ترجمة الإمام عبد الله بن لهيعة رحمه الله

منذ 2024-10-30

قال ابن حبان في ترجمته في المجروحين (2/11) (538) وكان شيخًا صالحًا، ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه

كتب الأستاذ : أحمد محمد قرني
ترجمة الإمام عبد الله بن لهيعة رحمه الله:
اسمه: عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي الأعدولى، ويقال الغافقي، أبو عبد الرحمن، و يقال أبو النضر، المصرى الفقيه القاضي عالم الديار المصرية , وقاضيها, ومحدثها, فهو حضرمي مصري.
طبقته: من السابعة من كبار أتباع التابعين.
ولد: 95هـ ، توفي: 174 هـ ؛ أي عاش 79 عامًا رحمه الله.
روى له: (مسلم - أبو داود - الترمذي - ابن ماجة)
روى له مسلم حديثًا واحدًا مقرونًا بعمرو بن الحارث من رواية ابن وهب عنه.
صور وروده: ابن لهيعة – عبد الله بن لهيعة – عبد الله بن عقبة- عبد الله هو ابن لهيعة- ابن لهيعة الحضرمي.
والده هو: لهيعة بن عقبة الحضرمي، ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات "([1])، والبخاري في التاريخ الكبير([2])، وقال ابن حجر : مستور.([3])
أشهر شيوخه:
1.      بكر بن سوادة الجذامي.
2.      بكير بن عبد الله بن الأشج.
3.      الحارث بن يزيد الحضرمي.
4.      حيي بن عبد الله المعافري.
5.      أبو هانئ حميد بن هانئ الخولاني.
6.      دراج أبى السمح.
7.      زبان بن فائد.
8.      عبد الله بن هبيرة السبئي.
9.      عمرو بن شعيب.
10. مشرح بن هاعان المعافري.
11. أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل.
12. محمد بن عجلان.
13. محمد بن المنكدر.
14. الليث بن سعد.
15. يزيد بن أبى حبيب.
16. أبو الزبير المكي.
أشهر تلاميذه:
1.      إسحاق بن عيسى ابن الطباع.
2.      الحسن بن موسى الأشيب.
3.      سفيان الثوري، مات قبله.
4.      شعبة بن الحجاج، كذلك.
5.      عبد الله بن المبارك.
6.      عبد الله بن مسلمة القعنبي.
7.      عبد الله بن وهب.
8.      عبد الله بن يزيد المقرئ.
9.      عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، مات قبله.
10. عمرو بن الحارث المصري، مات قبله.
11. قتيبة بن سعيد.
12. لهيعة بن عيسى بن لهيعة ( ابن أخيه ).
13. يحيى بن إسحاق السيلحينى.
14. عمرو بن خالد الحرانى.
15. عثمان بن صالح السهمى.
16. سعيد بن أبى مريم.
17.  يحيى بن عبد الله بن بكير.
كان اختيار هؤلاء التلاميذ حسب كثرة الرواية، والأخذ عنه في الغالب وكذلك الشيوخ.
وكما هو معلوم فإن الإمام عبد الله بن لهيعة مكثر من الرواية كما قال الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/213) 275 - ذكر عبد الله بن لهيعة المصري، وحديثه كثير منتشر.
واختلفت فيه أقوال العلماء، فقسمتها التقسيم التالي:
أقوال علماء الجرح والتعديل مقسمة إلى:
القول الأول (مَن ضعفه مطلقًا):
·        يحيي بن سعيد القطان.
قال البخاري، عن الحميدي: كان يحيى بن سعيد لا يراه شيئًا.([4])
·        ومحمد بن عيسى الترمذي.
قال الترمذي في سننه : وابن لهيعة ضعيف عند أهل الحديث؛ ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره.([5])
·        أبو حاتم الرازي.
·        وأبو زرعة الرازي.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سألت أبي وأبا زرعة عن الإفريقي وابن لهيعة أيهما أحب إليكما؟ قالا: جميعًا ضعيفان، وأشبههما الإفريقي، بين الإفريقي وبين ابن لهيعة كثير، أما الإفريقي فإن أحاديثه التي تنكر عن شيوخ لا نعرفهم وعن أهل بلده، فيحتمل أن يكون منهم ويحتمل أن لا يكون.([6])
·        يحيي بن معين:
في سؤالات ابن الجنيد: قلت ليحيى: فسماع القدماء والآخرين من ابن لهيعة سواء؟ قال: «نعم، سواء، واحد».([7])
وفي الكامل لابن عدي : قال وذكر عند يحيى احتراق كتب ابن لهيعة، فقال: هو ضعيف قبل أن تحترق، وبعد ما احترقت.
ثنا محمد بن علي السكري، ثنا عثمان بن سعيد، قلت ليحيى بن معين: كيف رواية ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر؟ قال: ابن لهيعة ضعيف الحديث، قال عثمان: وفي موضع آخر: ابن لهيعة كيف حديثه عندك؟ قال: ضعيف.
ثنا أحمد بن علي، ثنا عبد الله بن الدورقي، قال يحيى بن معين: أنكر أهل مصر احتراق كتب ابن لهيعة، والسماع منه واحد: القديم والحديث.([8])
وفي إكمال تهذيب الكمال: قال: وفي رواية محمد بن سعد العوفي عن ابن معين: حديثه لا يسوي فلسًا.([9])
·        محمد بن إسماعيل البخاري.
ذكره في الضعفاء الصغير (194) عبد الله بن لهيعة.
·         أحمد بن شعيب النسائي:
في الكامل في الضعفاء قال النسائي: عبد الله بن لهيعة بن عقبة أبو عبد الرحمن المصري ضعيف. ([10])
وفي إكمال تهذيب الكمال: قال النسائي - فيما رواه ابنه: ليس بثقة. ([11])
·        عبد الرحمن بن مهدي:
قال ابن المديني، عن ابن مهدي: لا أحمل عنه قليلًا ولا كثيرًا. ([12])
·        محمد ابن سعد:
قال محمد بن سعد: كان ضعيفًا، ومن سمع منه في أول أمره أحسن حالًا في روايته ممن سمع منه بآخره.([13])
·        سعيد بن أبي مريم:
قال ابن أبي مريم: ما أقر به قبل الاحتراق وبعده.([14])
·        محمد بن إسحاق بن خزيمة:
في صحيح ابن خزيمة (1/75) قال أبو بكر: «ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا الكتاب إذا تفرد برواية، وإنما أخرجت هذا الخبر؛ لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد».
 

([1]) الثقات لابن حبان: (7/362) ( 10415).
([2]) التاريخ الكبير للبخاري: (7/252) (1072).
([3]) التقريب: (5718).
([4]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (5/145).
([5]) الترمذي: (10).
([6]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (5/235).
([7]) سؤالات ابن الجنيد: (ص: 393) (502).
([8]) الكامل في الضعفاء: (5/237).
([9]) إكمال تهذيب الكمال: (8/143).
([10]) الكامل في الضعفاء (5/237).
([11]) إكمال تهذيب الكمال: (8/143).
([12]) تهذيب التهذيب: (2/411).
([13]) تهذيب التهذيب: (2/411).
([14]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (5/146) (682).
·        بشر بن السري:
عن عبد الرحمن صالح بن أحمد [ بن محمد ] بن حنبل، نا علي [ يعني ] ابن المديني قال: سمعت يحيى [ يعني ] ابن سعيد القطان قال: قال بشر بن السري: [ لو رأيت ] ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفًا.([1])
·        علي بن عمر الدارقطني:
 في سنن الدارقطني (1/129) 244 – قال تفرد به ابن لهيعة وهو ضعيف الحديث.
·        إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني:
قال الجوزجاني: لا يوقف على حديثه، ولا ينبغي أن يحتج به، ولا يغتر بروايته.([2])
·        الخطيب البغدادي:
قال الخطيب: فمن ثم كثرت المناكير في روايته لتساهله.([3])
·        ابن الجوزي:
قال ابن الجوزي: ولعمري إِن ابْن لَهِيَعَة ذَاهِب الحَدِيث.([4])
·        الذهبي:
قال ضُعِّف، وقال العمل على تضعيف حديثه.([5])
 
 
تدليسه:
قال أبو حاتم ابن حبان في المجروحين (2/12) ( 538) قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودًا، وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرًا، فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضَعْفَى عن أقوام رآهم بن لهيعة ثقات، فالتزقت تلك الموضوعات به.
وقال ابن كثير في تفسيره (5/404): " وفي هذا نظر؛ فإن ابن لهيعة قد صرح فيه بالسماع، وأكثر ما نقموا عليه تدليسه.
تلقينه:
في الكامل في ضعفاء الرجال (6/405) 9959 - حَدثنا موسي بن العباس، حَدثنا أَبو حاتم، سمعتُ ابن أبي مريم يقول: رأيت ابن لَهِيعَة يعرض عليه ناس من الناس أحاديث من أحاديث العراقيين: منصور، والأعمش، وأَبي إسحاق، وغيرهم، فأجازه لهم، فقلتُ: يا أبا عَبد الرحمن ليست هذه الأحاديث من أحاديثك، فقال: هي أحاديث قد مرت على مسامعي.
(9960) حَدثنا موسى بن العباس، حَدثنا أَبو حاتم، سألت أبا الأسود، قلت: كان ابن لَهِيعَة يقرأ ما يدفع إليه؟ قال: كُنا نرى أنه لم يفته من حديث مصر كبير شيء، وكنا نتتبع أحاديث من حديث غيره، عن الشيوخ الذين يروي عنهم، فكنا ندفعه إليه.
احتراق كتبه:
في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم:
حَدَّثنا عَبد الرَّحمن، حَدَّثنا محمد بن إِبراهيم، قال: سَمِعتُ عَمرو بن علي يقول: عَبد الله بن لَهيعَة احترقت كتبه، فمن كتب عنه قبل ذلك مثل ابن المبارك، وعَبد الله بن يزيد المقري أَصح من الذين كتبوا بعد ما احترقت الكتب، وهو ضعيف الحديث.([6])
قال ابن حبان في ترجمته في المجروحين (2/11) (538) وكان شيخًا صالحًا، ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه، ثم احترقت كتبه في سنة سبعين ومائة قبل موته بأربع سنين، وكان أصحابنا يقولون: إن سماع مَن سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم صحيح، ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء.
قال الميموني: سمعت أحمد يقول: ابن لهيعة كانوا يقولون: احترقت كتبه، وكان يؤتى بكتب الناس فيقرأونها.([7])
وقال الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية (ص: 152): وكان عبد الله بن لهيعة سيء الحفظ، واحترقت كتبه، وكان يتساهل في الأخذ، وأي كتاب جاءوه به حدث منه، فمن هناك كثرت المناكير في حديثه ".
قال ابن حجر – رحمه الله-: وكذا ابن لهيعة، وهو في الأصل صدوق، لكن احترقت كتبه، فحدث من حفظه، فخلطه، وضعفه بعضهم مطلقاً، ومنهم من فصَّل، فقبل منه ما حدث به عند القدماء، ومنهم من خص ذلك بالعبادلة من أصحابه، وهم: عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وهذا الحديث من رواية هذا الأخير، والإنصاف في أمره أنه متى اعتضد كان حديثه حسناً، ومتى خالف كان حديثه ضعيفاً، ومتى انفرد توقف فيه.([8])
وقد نفى احتراق كتبه ابن معين كما في سؤالات ابن الجنيد (ص: 393) (499) ثم قال لي يحيى بن معين: «قال لي أهل مصر: ما احترق لابن لهيعة كتاب قط، وما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات».
قال الشيخ الحويني - حفظه الله- ولا يخفاكم أن مثل هذا الإسناد لا يقبل... من أهل مصر الذين حدثوا يحيى بن معين؟ نحن لا نعرفهم.
ونفى أيضا احتراق كتبه أبو زرعة كما في سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي (ص: 94)
49- قال أبو زُرْعَة: لم تحترق كتبه، ولكن كان رديء الحفظ.
قال الذهبي في السير (8/18): الظاهر أنه لم يحترق إلا بعض أصوله.
? (قلت): وهو الراجح، وبه يجمع بين من نفى ومَن أثبت احتراق كتبه, والله أعلم.
اختلاطه:
قال الحاكم في المستدرك (4/287):
وعبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أحد الأئمة إنما نقم عليه اختلاطه في آخر عمره.
قال ابن سعد في الطبقات (9/524): وأما أهل مصر، فيذكرون أنه لم يختلط.
القول الثاني (مَن وثقه أو قوَّى حاله في رواة دون رواة):
·        أحمد بن حنبل: في إكمال تهذيب الكمال: (8/143)
عبد الله بن سعد ابن أخي سعيد ابن أبي مريم قال لي أحمد بن حنبل: عمك سمع ابن لهيعة قبل ذهاب كتبه، ويقال سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه: ابن وهب، وابن المبارك، وابن المقرئ.
·        أبو حاتم ابن حبان:
في المجروحين لابن حبان (2/11): وَكَانَ أَصْحَابنَا يَقُولُونَ إِن سَماع من سمع مِنْهُ قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم صَحِيح، وَمن سمع مِنْهُ بعد احتراق كتبه فسماعه لَيْسَ بِشَيْء.
وقال كما في ميزان الاعتدال (2/482): قال ابن حبان: مولد ابن لهيعة سنة ست وتسعين، ومات سنة أربع وسبعين ومائة، وكان صالحًا، لكنه يدلس عن الضعفاء، ثم احترقت كتبه، وكان أصحابنا يقولون: سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة: عبد الله بن وهب، وابن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي - فسماعهم صحيح. (قلت وهذا الموضع الوحيد الذي ذكر فيه عبد الله بن مسلمة القعنبي).
·        عبد الرحمن بن مهدي:
كما في تهذيب التهذيب: (2/411): وقال نعيم بن حماد: سمعت ابن مهدي يقول: لا أعتد بشيء سمعته من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك، ونحوه.
·        أبوزرعة:
في تذكرة الحفاظ للذهبي (1/175) وسئل عنه أبو زرعة وعن سماع القدماء منه فقال: أوله وآخره سواء إلا أن ابن المبارك وابن وهب كانا يتبعان أصوله.
·        الدارقطني:
قال الدارقطني في " الضعفاء والمتروكون " (2/160) (319): عبد الله بن لهيعة بن عقبة، وربما نسب إلى جده يعتبر بما يروي عنه العبادلة ابن المبارك، والمقرئ، وابن وهب.
·        الأزدي:
كما في تهذيب التهذيب: (2/411) وقال عبد الغني بن سعيد الأزدي: إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح: ابن المبارك، وابن وهب، والمقرئ، وذكر الساجي وغيره مثله.
·        ابن حجر:
في تقريب التهذيب (ص: 319) (3563) - عبد الله ابن لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء ابن عقبة الحضرمي أبو عبد الرحمن المصري القاضي صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيء مقرون، مات سنة أربع وسبعين وقد ناف على الثمانين م د ت ق .
مع التنبيه على أن الامام ابن حجر قد ضعفه مطلقًا كما في الفتح (3/597) قال وقد روى ابن لهيعة مرفوعًا عن عطاء عن جابر مرفوعا: «الحج والعمرة فريضتان» أخرجه بن عدي، وابن لهيعة ضعيف، ولا يثبت في هذا الباب عن جابر شيء.
-  الشيخ الألباني - رحمه الله- قال :ابن لهيعة فيه كلام لا يخفى، والأحاديث التي نوردها في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " من روايته أكثر من أن تحصر، بيد أن هذا الكلام فيه ليس على إطلاقه، فإن رواية العبادلة الثلاثة عنه صحيحة وهم عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الله ابن يزيد المقرئ، فإنهم رووا عنه قبل احتراق كتبه، كما هو مشروح في ترجمته من" التهذيب "، وثمة ملاحظة ثالثة وهي أن ضعف ابن لهيعة إنما هو من سوء حفظه.
فمثله يتقوى حديثه بمجيئه من وجه آخر ولو كان مثله في الضعف ما لم يشتد ضعفه.([9])
 
?(قلت): هؤلاء العبادلة وهم (عبد الله بن وهب، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن مسلمة القعنبي)، وكلام الأئمة في تقوية روايتهم مر معنا.
س/هل تلحق رواية قتيبة برواية العبادلة؟
جـ/في تهذيب الكمال (15/487) و قال جعفر بن محمد الفريابى: سمعت بعض أصحابنا يذكر أنه سمع قتيبة يقول: قال لى أحمد بن حنبل: أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح، قال: قلت: لأنا كنا نكتب من كتاب عبد الله بن وهب ثم نسمعه من ابن لهيعة.
وهذه القصة ليس لها إلا هذا الإسناد وهو ضعيف؛ لأن جعفر الفريابي لم يسمعها إنما قال: سمعت بعض أصحابنا يذكر... وذكرها، فلم يذكر لنا من هم بعض أصحابه؟ وقد ذكر الأثرم عن الإمام أحمد أن قتيبة هو آخر من سمع من ابن لهيعة.
ولكن في تهذيب الكمال أيضًا قال أبو عبيد الآجرى: سمعت قتيبة يقول: كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن أخيه أو كتب ابن وهب إلا ما كان من حديث الأعرج.
قال الشيخ الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/825): ويمكن أن يلحق بالعبادلة قتيبة بن سعيد، فقد رواه عن ابن لهيعة كما رأيت، وذلك لما ذكره الذهبي في ترجمة قتيبة من "سير أعلام النبلاء " (8/15) من رواية جعفر الفريابي: سمعت بعض أصحابنا يذكر أنه سمع قتيبة يقول: قال لي أحمد بن حنبل: أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح.
فقلت: لأننا كنا نكتب من كتاب ابن وهب، ثم نسمعه من ابن لهيعة " قلت([10]): ولا يناقض هذا ما رواه الأثرم عن أحمد - كما في " التهذيب " - أنه ذكر قتيبة فأثنى عليه، وقال: هو آخر مَن سمع من ابن لهيعة "، قلت: وذلك لأنه كان يعتمد على كتاب ابن وهب، وليس على ما يسمعه من ابن لهيعة. والله أعلم.
? (قلت):([11]) وقد مر معنا ضعف إسناد هذه القصة التي ذكرها الفريابي.
- وفي بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن لأبي إسحاق الحويني الأثري حجازي محمد شريف -حفظه الله- (1/62): قال وقتيبة بنُ سعيد ليس من قدماء أصحابه.
وزعم بعضُ أصحابنا أن قتيبة بن سعيد يلتحق بقدماء أصحاب ابن لهيعة لجلالته!!
وقال الشيخ الحويني حفظه الله: وقد وقع لي أسماءُ جماعةٍ من الذين سمعوا من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، منهم:
1 - عبد الله بن المبارك.
2 - عبد الله بن وهب.
3 - عبد الله بن يزيد المقرىء.
4 - عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ.
5 - يحيى بن إسحق.
6 - الوليدُ بنُ مزيد.
7 - عبد الرحمن بنُ مهدي.
8 - إسحقُ بْنُ عيسى.
9 - اللَّيْثُ بنُ سعدٍ.
10 - بشرُ بنُ بكر.
? (قُلْتُ) ([12]): نصَّ على الثلاثة الأول: الساجيُّ، وعبدُ الغني بْنُ سعيد، وغيرُهُما.
قال الذهبيُّ في "تذكرة الحفاظ" (1/238):
"حدَّث عنه ابنُ المبارك، وابنُ وهب، وأبو عبد الرحمن المقرئ، وطائفةٌ قبل أن يكثر الوهمُ في حديثه، وقبل احتراق كتبه، فحديثُ هؤلاء عنه أقوى، وبعضُهُمْ يصححه، ولا يرتقي إلى هذا" اهـ.
وقال ابنُ مهدي:
"لا أعتدُّ بشيء سمعتُه من حديث ابن لهيعة، إلا سماعُ ابن المبارك ونحوه"، وكذا قال ابنُ حبان في "المجروحين" (2/11).
ونصَّ ابنُ حبان على القعنبي.
ذكره عنه الذهبي في "الميزان" (2/482)، وفي "السير" (8/23). ونصَّ على: "يحيى بن إسحق"، الحافظُ في "التهذيب" (2/420) في ترجمة حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص.
ونصَّ على الوليد بن مزيد: الطبرانيُّ في "المعجم الصغير" (1/231).
ونص على عبد الرحمن بن مهديّ: الحافظُ في "مقدمة اللسان" (1/10 - 11).
ولي بعضُ النظر حول سماع ابن مهدى من ابن لهيعة.
ونصَّ على إسحق بن عيسى: أحمدُ بْنُ حنبلٍ.
ففي "الميزان" (2/477) للذهبيّ:
"قال أحمدُ: حدثني إسحق بْنُ عيسى أنه لقى ابن لهيعة سنة أربعٍ وستين ومائة، وأن كُتبه احترقت سنة تسع وستين".
ونصَّ على اللَّيث بن سعدٍ: الحافظُ ابنُ حجر.
فقال في "الفتح" (4/345): "... وفيه ابنُ لهيعة، ولكنه من قديم حديثه؛ لأن ابن عبد الحكم أورده في "فتوح مصر" من طريق الَّليث عنه" اهـ.
ونصَّ على بشر بن بكر: العقيليُّ بسنده.
فقال في "الضعفاء" (2/294): "حدثنا حجاج بن عمران، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن الوزير، قال: حدثنا بشر بن بكر، قال: لم أسمع من ابن لهيعة شيئًا بعد سنة ثلاث وخمسين ومائة".
القول الثالث (مَن وثقه مطلقًا):
·        الإمام مالك:
في تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للسيوطي رحمه الله (1/368)
وقال: ابن حجر في رجال الأربعة: إذا قال مالك: عن الثقة، عن عمرو بن شعيب فقيل: هو عمرو بن الحارث، أو ابن لهيعة.
·        الامام أحمد:
في أحد أقواله كما في تهذيب الكمال: (15/487) قال أبو عبيد الآجرى سمعت أبا داود يقول: و سمعت أحمد بن حنبل يقول: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه؟ وحدث عنه أحمد بحديث كثير.
 وَقَال حَنْبَلُ بْن إسحاق: سمعت أَبَا عَبْد اللَّهِ، يَقُولُ: مَا حَدِيثُ ابْنِ لَهِيعَة بِحُجَّةٍ، وإِنِّي لأَكْتُبُ كَثِيرًا مِمَّا أَكْتُبُ أَعْتَبِرُ بِهِ، وهُوَ يُقَوِّي بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.
·        أحمد بن صالح المصري:
كما في تهذيب التهذيب: (2/411) وقال ابن شاهين: قال أحمد بن صالح: ابن لهيعة ثقة، وما رُوي عنه من الأحاديث فيها تخليط يطرح ذلك التخليط.
·        الليث بن سعد:
في إكمال تهذيب الكمال: (8/143)، وفي " تاريخ دمشق " قال الليث: لما مات ابن لهيعة ما خلف بعده مثله.
سفيان الثوري: كما في تهذيب الكمال: (15/487) وقال الحسن بن علي الخلال، عن زيد بن الحباب: سمعت سفيان الثوري يقول: عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع، قال: وسمعت سفيان يقول: حججت حججًا؛ لألقى ابن لهيعة.
·   ومن المعاصرين الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -، والدكتور أحمد معبد عبد الكريم - حفظه الله -، وقد تكلم عنه كلامًا طويلًا في الدراسة والتحقيق والتعليق على كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي.
الراجح في حالة رحمه الله:
هو القول بالتضعيف مطلقًا لأقوال الأئمة التي مرت معنا سواء كان من رواية العبادلة أو غيرهم، أو كان قبل اختلاطه أو بعد اختلاطه، وذلك لسوء حفظه خاصة إذا انفرد, أو خالف لا يقبل حديثه، وهذا ما رجحه شيخنا فضيلة الشيخ مصطفى بن العدوي حفظه الله.
وسئل الشيخ العلامة عبد الله السعد حفظه الله:
س/ما القول الراجح في ابن لهيعة؟
جـ/عبد الله بن لهيعة الحضرمي المصري من كبار أهل العلم في بلاد مصر في زمانه، وكان قاضي مصر - رحمه الله -، وكان مكثرًا جدًا من الحديث والرواية فهو من أهل العلم والفضل، ولكنه - رحمه الله - لم يكن بالمتقن، ولم يكن أيضًا بالحافظ - رحمه الله -، وخاصةً في حديثه المتأخر فلذلك وقعت أحاديث منكرة في حديثه ووقعت أوهام في روايته... إلى آخر كلامه حفظه الله.
قال الشيخ الحويني- حفظه الله -: فنحن كما نقول دائمًا عندما يأتينا حديث راوٍ سيئ الحفظ ، فلا تذهب، وتنظر في « التقريب » وتقول: إن هذا الراوي صدوق يهم؛ فيكون حديثه حسنًا .. لا... بل ننظر من الذي تابعه، ومن الذي خالفه، وهل تفرد أم لا.؟
وقد قمت بعمل عينة على حديث ابن لهيعة خصوصًا ، كان لي كتاب كنت بدأت تصنيفه من زمن، من أول عهدي بالطلب، ولكني لم أتمه طمعًا في أن أتوسع فيه، حتى أصل إلى درجة الاستقراء، فاتسعت المسألة عليَّ؛ فتوقفت، كتاب كنت أسميته: (كشف الوجيعة في بيان حال ابن لهيعة(، فما الذي عملته فيه.. جمعت كل حديث ابن لهيعة الذي قابلني في كل الكتب المسندة ، ثم رتبتها على مسانيد الصحابة ، يعني ما رواه ابن لهيعة بسنده إلى أبي بكر ... إلى تمام العشرة ، ثم إلى بقية الصحابة ، فيكون مسند أبي بكر ، مسند عمر ، مسند علي بن أبي طالب، مسند عثمان .. إلى آخره.
وبدأت أخرّج الحديث وأنظر في طرقه ، من الذي وافق ابن لهيعة على الإسناد والمتن في هذا الحديث ، وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا، أن تبحث في كل الكتب المسندة عندك عمن وافق ابن لهيعة في هذا، فإذا رأيت مثلاً الثقات وافقوا ابن لهيعة على هذا الإسناد والمتن، فاعرف أن ابن لهيعة حفظ هذا الحديث ، فما الذي أعلمني أنه قد حفظ.؟. موافقة الثقات له...
وإذا حققت الحديث، فوجدت أن الثقات قد خالفوا ابن لهيعة فيه ، لا أتردد في توهيم ابن لهيعة ، وأنه غلط في هذه المسألة بدليل أن من أتقن منه وأفضل قد رواه على غير روايته.
أما القسم الذي تفرد به ابن لهيعة لا سيما عن شيخ مشهور، فحكمت على هذا القسم كله بالضعف... إلى آخر كلامه -حفظه الله-([13])
? (قلت): وهذا الذي قمت به في هذا البحث، ولكن في راوٍ واحد عن ابن لهيعة، وهو قتيبة ابن سعيد، ورتبتها على مسانيد الصحابة - رضوان الله عليهم-.
 
 
 
 
 
 

([1]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (5/145) (682).
([2]) تهذيب التهذيب: (2/411).
([3]) تهذيب التهذيب: (2/411).
([4]) الموضوعات لابن الجوزي: (2/46).
([5])الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة: (3/182).
([6]) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (5/147).
([7]) الجامع لعلوم الإمام أحمد – الرجال: (17/551).
([8]) نتائج الأفكار لابن حجر: (2/34).
([9]) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها: (2/24).
([10]) (أي الشيخ الألباني رحمه الله).
([11]) ( أحمد ).
([12]) أي الشيخ الحويني – حفظه الله-
([13]) موقع الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله.
 
  • 2
  • 0
  • 352
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    ◾ اقتباس من افتتاحية العدد 456 في زمن المجزرة • وليس اليهود أو الأمريكان وحدهم المتورطين في مجازر فلسطين، بل هناك أطراف أخرى شاركت قصدا أو تبعا في هذه المجازر وإنْ ظهروا اليوم يتباكون على ضحاياها، فدعاة السوء الذين نذروا حياتهم للدفاع عن الطواغيت وجيوشهم الكافرة الحامية لحدود اليهود؛ هم مشاركون في المجزرة، الحركات والجبهات المرتدة التي حاربت المجاهدين وقطعت الطريق عليهم وأخَّرت مسيرهم، هي جزء من هذه المجزرة، الكتّاب والإعلاميون المنافقون أو ما يطلق عليهم في الوسط الجاهلي "المثقفون والنخب"، والذين تسلطوا على المجاهدين وسلقوهم بألسنة حداد، هؤلاء أيضا مشاركون في المجزرة، هؤلاء وغيرهم متورطون في المجزرة بقدر حربهم وتشويههم للمجاهدين الذين خاضوا غمار الحروب ضد قوى الكفر، فاصطف هؤلاء في صف تحالف الكفر ضد المجاهدين، فاستمرت المجزرة بحق المسلمين.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً