الأعمال المستحبة في شهر رجب

منذ يوم

يُعدُّ شهر رجب فرصةً ثمينةً لزيادة العبادة والتقرب إلى الله تعالى، ففيه تُضاعف الحسنات وتُقبَل التوبة، ومن أهم الأعمال المستحبة فيه:

الأعمال المستحبة في شهر رجب

شهر رجب شهرٌ مباركٌ من الأشهر الحُرم الأربعة، يَحُلُّ بين جمادي الآخرة وشعبان، يحمِل في طيَّاته فضائل عظيمة وأعمالًا مستحبةً، تُضاعف فيها الحسناتُ، وتُرفع فيها الدرجات، فهو شهرٌ يُنْسَبُ فيه إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم العديد من المعجزات والأحداث العظيمة؛ مما يزيد من أهميته ومكانته عند المسلمين، وليس بالضرورة أن تَقتصر الأعمال الصالحة على أفعالٍ جليلةٍ ظاهرة، بل تشمل أيضًا نيات القلب الصافية والنية الخالصة لله تعالى، ففي هذا المقال سنتناول بالتفصيل الأعمال المستحبة في شهر رجب، مُستندين إلى السنة النبوية الشريفة والأحاديث الصحيحة، مُحاولين أن نُغطي جوانبها المختلفة.

 

أولًا: زيادة العبادة والتقرب إلى الله:

يُعدُّ شهر رجب فرصةً ثمينةً لزيادة العبادة والتقرب إلى الله تعالى، ففيه تُضاعف الحسنات وتُقبَل التوبة، ومن أهم الأعمال المستحبة فيه:

• الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الأعمال وأفضلها، ويزيد فضلُها في شهر رجب المبارك، فمن السنة زيادة الصلاة عليه في هذا الشهر الكريم، سواء بصيغة: "اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد"، أو بأي صيغةٍ أخرى من الصلاة عليه.

 

• قراءة القرآن الكريم: تُعدُّ قراءة القرآن الكريم من أهم وسائل التقرب إلى الله، ويزداد فضلُها في شهر رجب، فمن المستحبِّ زيادةُ قراءته وتدبُّره، والحرص على فَهْم معانيه وتطبيق أحكامه.

 

• الصيام: صيام بعض أيام شهر رجب سنةٌ مؤكَّدة، ويستحبُّ صيام يومي الاثنين والخميس، وذلك لِما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من فضل صيام هذين اليومين، ولكن لا يُشترط صيام جميع أيام رجب، فالصيام في هذا الشهر كالعبادات الأخرى، يُتقبل فيه النية الخالصة والصدق في العمل.

 

• الدعاءالدعاء هو سلاح المؤمن، ويُستجاب في شهر رجب المبارك، فمن المستحبِّ الإكثارُ من الدعاء والتضرع إلى الله، وخاصةً في الثلث الأخير من الليل.

 

• الاستغفار: الاستغفار من أعظم الأعمال التي تُمحو الذنوب وتُطهِّر القلوب، ويزيد فضله في شهر رجب، فمن المستحبِّ الإكثارُ من الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى.

 

ثانيًا: الأعمال الخيرية والاجتماعية:

شهر رجب فرصةٌ للقيام بالأعمال الخيرية والاجتماعية، ففيه تزداد أجورُها وتُضاعف حسناتها، ومن أهم هذه الأعمال:

• إخراج الصدقات: إخراج الصدقات من الأعمال المستحبة في جميع الأوقات، ويزيد فضلُها في شهر رجب المبارك، فمن المستحبِّ إخراجُ الصدقات للفقراء والمساكين، وذلك من باب التعاون والتكافل الاجتماعي.

 

• صلة الأرحام: صلة الأرحام من أهم الأعمال التي أمرنا الله تعالى بها، ويزيد فضلها في شهر رجب، فمن المستحبِّ زيارةُ الأقارب والأهل، وإدخال السرور على قلوبهم.

 

• إحسان المعاملة: إحسان المعاملة مع الناس من أبرز مظاهر الإيمان، ويزيد فضلُها في شهر رجب، فمن المستحبِّ معاملةُ الناس بأحسن خُلق، والتسامح معهم، وغضُّ البصر عن عيوبهم.

 

• مساعدة المحتاجين: مساعدة المحتاجين من أعظم الأعمال التي تُرضي الله تعالى، ويزيد فضلها في شهر رجب، فمن المستحبِّ مدُّ يد العون للمحتاجين، وتقديم المساعدة لهم بكل أشكالها.

 

ثالثًا: التوبة والإخلاص في النية:

يُعتبر شهر رجب فرصةً ثمينةً للتوبة والاستغفار، ففيه تُتقبَّل التوبة من الله تعالى، ومن أهم الأمور المتعلقة بالتوبة والإخلاص:

• التوبة النصوحة: التوبة النصوحة هي رجوعٌ كامل إلى الله تعالى، مع الندم على الذنب، والعزم على عدم العودة إليه، شهر رجب فرصة مناسبة للتوبة من جميع الذنوب والخطايا.

 

• الإخلاص في النية: يَجب أن يكون العمل خالصًا لوجه الله تعالى، دون رياءٍ أو سُمعة، فإن كانت النية صافيةً، فإن العمل يُقبل ولو كان بسيطًا.

 

• الصدق في القول والفعل: يجب أن يكون المسلم صادقًا في أقواله وأفعاله، وأن يتجنب الكذب والغشَّ والخداع، شهر رجب فرصة لتطهير النفس من هذه الصفات السيئة.

 

رابعًا: الذكر والدعاء:

يُعَدُّ شهر رجب فرصةً مميزةً لزيادة الذكر والدعاء، ففيه تُستجاب الدعوات، ومن أهم الأذكار والأدعية:

• استغفار الله: الاستغفار من أعظم الأذكار، ويزيد فضله في شهر رجب.

 

• التسبيح والتهليل والتكبير: التسبيح والتهليل والتكبير من أفضل الأذكار، ويزيد فضلها في شهر رجب.

 

• الدعاء بِخُصوص: الدعاء على وجه الخصوص، بدعاء محدَّد، يُفضل أن يكون في أوقات الإجابة؛ مثل: الثلث الأخير من الليل.

 

• دعاء الاستغاثة: يُفضل التضرع إلى الله والاستغاثة به في هذا الشهر الكريم، لِما له من فضائل عظيمة.

 

خامسًا: الاجتهاد في العبادات:

يُشجِّع شهر رجب على الاجتهاد في جميع العبادات، وذلك لِما له من مكانةٍ خاصةٍ عند المسلمين، ومن هذه العبادات:

• القيام الليل: قيام الليل من أفضل العبادات، ويزيد فضله في شهر رجب.

 

• قراءة الأذكار والأدعية: الإكثار من قراءة الأذكار والأدعية في الصباح والمساء، وفي أوقات فراغ المرء.

 

• التحلي بالأخلاق الإسلامية: التحلي بالأخلاق الإسلامية الحميدة؛ كالصدق والأمانة والإحسان، والتواضع والرفق بالناس.

 

خاتمة:

شهر رجب فرصةٌ ثمينةٌ للتوبة والتقرب إلى الله تعالى، ويزيد فيه فضلُ العبادات والأعمال الصالحة، ولكن يجب أن نَحرِص على أن تكون أعمالنا خالصةً لوجه الله تعالى، دون رياءٍ أو سُمعة، وأن نتجنب المعاصي والذنوب. نسأل الله تعالى أن يُوفِّقنا جميعًا لما يُرضيه، ويجعل شهر رجب المبارك شهرًا من التوبة والغفران والتقرب إليه. إنَّ النصوص الشرعية تُشير إلى أهمية التزام الأخلاق الإسلامية والمحافظة على الصلوات، وإحياء السنة النبوية الشريفة؛ كأركانٍ أساسيةٍ في التقرب إلى الله عز وجل في هذا الشهر الفضيل، وليس بالضرورة أن تَقتصِرَ الأعمال المستحبة على ما ذكرناه، بل تشمَل كلَّ عملٍ صالحٍ يُقرِّب المرء إلى ربه.

__________________________________________
الكاتب: محمد أبو عطية

  • 3
  • 0
  • 241
  • كمال عبد الله

      منذ
    فوائد معرفة أَحْوال السَّابِقِين "وأما السابقون المقربون: فنستغفر الله الذي لا إله إلا هو أولا من وصف حالهم وعدم الاتصاف به، بل ما شممنا له رائحة، ولكن محبة القوم تحمل على تعرف منزلتهم والعلم بها، وإن كانت النفوس متخلفة منقطعة عن اللحاق بهم، ففي معرفة حال القوم فوائد عديدة: • منها: أن لا يزال المتخلف المسكين مزريا على نفسه ذامًا لها • ومنها: أنه لا يزال منكسر القلب بين يدي ربه تعالى ذليلا له حقيرا يشهد منازل السابقين وهو في زمرة المنقطعين، ويشهد بضائع التجار وهو في رفقة المحرومين • ومنها: أنه عساه أن تنهض همته يوما إلى التشبث والتعلق بساقة القوم ولو من بعيد • ومنها: أنه لعله أن يصدق في الرغبة واللجأ إلى من بيده الخير كله أن يلحقه بالقوم ويهيئه لأعمالهم فيصادف ساعة إجابة لا يسأل الله عز وجل فيها شيئا إلا أعطاه • ومنها: أن هذا العلم هو من أشرف علوم العبادة، وليس بعد علم التوحيد أشرف منه، وهو لا يناسب إلا النفوس الشريفة، ولا يناسب النفوس الدنيئة المهينة • ومنها: أن العلم بكل حال خير من الجهل، فإذا كان اثنان أحدهما عالم بهذا الشأن غير موصوف به ولا قائم به، وآخر جاهل به غير متصف به فهو خلو من الأمرين • ومنها: أنه إذا كان العلم بهذا الشأن همه ومطلوبه، فلا بد أن ينال منه بحسب استعداده ولو لحظة لو بارقة، ولو أنه يحدث نفسه بالنهضة إليه • ومنها: أنه لعله يجري منه على لسانه ما ينتفع به غيره بقصده أو بغير قصده، والله لا يضيع مثقال ذرة فعسى أن يرحم بذلك العامل" [طريق الهجرتين] لابن القيم - رحمه الله - • المصدر: إنفوغرافيك صحيفة النبأ الأسبوعية العدد "460"
  • عبد السلام خالد

      منذ
    العبادات بمقتضى الأوقات • فأفضل العبادات في وقت الجهاد الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد • والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا القيام بحقه، والاشتغال به عن الورد المستحب، وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل • والأفضل في أوقات السحر الاشتغال بالصلاة والقرآن، والدعاء والذكر والاستغفار • والأفضل في وقت استرشاد الطالب وتعليم الجاهل الإقبال على تعليمه والاشتغال به • والأفضل في أوقات الأذان ترك ما هو فيه من ورده، والاشتغال بإجابة المؤذن • والأفضل في أوقات الصلوات الخمس الجد والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه، والمبادرة إليها في أول الوقت، والخروج إلى الجامع، وإن بعد كان أفضل • والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه، أو البدن، أو المال الاشتغال بمساعدته، وإغاثة لهفته، وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك • والأفضل في وقت قراءة القرآن جمعية القلب والهمة على تدبره وتفهمه • والأفضل في وقت الوقوف بعرفة الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المضعف عن ذلك • والأفضل في أيام عشر ذي الحجة الإكثار من التعبد، لا سيما التكبير والتهليل والتحميد، فهو أفضل من الجهاد غير المتعين • والأفضل في العشر الأخير من رمضان لزوم المسجد فيه والخلوة والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم، حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم، وإقرائهم القرآن، عند كثير من العلماء • والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته عيادته، وحضور جنازته وتشييعه، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك • والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم - [مدارج السالكين] لابن القيم -رحمه الله- ▫️المصدر: إنفوغرافيك النبأ - العبادات بمقتضى الأوقات صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 462 الخميس 23 ربيع الأول 1446 هـ
  • عبد السلام خالد

      منذ
    القتل في سبيل الله مقصدٌ شرعي • يعيب المنافقون والكافرون على المجاهدين إن قتل منهم أو أصيب بعضهم، ويظنون أن القتل في سبيل الله مما يُفر منه ويُخشى، والحقيقة أن القتل في سبيل الله مطلوب شرعي رتب عليه الثواب العظيم كما قال تعالى: ﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾، فهذا صريح بأن الأجر العظيم لمن يقتلُ أو يغلب وهو يقاتل في سبيل الله، فهما الحسنيان اللتان ذكرهما الله في قوله: ﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ﴾. قال مجاهد: القتل في سبيل الله، والظهور على أعدائه. وقد تمنى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل مرارا كما قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده  لوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل».  أخرجه البخاري وبوب عليه (باب تمني الشهادة) ومن خير الناس الرجل يطلب القتل في سبيل الله ويقصد مواطنه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانه...». الحديث متفق عليه  ولا ينافي هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف». متفق عليه لأن المؤمن لا يتمنى البلاء بل يسأل الله العافية، ولكنه إذا دعا داعي الجهاد سارع إليه طالبا إحدى الحسنيين عالما بأن الجنة تحت ظلال السيوف: فإما أن يظفر بعدوّه، وإما ينال الشهادة في سبيل الله، وكلاهما فوز عظيم، فإن قُدِّر له الشهادة فقد ربح، وإن قُدِّر له الغلبة فقد غنم، فأي فضل كهذا لو كانوا يعلمون! فالمجاهد يتقلب في الخير كيفما كان، حيا أو مقتولا. كل الناس يموتون إلا من قتل في سبيل الله فإنهم يستشهدون، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، وهذه فضيلة لن يدركها الماديون الذين ينظرون إلى الجهاد بنظر مادي بحت!

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً