خطوات لتحبيب ابنك في الصلاة

منذ 2024-10-25

إن شجرة الإيمان لا تنبت بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى وقت لتترسخ جذورها. ابدأ مع طفلك بخطوات صغيرة، عرّفه على الصلاة تدريجيًا مع الزمن حتى تصبح الصلاة عادةً طبيعية في يومه.

في زمنٍ تتسارع فيه الحياة وتتنوع فيه الاهتمامات، يكمن التحدي الأكبر للأبوين في غرس الإيمان في قلوب أبنائهم، ورعاية تلك البذرة حتى تنمو وتثمر، الصلاة، الركن الأعظم والوسيلة الأسمى للتواصل مع الله، تستحق أن تكون أول تلك الغراس التي نحرص على زرعها في قلوب أطفالنا. لكن كيف نحببهم في الصلاة، تلك الرحلة الروحية التي تنتقل من مجرد أداء طقوس إلى علاقة وطيدة مآلها الفلاح بين العبد وربه.

كن قدوة قبل أن تكون معلماً:

لن يصدق ابنك حديثك عن أهمية الصلاة إلا إذا رآك تعيشها بكل شغف. فالصلاة ليست مجرد حركات تؤديها أمامه، بل هي لحظة نقاء تشعره بقيمتها عندما يراك تسارع إليها بروحك قبل جسدك. إن حب الأطفال للصلاة يبدأ عندما يرون فيك الحرص على تلبية وتعظيم نداء الله، وعندما يتحول سلوكك اليومي إلى انعكاس لهذا النور الذي تستمده من صلاتك، يشمل ذلك نوافلك في البيت وخروجك لجماعة المسلمين في بيب من بيوت الله عز وجل.

علّمه بروح اللطف والمحبة والرفق واللين:

الصلاة جسر يربط العبد بخالقه، فلا تبنيه أمام طفلك بأوامر صارمة أو بأسلوب التهديد. استخدم كلماتك كأدواتٍ ناعمة تبني في نفسه حبًا لهذه العبادة. بدلاً من أن تقول له: "صلّ وإلا..."، قل له: "هيا لنقترب معًا من الله، إن الله يحب الذين يصلون إليه". اجعل كل كلمة تحمل دفء المحبة، واسمح له بأن يشعر بأنها دعوة إلى السكينة، وأنه لها جزاء عظيمًا في الدنيا والآخرة.

اشرح له معاني الصلاة:

كيف نطلب من طفل أن يحب شيئًا لا يعرف معناه؟ علّمه أن الصلاة ليست مجرد ركوع وسجود، بل هي صلة بين العبد وربه، لحظة يقف فيها الإنسان بين يدي خالقه، يطلب، يشكر، ويقترب. أخبره أن كل حركة وكل دعاء لهما معنى، وأن الصلاة تفتح له أبواب الرحمة والسلام، فإذا استشعر هذه المعاني تعلق قلبه بالصلاة وعرف لها لذة وراحة.

اصنع له بيئة صلاة مميزة:

الصلاة ليست مكانًا أو زمانًا فقط، بل هي حياة وفلاح. اصنع لطفلك بيئة مميزة تشجعه على أداء الصلاة، علّمه كيفية الوضوء من أجل الاستعداد للقاء العظيم سبحانه. ليكن المكان حيث يصلي، مساحة مليئة بالهدوء والجمال، تشعره بأن الصلاة هي واحة السلام في يومه، هذا في حالة صلاة النافلة، أما الجامعة فمحلها بيوت الله حيث صفوف المصلين والجو الإيماني مع جماعة المسجد بمن فيهم الصغار الذين يكبرون ابنك بقليل وربما من هم دون سنه.

التدريج هو المفتاح:

إن شجرة الإيمان لا تنبت بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى وقت لتترسخ جذورها. ابدأ مع طفلك بخطوات صغيرة، عرّفه على الصلاة تدريجيًا مع الزمن حتى تصبح الصلاة عادةً طبيعية في يومه.

المكافأة والتشجيع:

عندما ترى طفلك يواظب على الصلاة، لا تبخل عليه بمكافأة. ولكن احذر أن تتحول الصلاة إلى واجب مرتبط بالحصول على هدية. اجعل المكافأة وسيلة لتشجيعه وإظهار تقديرك لجهوده، سواء كانت هدية صغيرة أو كلمات تشجيع دافئة. اجعل هدفك أن يرتبط الشعور بالسعادة بالصلاة نفسها، لا بالمكافأة، مع التأكيد علي تربيته على الإخلاص لله عز وجل وطلب المثوبة منه سبحانه والفوز برضاه وجنته في الآخرة.

الصلاة كجزء من اللحظات العائلية:

الصلاة ليست عبادة فردية فقط، بل هي جزء من الروابط الأسرية، اجعلها جزءًا من اللحظات الجميلة مع عائلتك، صلّوا أحيانا معًا كعائلة، لتشعر طفلك بأن الصلاة تجمع القلوب وتوحّد الأرواح، الصلاة الجماعية تبني في نفس الطفل شعورًا بالانتماء، وتجعله يترقب تلك اللحظات حيث يلتقي الجميع في لحظة خاشعة بين يدي الله عز وجل.

ربط الصلاة بمواقف الحياة:

ربط طفلك بالصلاة ليس فقط عندما تدق الساعة، بل في كل لحظة من حياته. علّمه أن الصلاة ليست وقتًا معزولًا عن الحياة، بل هي مرافقة له في كل موقف. عندما يشعر بالخوف، علّمه أن يلجأ إلى الله في صلاته. عندما يفرح، شجعه على السجود شكرًا. عندما يريد شيئًا علمه أن في الصلاة مواضع مناجاة ودعاء يمكنه أن يطلب من ربه القدير وهكذا.

استغل التكنولوجيا بحكمة:

في عالمٍ باتت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، يمكنك استغلال هذه الأدوات بحكمة لجذب اهتمام طفلك، استخدم التطبيقات النافعة التي تعلم الصلاة، أو شاهدوا معًا مقاطع فيديو تعليمية تجذب الأطفال وتحببهم في الصلاة بأسلوب مشوق، التكنولوجيا يمكن أن تكون وسيلة تربوية إذا تم استخدامها بحذر وتوجيه، وتعلق الطفال بها أشدّ وبالتالي تأثرهم أكثر.

القصص: مفاتيح قلوب الأطفال:

الأطفال يستمتعون ويتلذذون بالقصص، ويمكنك أن تحبب ابنك في الصلاة من خلال قصص الأنبياء والصالحين، قص عليه كيف كان الأنبياء يتوجهون إلى الله في صلاتهم، وكيف كان السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسان يجدون فيها الراحة والقوة، اربط له أحداث القصص بواقع حياته اليومية، ليشعر بأن الصلاة ليست قصة بعيدة، بل هي جزء من حياته.

تحبيب الأطفال في الصلاة هو رحلة تحتاج إلى صبر وحكمة، رحلة تُبنى على المحبة والتفاهم والقدوة، لا تتوقع من طفلك أن يحب الصلاة من اليوم الأول، بل اغرس في قلبه بذرة هذا الحب، واسقه باللطف والمودة، وسيأتي يوم –بإذن الله- تجد فيه هذه البذرة قد أصبحت شجرة وارفة تظلل حياته، وترافقه في كل درب، فإذا تعلق ابنك بالصلاة وأحبها فنم قرير العين لأنه يكون في رعاية الله وحفظه وكذلك سيراقب ربه ويتقيه في سرة وعلانيته.

  • 3
  • 0
  • 279
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    • إسقاط الطائرة الروسية "تحليل للتغطية الإعلامية" كان العالم يترقب ردّ الدولة الإسلامية على التدخّل الروسي في ساحة الصراع الرئيسيّة معهم في الشام، أو في المناطق الحيويّة لروسيا في داخل حدودها أو في المناطق الهامشيّة منها، التي تضمّ دول الاتحاد السوفيتي السابق، خاصّة مع وجود المئات من مجاهدي القوقاز وآسيا الوسطى في صفوف جيش الخلافة، بل والإعلان عن تأسيس ولاية القوقاز في مناطق التماس المباشر مع الجيش الروسي الذي يحتل تلك المناطق، وكذلك تواجد جنود الدولة الإسلامية في ولاية خراسان على مقربة من منطقة النفوذ الروسي في آسيا الوسطى، وتواجد الكثير من المجاهدين من تلك الدول في خراسان بعد بيعة (الحركة الإسلامية في أوزبكستان) للدولة الإسلامية، وكانت التوقعات عن شكل الرد تدور حول هجوم استشهادي أو انغماسي أو هجمات بالعبوات والسيارات المركونة تستهدف رعايا روسيا ومصالحها الحيوية، ولكن الرد جاء مفاجئاً للعالم كلّه بل وحتّى لكثير من جنود الدولة الإسلامية، ومختلفاً عن كل التوقعات التي طرحها المحللون والخبراء. ففي صبيحة يوم السبت 17 محرم أعلنت وسائل الإعلام عن سقوط طائرة تحمل 224 روسيّاً في وسط سيناء، دون أن تشير الأنباء لأيّ فرضية حول سبب سقوط الطائرة، ربّما بسبب التركيز على البحث عن حطامها، وعلى العثور على ناجين من بين ركابها، وبعد ذلك بساعات قليلة أصدر المكتب الإعلامي لولاية سيناء بياناً يعلن فيه مسؤولية جنود الدولة الإسلامية في الولاية عن إسقاط الطائرة، معلنين في الوقت نفسه أن العمليّة جاءت ردّاً على القصف الروسي على المسلمين في الشام. المميّز في التغطية الإعلامية لوسائل إعلام الطواغيت لخبر إسقاط الطائرة بعد إعلان الدولة الإسلامية لمسؤوليتها عن ذلك، أنّ هناك تغيّراً كبيراً في طريقة التغطية وأسلوبها عما كان شائعاً في تغطية الأخبار المماثلة سابقاً والتي تتضمن الحديث عن استهداف مصالح غربيّة أو قتل رعايا الدّول الصليبيّة على يد المجاهدين، هذا التغيّر يمكن تلخيصه فيما يلي: ١) كانت التغطيات الإعلامية فيما سبق تركّز على تجريم العمليّات المماثلة، وادّعاء مخالفتها للإسلام، وإظهار منفّذيها على أنّهم مجرمون يقتلون "الأبرياء"، ولكن في حالتنا هذه، استضافت معظم وسائل الإعلام متحدّثين يركزون على عدم التعاطف مع القتلى من الروس، مبرّرين ذلك بجرائم روسيا في الشام، وربّما يكون السبب وراء ذلك هو الانسياق وراء الرغبة الغربيّة في إقناع الروس أن دخولهم إلى جانب (بشار الأسد) سيكلّفهم الكثير من الخسائر. ٢) بالرغم من حاجة وسائل الإعلام التابعة للصليبيّين والطواغيت العرب إلى إيصال رسالة أن حربهم في الشام ستجرّ عليهم خسائر لا يتوقّعونها، فإنّ إعطاء الفضل للدولة الإسلامية في ذلك أمر لا يمكن أن تتقبّله وسائل الإعلام تلك، لذلك سعت منذ اللحظات الأولى لصدور بيان ولاية سيناء إلى إنكار حقيقة إسقاط الدولة الإسلامية للطائرة، والتركيز على تكذيب البيان، مستخدمين في ذلك طريقة خبيثة، وهي إشغال أذهان المتابعين بالهدف الخاطئ، حيث كُثِّف الكلام على أن إسقاط الطائرة يكون بصاروخ محمول على الكتف من نوع (إيغلا) أو (ستريلا)، حتى يرسخ في ذهن المتابع أنّ هذه الطريقة هي الوحيدة التي يمكن بها إسقاط طائرة، ثم ينتقل المتلاعبون بالعقول إلى المرحلة الثانية وهي نفي إمكانية سقوط هذه الطائرة الروسية بصاروخ محمول على الكتف، وذلك عن طريق إيراد معلومات حقيقية عن إمكانيات هذه الصواريخ رغم أنّها لا تطابق بالضرورة حالة هذه الطائرة، وجرى ترديد خبر لا يُعلم مدى مصداقيته أن الطائرة سقطت من ارتفاع (٣١٠٠٠ قدم = ١٠ كم تقريباّ)، لينطلق "المحلّلون" من هذه المعلومة إلى أن أقصى مدى لصواريخ (إيغلا) و(ستريلا) لا يبلغ هذا الارتفاع الشاهق، كل هذا ليشغلوا ذهن المتابع عن حقيقة أن الدولة الإسلامية لم تعلن بأي شكل أنّها أسقطت الطائرة بصاروخ مضاد للطائرات من أي نوع. ولكن الذي أسقط هذه الدعوى، هو الاحتمالات البديلة لأسباب سقوط الطائرة، والتي ستتمحور حول أحد احتمالين: الأول: سقوط الطائرة باستبعاد احتمال تعرّضها لأيّ هجوم، وبالتّالي سيُفسَّر السقوط بأنّه نتيجة لأعطال فنيّة في جسم الطائرة تسبّبت في سقوطها، ما يعني -ولا شك- تحمّل شركة الطيران المالكة أو المشغّلة للطائرة المسؤولية عن عدم صلاحيتها للطيران، وقد جرى الترويج لتسريبات عن مشاكل فنيّة في الطائرة نقلاً عن موظّفين في الشركة نفسها لتأكيد هذا الاحتمال. وهذا ما ستدفعه الشركة عن نفسها لحماية سمعتها، وتجنّب الخسائر المؤكّدة الناتجة عن ضياع حقّها في التعويضات من شركات التأمين، ودفع تعويضات للمتضرّرين ولأهالي الضحايا، وعزوف المسافرين عن شراء تذاكرها، وغير ذلك من التكاليف التي قد تهدّدها بالإفلاس، بل وتؤثّر على سمعة شركات الطيران الروسية بالعموم. صحيفة النبأ – العدد 4 السنة السابعة - السبت 24 محرم 1437 هـ مقال: إسقاط الطائرة الروسية "تحليل للتغطية الإعلامية"

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً