من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر

منذ 2024-10-17

أيها الإخوة المؤمنون:  إن أحد أخطر أعضاء البدن ( اللسان)  إذا الإنسان لم يقيد لسانه ،  إذا الإنسان لم يملكه،  أورد اللسان صاحبه موارد الهلكة..

عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ:  «لَقدْ سَأَلْتَ عنْ عَظِيمٍ، وإنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلى منْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ، وتَحُجُّ البَيْتَ»»
«ثُمَّ قَالَ: « أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ » »
«ثُمَّ تَلاَ» : ﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ﴾}
« ثُمَّ قَالَ: « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ ، وَعَمُودِهِ ، وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ » قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : « رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلاَمُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ »  ثُمَّ قَالَ : « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ » قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا » قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ: « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ !! وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!»  »

أيها الإخوة المؤمنون:  إن أحد أخطر أعضاء البدن ( اللسان)  إذا الإنسان لم يقيد لسانه ،  إذا الإنسان لم يملكه،  أورد اللسان صاحبه موارد الهلكة.. 

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «قُلْتُ:  يَا رَسُولَ اللهِ ؛ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: « أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ»» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]

وعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ؛ حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ ، قَالَ: «قُلْ : رَبِّيَ اللهُ، ثُمَّ اسْتَقِمْ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ؛ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ: «هَذَا»» . [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]

ليس للسان آفة واحدة بل له آفات مهلكات:
منها السخرية منها الاستهزاء منها الاستخفاف منها الغمز منها اللمز والسب والطعن واللعن والكذب والشماتة والغيبة والنميمة....  وغير ذلك. 

لكن تبقى أخطر وأشهر آفات اللسان الكثيرة الذم، ذم الناس، أن زلت قدم أحدهم، أن سقط أحدهم سقطة، وفي مأثور الحكم إن لكل صارم نبوة، ولكل عالم هفوة،  ولكل جواد كبوة، في يوم من الأيام أو في موقف من المواقف،  يزل إنسان زلة بكيد شيطانه وبضعف نفسه فترى الجلادين يأتونه من بين يديه ومن خلفه هذا يلعنه وهذا يسبه وهذا يدعو عليه.. 

والسؤال يقول:  هل إذا وقعت من مسلم هفوة،  أو زلت قدمه زلة،  هل المطلوب مني ان أسبه وأذمه وألعنه وأدعو عليه... 

إن كانت الإجابة نعم فأنا لم أنفع أخي بشيء..  هو وقع في الذنب ولم يزل مقيماً عليه، وأنا لم أمد إليه يدي بل مددت إليه لساني فأحبطه وآذيته.. 

وأما إن كانت الإجابة لا..  لا أسبه،  لا ألعنه،  لا أحبطه،  أنا قد أحييته وأحييت فيه الأمل في عفو الله، والطمع في رحمة الله.. 

ورد عند البخاري من حديث عمر «أنَّ رَجُلًا علَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وكانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وكانَ يُضْحِكُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ جَلَدَهُ في الشَّرَابِ، فَأُتِيَ به يَوْمًا فأمَرَ به فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العنْه، ما أكْثَرَ ما يُؤْتَى بهِ؟ فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ إنَّه يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ.»

إنما شرعت النصيحة،  وشرع الدعاء بظهر الغيب،  وشرعت الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة من أجل أن يتعلم الجاهل ويتنبه الغافل ويستقيم المعوج، إنما شرعت النصيحة،  وشرع الدعاء بظهر الغيب،  وشرعت الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة من أجل أن ينصلح حال من فسد والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:  
« فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لكَ مِن أَنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ» 

أقولها ولم أزل أرددها نحن فقراء إلى نسقط ما نحفظه من القرآن الكريم،  وما نعلمه من سنة إمام المرسلين على المواقف الحياتية اليومية التي نمر بها  ... 

لا تقف أمام النص الذي تحفظه، لا تتجمد أمامه،  ولكن خذه فتدبره وانزل به على مواقف الحياة التي تمر بك.. 

قال ابو هريرة «"أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَكْرَانَ فأَمَرَ بضَرْبِه؛ فمِنَّا مَنْ يضْرِبُه بيَدِهِ، ومِنَّا مَنْ يضْرِبُه بنَعْلِه، ومِنَّا مَنْ يضْرِبُه بثَوْبِه فلما انْصَرَفَ، قال رَجُلٌ: ما له أخْزاهُ اللهُ! فقال: "لا تَكونوا عَوْنَ الشَّيْطانِ على أَخيكُم"» [البخاري] . 

ايها الإخوة الكرام  : لا تنظروا إلى اخطاء الناس وكأنكم آلهة،  ولا تفترضوا في انفسكم القداسة،  ولا تدعوا الكمال فالكمال لله رب العالمين. 

لسنا سوى بشر فينا الخير وفينا الشر ،  وليس بيننا وبين إنسان فُضح أمره وظهر عيبه إلا أن الله تعالى لم يزل يسترنا بستره الجميل.. 

نسأل الله العظيم ان يسترنا بستره الجميل في الدنيا والآخرة.. 

على عهد سيدنا عيسى عليه السلام تزوجت امرأة برجل،  ومرت بها الأيام فزلت أعاذكم الله فزنت،  ومن حدود الله عز وجل رجم الزاني المحصن وقد اتفقت على حد الرجم هذا شريعة سيدنا موسى وشريعة سيدنا عيسى وشريعة سيدنا محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام..  

وكان بنوإسرائيل مجرمون فسقة فلما أُتي بهذه المرأة ليقام عليها الحدُّ وقف بنو اسرائيل يشمتون بها،  جعلوا يَسُبون المرأة ويُعيرونها بذنبها ثم دعو سيدنا عيسى عليه السلام ليشارك رجمها.. 

فلما حضر عليه السلام سمعهم يذمونها ويعيرونها بذنبها ويشتمونها ويهزئون بها فما كان من سيدنا عيسى إلا أن واجه القوم فكفهم عن ذم المرأة  فقال:
« من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر»  
فانصرفوا عنها جميعاً من غير ان يرجمها أحد ولعله ُأسقط الحدُّ عن هذه المرأة بوحي من الله سبحانه وتعالى إلى سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام. 

الله سبحانه وتعالى عندما شرع عقوبة المذنبين لم يشرعها انتقاماً منهم،  ولم يشرعها انتقاصاً من حقهم.. 

إنما شرعت العقوبة رحمة للمذنب حتى لا يخوض في ذنب أكبر،  ثم إن العقوبة كفارة لذنبه ،  ثم إن في عقوبة المعتدي ردعاً لغيره.. 

الدليل : قول الله تعالى {﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾}
دليل آخر:  حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «قالَ لَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ في مَجْلِسٍ: تُبَايِعُونِي علَى أنْ لا تُشْرِكُوا باللَّهِ شيئًا، ولَا تَسْرِقُوا، ولَا تَزْنُوا، ولَا تَقْتُلُوا أوْلَادَكُمْ، ولَا تَأْتُوا ببُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بيْنَ أيْدِيكُمْ وأَرْجُلِكُمْ، ولَا تَعْصُوا في مَعروفٍ، فمَن وفَى مِنكُم فأجْرُهُ علَى اللَّهِ، ومَن أصَابَ مِن ذلكَ شيئًا فَعُوقِبَ في الدُّنْيَا فَهو كَفَّارَةٌ له، ومَن أصَابَ مِن ذلكَ شيئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فأمْرُهُ إلى اللَّهِ، إنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وإنْ شَاءَ عَفَا عنْه، فَبَايَعْنَاهُ علَى ذلكَ» .
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يعصمنا جميعاً من الزلل وان ينجينا برحمته من سوء العمل إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير.. 

الخطبة الثانية 
بقي لنا في ختام الحديث أن نقول: إن من القضايا المفروغ منها ان كل بني آدم ذوي خطأ،  لا معصوم من الخطأ بين البشر إلا الأنبياء والرسل عليهم السلام.. 
المشكلة ليست في أن إنساناً يقع في ذنب،  فهذا وارد،  وهذا مفروغ منه،  لكن المشكلة في يألف الإنسان الذنب،  أن يتعود عليه فلا ينزعج منه، المشكلة أن يذهب من النفس ألم الوقوع في الذنب،  أن يذنب فلا يندم فلا يستغفر الله تعالى ولا يتوب 
فيَنْسَلِخُ مِنَ الْقَلْبِ اسْتِقْبَاحُ الذنب، فَتَصِيرُ لَهُ عَادَةً، فَلَا يَسْتَقْبِحُ مِنْ نَفْسِهِ رُؤْيَةَ النَّاسِ لَهُ، وَلَا كَلَامَهُمْ فِيهِ.
وَهَذَا عِنْدَ أَرْبَابِ الْفُسُوقِ هُوَ غَايَةُ التَّهَتُّكِ وَتَمَامُ اللَّذَّةِ، حَتَّى يَفْتَخِرَ أَحَدُهُمْ بِالْمَعْصِيَةِ، وَيُحَدِّثَ بِهَا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَمِلَهَا، فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا.
وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ النَّاسِ لَا يُعَافَوْنَ، وَتُسَدُّ عَلَيْهِمْ طَرِيقُ التَّوْبَةِ، وَتُغْلَقُ عَنْهُمْ أَبْوَابُهَا فِي الْغَالِبِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرُونَ، وَإِنَّ مِنَ الْإِجْهَارِ أَنْ يَسْتُرَ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ ثُمَّ يُصْبِحُ يَفْضَحُ نَفْسَهُ وَيَقُولُ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَهَتَكَ نَفْسَهُ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ».
نسال الله العافية في الدنيا والآخرة انه ولي ذلك وهو على كل شيء قدير.

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.

  • 3
  • 0
  • 288
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    اقتلوا اليهود لقد بيّن الله تعالى صفات اليهود الكافرين في آيات كثيرة من كتابه الحكيم، ووصفهم وصفا تفصيليا دقيقا، ولا شك أن الحكمة من هذا التوصيف الإلهي الدقيق إنما هو أخذ العبرة والعظة، والحذر والاستعداد، فينأى المسلم عن سلوك سبيل اليهود واتباع سننهم أو موالاتهم، ويحذر مكرهم، وبالضرورة؛ يستعد لحربهم وقتالهم. ولكنّ أكثر الناس أهملوا التوصيف القرآني لليهود والمراد منه، واهتمّوا بالسرد التاريخي للأحداث بدلا من ذلك، فانحرفوا بذلك عن أصل المعركة، فحكموا على الحرب مع اليهود بأنها معركة وطنية سببها "الاعتداء على الأراضي والممتلكات"، بل صاروا يحذّرون من خطورة الانجرار إلى حرب دينية مع اليهود وكأنها تهمة! وقد تطرق شيخ الإسلام ابن تيمية لذلك في معرض حديثه عن تاريخ اليهود فقال: "هذا الاستقراء والتتبع، يبيّن أن نصر الله وإظهاره هو بسبب اتباع النبي، وأنه سبحانه يريد إعلاء كلمته ونصره ونصر أتباعه على من خالفه". والمعنى أن ما أخبرنا به القرآن عن تاريخ اليهود إنما هو للاعتبار والاتعاظ، وليس لمجرد السرد التاريخي الذي شغل الناس بتاريخ نهاية اليهود، وأشغلهم عن بلوغ السبيل الصحيح لذلك. ولنستعرض صفات اليهود الكافرين كما جاءت في القرآن الكريم، فقد قال تعالى عن كفر اليهود وشركهم به سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}، وعن تطاولهم وتجرئهم على الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا}، وقولهم: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}، وعن تحريفهم وتبديلهم لكلام الله قال تعالى: {مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ}، وعن كتمهم للحق قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}، وعن غدرهم ونقضهم المواثيق وقتلهم الأنبياء قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}، وعن عدائهم الشديد للمؤمنين قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}، وعن لعنهم وقسوة قلوبهم قال: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}، وعن جبنهم عند المواجهة قال تعالى: {وَإِن يُقَٰتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ}، وعن تعاملهم بالربا وسلبهم أموال الناس، قال تعالى: {وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَوٰاْ وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَٰطِلِ}، وعن سعيهم الدائم للإفساد والفتن قال سبحانه: {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ ويسعون في الأرض فسادا}، وعن قبولهم بالمنكر قال: {كَانُوا لَا یَتَنَاهَونَ عَن مُّنكَر فَعَلُوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا یَفعَلُونَ}، وعن حبهم للحياة أيّا كانت قال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ}، وعن كبرهم وغرورهم قال: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}، وعن حسدهم وحقدهم على المسلمين قال الله: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم}. بل وألحق الله تعالى باليهود مَن حالفهم ووالاهم وعدّه منهم، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}. وبعد كل هذا البيان والإيضاح، هل يبقى لأحد حجة في أن يزعم بأن الحرب مع اليهود ليست دينية، فإن لم تكن دينية فلن تلبث حتى تتحول إلى "مصالحات وتفاهمات" طال الزمان أم قصر، كما رأينا في كثير من الساحات التي كانت الحرب فيها أشد مما يجري في فلسطين، فكل العداوات تنتهي بانتهاء المُسبب إلا العداوة في الدين! ومعلوم في عقيدة أهل السنة والجماعة أن أوثق عرى الإيمان؛ الولاء للمؤمنين والعداء للكافرين، وهي ملة إبراهيم -عليه السلام- التي فرضها الله على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال: {ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا}، وملة إبراهيم هي قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِىٓ إِبْرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ}، فهذا هو أصل المعركة، منه المبتدى وإليه المنتهى. • المصدر: صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 376

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً