستفتاح لغة: طلب الفتح، ومنه قوله تعالى: ﴿  {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}  ﴾ [الأنفال: 19]، والمراد به هنا: الافتتاح، أي: افتتاح الصلاة، كأنه يطلب أن يسمح له بافتتاح الصلاة بهذا الذكر[3].

 

ب‌- الاستفتاح في الاصطلاح:

الاستفتاح في الاصطلاح ‌هو: عبارة عن الذكر المشروع بين تكبيرة الإحرام والاستعاذة للقراءة من: "سبحانك اللهم"، أو: "وجهت وجهي" ونحويهما، سمي بذلك؛ لأنه شرع ليستفتح به الصلاة[4]، وقد :"

 

ثالثا: أدعية الاستفتاح:

أدعية الاستفتاح منها الذائع المشهور، ومنها المختفي المستور، وينبغي للمرء أن ينوع في أدعية الاستفتاح بحيث يأتي بهذا حينا، وبالآخر حينا آخر، حتى يحصل تمام الاتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكذا في كل سنة فيها تعدد روايات، فإنه ينوع بينها.

 

من أذكار الاستفتاح التي يقل العاملون بها:

ما جاء عن علي رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك»[5].

 

دعاء آخر للاستفتاح:

ومنها: ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُك»[6].

 

وهناك صيغ أخرى في الاستفتاح، منها ما ثبت بسند صحيح، ومنها دون ذلك، وهذه الصيغ وغيرها: منها ما جاء عامًّا من غير تقييد بصلاة الليل، فهذه تقال في الفريضة والنافلة، ومنها ما جاء فيه التنصيص على أنه في صلاة الليل ـ وهو الغالب في الأدعية الطويلة ـ، فالسنة والأفضل: أن يأتي بها الشخص في قيام الليل.

 

دعاء آخر للاستفتاح:

ومنها: ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: «بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟»  قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «عَجِبْتُ لَهَا! فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ»[7].

 


[1] ابن هبيرة، اختلاف الأئمة العلماء لابن هبيرة (1/107)، الطبعة: الأولى، 1423 هـ - 2002 م، الناشر: دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت.

[2] قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "وأما كون الاستفتاح واجبا: فمذهب الجمهور أنه مستحب وليس بواجب، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وهو المشهور عن أحمد وفي مذهبه قول آخر يذكره بعضهم رواية عنه: أن ‌الاستفتاح ‌واجب والله أعلم". مجموع الفتاوى (22/ 404).

[3] انظر: الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن (ص622)، الطبعة: الأولى - 1412 هـ، الناشر: دار القلم، الدار الشامية - دمشق بيروت، الواحدي، التفسير البسيط (12/ 423)، الطبعة: الأولى، 1430 هـ، الناشر: عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، الراغب الأصفهاني، تفسير الراغب الأصفهاني (1/ 257)، الطبعة الأولى: 1420 هـ - 1999 م، الناشر: كلية الآداب - جامعة طنطا، مصر، معجم متن اللغة (4/ 351) بدون طبعة، الناشر: دار مكتبة الحياة – بيروت.

[4] انظر: الطحاوي، اختلاف العلماء (1/ 373)، الطبعة: الثانية، 1417، الناشر: دار البشائر الإسلامية – بيروت، ابن الرفعة، كفاية النبيه في شرح التنبيه (3/ 100)، الطبعة: الأولى، م 2009، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، ابن أبي الفتح، المطلع على ألفاظ المقنع (ص113)، الطبعة: الطبعة الأولى 1423هـ - 2003 م، الناشر: مكتبة السوادي للتوزيع، الرياض.

[5] صحيح مسلم (2/ 185) حديث رقم (771)، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.

[6] صحيح البخاري (8/ 70) حديث رقم (6317)، كتاب الدعوات، باب: الدعاء إذا انتبه بالليل، صحيح مسلم، (1/ 532) حديث رقم (769)، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.

[7] صحيح مسلم (2/99) حديث رقم (60)، كتاب المساجد، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة.

_____________________________________________________________

الكاتب: مشاري بن عبدالرحمن بن سعد العثمان

  • 1
  • 0
  • 421

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً