فتوى وبيان في شأن جهاد أسود الشام ضد طاغيتها، وأشقاها، وشارونها
قال صلَّى الله عليه وسلم عن الطغـاة: «فمنْ جاهَدهم بيدِه فهُو مؤمِن، ومن جاهدَهم بلسانهِ فهوَ مؤمنْ، ومَنْ جاهَدَهمْ بقلْبِهِ فهوَ مؤْمنْ، وليسَ وراءَ ذلكَ منَ الإيمانِ حبّةُ خرْدل» (حديث صحيح رواه مسلم)..
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه، وبعد:
قال الحقُّ سبحانه: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78]. وقال: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39]. وقال: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 41].
وقال صلَّى الله عليه وسلم عن الطغـاة: «فمنْ جاهَدهم بيدِه فهُو مؤمِن، ومن جاهدَهم بلسانهِ فهوَ مؤمنْ، ومَنْ جاهَدَهمْ بقلْبِهِ فهوَ مؤْمنْ، وليسَ وراءَ ذلكَ منَ الإيمانِ حبّةُ خرْدل» (حديث صحيح رواه مسلم).
أما بعـد: فإنَّ الجهادَ في أرض الشَّام هو أفضل الجهاد اليوم، والقائمون عليه من أسود الشام، وأبطال الإسلام همْ خيرُ المجاهدين منزلة، وأعظـمهم درجة، وأزكاهم عند الله إن شاء الله تعالى.
ذلك أنهم يقاتلون من جمـَعَ على أهل الإسلام الشرَّيـْن، وانتظم الخطريْن، شرّ الرفض الذي هو أخبث دين على وجه الأرض، وشـرّ الطغيان العظيم الذي لم يصل إلى مثله طغـيان، وهم بذلك يدفعون بنحورهم عن أهلِ الإسلام، ويهرِقون دماءَهَم لأجل حماية المسلمين، وليدفعوا عنهم بأس الكافرين، كما قال تعالى: {وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 84].
ولهم أجر المجاهدين الذي ورد فيه قوله تعالى: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 95]. وفي قراءة أبي جعفر المدني برواية خلف عنه: «أجعلتم سُقيةَ الحاج، وعَمَرَةَ المسجد الحرام، كمن آمن بالله، واليوم الآخر، وجاهد في سبيل الله، لا يستوون عند الله» وهذه القراءة أجلى في تعظيم فضل المجاهد، على كل الأعمال الصالحة حتى أعلاها وهي الصدقة بسقي المـاء، في أفضل المكان، لأفضل من يُسقى وهم الحجيج، بل هـو أفضل ممن يعمرون المسجد الحرام بالصلاة والذكر، وتلاوة القرآن، فالجهاد بنص الآية أفضل من جميع الأعمال الفاضلة القاصرة، والمتعدية.
ولهذا ورد عن مجاهد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه كان في الرباط، ففزعوا إلى الساحل، ثم قيل: "لا بأس" فانصرف الناس، ووقف أبو هريرة -رضي الله عنه- فمرّ به إنسان، فقال: "ما يوقفك يا أبا هريرة؟!" فقال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «موقف ساعة في سبيل الله، خير من قيام ليلة القدر، عند الحجر الأسود» (رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي، وغيرهما).
ومعلوم أنَّ الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وهذه المضاعفة العظيـمة مضاعفةٌ أيضـاً بأكثر من 83 عاما في ليلة القـدر، وبهذا تكون ساعة الرباط خيرًا من كـلّ هذا العمل العظيـم، فسبحـان الله! ولنذكر أيضا -في هذا المقام- بعض الأحاديث الواردة في فضل الجهاد العظيم حضّا لأهلِ الشَّام عليه، وترغيبا لهـم فيه:
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلُ المجاهد في سبيل الله، كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى» (رواه البخاري ومسلم).
وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام، ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى» (متفق عليه).
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقه، وأمن الفتّان» (رواه مسلم).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» (متفق عليه).
وعنه رضي الله عنه: "مرَّ رجل من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعشب، فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته، فقال: لو اعتزلت الناس، فأقمت في هذا الشعب، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لاتفعل فإنّ مقام أحدكم في سبيل الله، أفضل من صلاته في بيته ستين عاما، ألا تحبُّون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة، وجبت له الجنة» (رواه الترمذي). ومعنى فواق ناقة: أي ما بين الحلبتين من الراحة.
وعنه: "أنّ رجلاً قال: يا رسول الله، دلّني على عملٍ يعدل الجهاد، قال: «لا أجده» ثم قال: «هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك، فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر؟!» فقال: ومن يستطيع ذلك؟! قال أبو هريرة: فإنّ فرس المجاهد ليستنّ، يمرح في طوله، فيكتب له حسنات" (رواه البخاري) والطول هو الحبل الذي يشد به الفرس، ويستنّ أي يعدو.
هذا ومن يُقتل من المجاهدينَ في الشام، أو ممن يعينُهمْ، أو ممن يؤيـّد الثورة بأيّ نوع من أنواع التأييـّد، كلّ هؤلاء الذين يجاهدون نظام طاغية الشام، من يُقتـل منهم فهو شهيدٌ، ينال فضل الشهادة بإذن الله، وفضلهـا عظيمٌ، كما في حديث أنس مرفوعا: «ما أحد يدخل الجنة، يحب أن يرجع إلى الدنيا، وله ما على الأرض من شيء إلاّ الشهيد، يتمنَّى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتـل عشر مرات، لما يرى من الكرامة» (متفق عليه).
فأيُّ فضلٍ في الإسلام أعظـم من هذا الفضل، وأيُّ مكانة أسمى من هذه المكانة؟!
كمـا نؤكـِّد لأسود الجهاد الشامي، وكلّ الثوار الأحـرار، أنَّ كلّ من يقاتـل مع نظام طاغية الشام، وأشقاها، وشارونها، يريد أن يسفك دماء أبنائها، ويعتدي على حرماتها، فدمُهُ مباح، في شريعة الإسلام، بإجماع علماء الإسلام، وسلاحه الذي يحمله يذهب للمجهود الجهادي، كيف لا، وقد قال تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9].
وهؤلاء المدافعون عن نظام هذا الفرعون المتكبر في الأرض، ليسوا بغاةً فحسب، بل هم أعظم الطغيان، وجنـود الشيطان، فليس في إباحة دمهم من الشكِّ قطميرٌ، ولا نقيـر.
وإذا كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلم، أمر بقتال الخوارج من أجل أنهم يستحلون دماء المسلمين، كما في الصحيح: «يقتلون أهل الإسلام، ويذرون أهل الأوثان!». مع أنهـم كما جاء في وصفهم في الصحيح، كما في السنن والمسانيد من طرق متعددة، قال صلى الله عليه وسلـم عنهم: «يحقر أحدُكم صلاتَـه مع صلاتهم! وصيامَـه مع صيامهم!، وقراءته مع قراءتهم! يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام، كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنّ في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة، لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد».
فهؤلاء الأخباث جنود طاغية الشـام وشارونها، المعتدون على دماء الناس، وأعراضهم، وأموالهم، أحقُّ بأن يُقتلوا قتل عادٍ، وثمـود، غير أنَّ للمجاهدين أن يرجِّحوا مصلحة العفو، للتشجيع على الإنشقاق، أو ترك القتل أحيـاناً إن كان ذلك مأمونا، وترجَّحَ تركـُه، وليجتهدوا فيما يؤلف قلوب الشعب إليهم، ويجمـع الكلمة عليهـم، فجواز القتل لا يعني وجوبه في كلّ حال، ولا رجحانه في كلّ الأحـوال.
هذا ونهيب بأهل الإسلام، لا سيما ذوي اليسار، والجمعيّات الخيّرية، وغيرها، إعانة الجهاد الشامي بالمال، ففي الصحيح: «من جهَّز غازيا فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا ». هذا وقد أصدرت سابقا بيانا في دعم الثورة السورية، وجهاد أهلها ضد طاغية الشام، وأشقاها، وشارونها، هذا نصُّـه:
"المحمودُ الله جل في علاه، بالحمد كلِّه، والمصلَّى والمُسلَّمُ عليه نبيُّه المجْتبى، ورسوله المصْطفى، وعلى أهل بيته الطاهرين، وأصحابه الطيبـين، وعلى كلّ مَن بآثـارِه اقتفى، وبهُداه اهتدى، وبعد:
يُشعـل شعب الشام الأبـّي، أحفاد صلاح الدين الأيوبي في أرض جهاده، ثورة عظمى ضد طاغيتها بشّار ونظامـه، الذي طغى في البلاد، فأكثـر فيها الفسـاد، وأهلك بالظلم العبـاد، ثم أظهـر حقيقة طغيانه، ومبـلغ إجرامه وعدوانه، فيما فعله في المتظاهرين ضـد نظامه.
إذ أخذ يسومونهم سوء العذاب، في إبادة جماعية لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث، يحضُّهُ عليها حقدُه البغيض على الإسلام والعروبة، إذ كان من الطائفة النصيرية الملعونة المتحالفة مع المجوسية الكسروية المأفونة في طهران، ضدّ أمة الإسلام والإيمان، كما يؤزُّهُ خوفُه على عرش طغيانه أن يهـوى، وإنَّ ذلك لواقع بإذن الله، وعلى نظام دولته الباغي أن يسقط ويفنى، وإنَّ ذلك لحادث بإذن الله.
ولقد تعرَّضَ الشّعب السوري في أثناء حكم هذا الحزب اللعين إلى أبشع ضروب القمع، والتعذيب، والتنكيـل، والقتل بالإغتيال، كما انتشر الفساد، وفشَت الجريمة، وعـمَّت الفواحش، والإنحلال الأخلاقي، وحورب الدين، والتدين في الشعب السوري، وصار حكمه ملاذًا للدعوة المجوسية الباطنية الرافضية، ولأخباث الخلق، فقد سلّم الشام إلى مجوس طهران لينشروا فيها أخبث دينٍ للشيطـان.
ولقد اقتـرف هذا الحزب الخبيث في الشعب السوري كلَّ أصناف التنكيل، والتعذيب، وحرّم الشعـب من أدنى حقوقه الإنسانية، وسلبه حريَّتـه، وسلَّط عليه أنظمة القمع، والإرهاب البوليسي، كما استنزف وبدَّد ثروة الشعب السوري، وموارده الطبيعية الغنـيّة، ونهَبَ أموال الخزانـة العامـّة، والأرصـدة .. إلـخ.
غير أنّ شعب سوريا البطـل، وهو الذي سطَّر في تاريخه أروع البطولات، وتحت ترابه الطاهر يحتضن قبرَ خالد بن الولد -رضي الله عنه- وصلاح الدين الأيوبي، لا يمكن أن يذلّ لطاغية، أو يستعبده طغيان، فأعلن أولاً الثورة السلمية، فلمّا انطلقت وآزرها الشعب فاستظهرت، واستوتْ على سوقها، عظم الطغيان من العِدى، وتجاوز الظالمـونَ المدَى.
فتشكَّل من أسود الشام، وليوثه العظام، ومن الضباط المشنقّين عن جيش الطاغية، وغيرهم من الجنود الشرفاء، جيشٌ من المجاهدين، فأطلقوا صيحات الله أكبر بالجهاد، فصارت من تحت أقدام فرعون سوريا، الأرضُ تموج موج البحار، وترتج ارتجاج أعجاز النخل أصابها الإعصار.
فدعـا الطاغية جيشًا من المرتزقة من طهران، وأرجاس جيش المنغولي مقتدى الصدر، وأنجاس المهرّج زعيم حزب الشيطان في لبنان، للدفاع عن عرش البغي والعدوان، فلم ينجِّهِ ذلك من ثورة غضب الأسود، وإعصار يشبه إعصـار الجـدود، وها هو الشعب السوري يشتـعل إشتعال النار في الهشـيم، وينطلق إنطـلاق السيل العظيـم، ويضـرب ضربة السيف الصريـم.
ويصِـرُّ على إسقاط الطاغية، وعلى استرداد حقوقه، وإقامة سلطان العدل، وإطـلاق مشـروع النهضة التي تلتحق بالنهضة العربية الكبرى، لتعيد لأمّتـنا رسالتها الإسلامية الخالدة، وترفع رايتها الحضاريـة الرائدة، وهو يقــدّم هذه الأيام تضحياتٍ عظيمة، يقدِّم دماء أبنائه، وأرواح شهدائه، ويعرض نفسه لمواجهة نظـام هـو أطغى الطغـاة في الأرض، وأخبـث الفجرة العـتاة على الدين، والمال، والنفس، والعرض، ليحرِّر الشعب السوري من الظلـم، والطغيـان، والبغـي والاستعباد، والعـدوان.
فالواجب على الأمّة الإسلاميّة دعم الشعب السوري في جهـاده، بكلِّ ما يحتاجه حتّى إسقاط الطاغيـة، وعلى العلماء والمثقفين نصرهـم، والشدّ من أزرهـم، حتى يزيحوا هذا المستكبـر الخبيث، ويبدلهم الله تعالى سلطانًا عادلاً، وعيشـًا كريمًا فاضلاً.
ويا أيُّهـا الشعب السوري البـطل، اعقد العزم بالله، واجمع التوكّل على الله، وأحسن الظن بالله، واثبت على جهادك، فمن يقتـل فيه فهو شهيـد، ومن يجرح فيه فهو كالجريح في الجهـاد، يأتي يوم القيامة ريح دمه ريح المسك، وثوابه ثـواب المجاهد للكفر والشـرك.
هذا ونحن متفائلون أنّ نهاية هذا الطاغية قريبة، وسيهلك الله معه من كان له شريكـًا، وسيقر الله تعالى -بإذن الله تعالى- عيون المسلمين بهلاكه وشيكا".
والله المستعان، وهو حسبنا عليه توكّلـنا، وعليه فليتوكّل المتوكّلون، والله نعم المولى ونعـم النصيـر.
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف:
Josef Heart
منذ