من الطارق؟ أنا رمضان

منذ 9 ساعات

أنا رمضان شهركم جئتكم بعد غياب أحد عشر شهر. أنا شهركم أنفاسكم أعماركم. أنا الزيادة التي لا تنقص والعطاء الذي لا ينفد. سيد الشهور... شهر القيام والطهور. شهر الصيام والسحور.

الحمد لله جعل الصيام جنة، وسببًا موصلًا إلى الجنة، أحمده سبحانه وأشكره، هدى إلى خير طريق وأقوم سنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، بعثه إلينا فضلًا منه ومنة، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله أيها الناس! فالشهور والأعوام والليالي والأيام مواقيت الأعمال ومقادير الآجال، تمر سريعًا وتنقضي جميعًا، إنها أيام الله خلقها وأوجدها، وخص بعضها بمزيد من الفضل، ما من يوم إلا ولله فيه على عباده وظيفة من وظائف طاعاته، ولطيفة من لطائف نفحاته، يصيب بفضله رحمته من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم.

 

كل عام أنتم بخير اليوم نقف على أبواب رمضان ليطرق القلوب والعقول.......................

 

نقف مع ذلك الضيف الذي يهل علينا كل عام يحمل معه الخيرات، ويحمل معه البركات، ويحمل معه الرفعة في الدرجات، ويحمل معه محبة رب الأرض والسماوات.

 

جاء ذلك الضيف ومعه كنوز لا تقدر بمال، ومعه التحف السنية، والعطايا الربانية، والجوائز العلية.

هيا ليحدثنا رمضان عن نفسه وما يحمله لنها من خير........................................

 

من الطارق؟

أنا رمضان شهركم جئتكم بعد غياب أحد عشر شهر. أنا شهركم أنفاسكم أعماركم. أنا الزيادة التي لا تنقص والعطاء الذي لا ينفد. سيد الشهور... شهر القيام والطهور. شهر الصيام والسحور.

 

أنا رمضان..

أسكب الأنوار فجرًا في قلوب مظلمة

أملأ الأرواح طهرًا في نفوس هائمة

أجعل التقوى دليلاً كي تعود إلى الطريق

أمةٌ عزَّت وسادت يوم عاشت مسلمة

 

أنا رمضان..

دمعة العاصي بليلٍ خَجْلةً ممن عصاه

سجدة الملهوف للرحمن يستجدي رضاه

موجة الإيمان ألقت نحو شطآن النجاه

نفحةٌ من فضل ربي جلَّ ربي في علاه

 

أنا رمضان..

قوة الإيمان في حربٍ لظاها دائرة

نجدة الأقصى الذي يشكو الجراح الغائرة

 

دمعة المسكين أمحوها بوعد لن يغيب:

نصركم آتٍ قريبٌ يا قلوبا طاهرة

أهلا ثم أهلا ثم سهلا............

أهلاً وسهلاً بالصيامْ يا حَبِيبا زارنَا في كل عامْ

قد لقيناك بحبٍّ مُفْعَمٍ كُلُّ حُبٍّ في سوى المولى حَرامْ

فاقْبَلِ اللهمَّ ربي صومَنا ثُم زدنا من عَطَايَاك الجِسَامْ

لا تُعَاقِبْنا فقد عاقَبَنا قَلَقٌ أسهرنا جُنْحَ الظَّلامْ

 

أنا رمضان الركن الثالث من أركان الإسلام:

مكانة عظيمة ومنزلتي سامية حيث امثل الركن الثالث من أركان الإسلام، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وأقام الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ»[1].

 

يقول ابن بطال –رحمه الله - قال المهلب: فهذه الخمس هى دعائم الإسلام التى بها ثباته، وعليها اعتماده، وبإدامتها يعصم الدم والمال، ألا ترى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» -، وبهذا احتج الصِّدِّيق حين قاتل أهل الردة حين مَنْعِهِمُ الزكاة، وقال: واللهِ لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، واتبعه على ذلك جميع الصحابة)[2].

 

أنا رمضان أنزل الله فيَ الكتب السماوية:

أن الله أنزل فيً الكتب السماوية صحف إبراهيم وموسى عليهما الصلاة وأزكى التسليم، والتوراة والإنجيل والزبور والقران.

 

عن واثلة -يعني ابن الأسقع- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنزلت صُحُف إبراهيم في أول ليلة من رمضان. وأنزلت التوراة لسِتٍّ مَضَين من رمضان، والإنجيل لثلاث عَشَرَةَ خلت من رمضان وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان» [3].

 

ويقول الحق سبحانه وتعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].

 

أنا رمضان جنة واقية من الوقوع في الذنوب والمعاصي:

أنا رمضان احصن المسلم من الذنوب و المعاصي و أضيق على الشيطان مجارية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» [4].

 

أنا رمضان من صامني إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه:

فإذا أردت أن يغفر الله لك الذنوب ويسترك ولا يفضحك فعليك بالصوم فإنه يباعد بين المرء وذنوبه ويسله كما يغسل البدن بالماء والثلج والبرد.

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائر» [5].

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [6].

 

يقول ي بدر الدين العيني- رحمه الله - (قوله إيمانا أي تصديقا بوجوبه واحتسابا أي طلبا للأجر في الآخرة وقال الجوهري الحسبة بالكسر الأجر احتسبت كذا أجرا عند الله وقال الخطابي أي عزيمة وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير مستثقلة لصيامه ولا مستطيلة لإتمامه وانتصاب إيمانا على أنه حال بمعنى مؤمنا وكذلك احتسابا بمعنى محتسبا ونقل بعضهم عمن قال منصوبا على أنه مفعول له أو تمييز قلت وجهان بعيدان والذي له يد في العربية لا ينقل مثل هذا[7].

 

أنا رمضان من قامني غفر له ما تقدم من ذنبه:

أنا رمضان في صلاة التراويح فضلها عظيم وأجرها كبير فهي سبب من أسباب القرب من رب الأرباب وصحبة نبيه الأواب – صلى الله عليه وسلم-وإليك بيان ذلك بحول من الله ومدد- روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». [8].

 

قال الله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16].

 

ومدح قومًا فقال: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 17-18]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64].

 

وروى الترمذي عن عبدالله بن سلام، أن النبي قال: «يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيامٌ، تدخلوا الجنة بسلام»[9].

 

أنا رمضان من صامني حق له أن يدخل من بابي يوم القيامة:

أنا رمضان قد خصني الله يوم القيامة بباب لا يدخل منه إلا الصائمون يوم القيامة عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ.

 

قال بد الدين العيني –رحمه الله - أي هذا باب يذكر فيه الريان الذي هو اسم علم لباب من أبواب الجنة مختص للصائمين ووزن ريان فعلان وقد وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه لأنه مشتق من الري الكثير الذي هو ضد العطش وسمي بذلك لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم واكتفى بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه وأفرد لهم هذا الباب إكراما لهم واختصاصا وليكون دخولهم الجنة غير متزاحمين فإن الزحام قد يؤدي إلى العطش،قوله إن في الجنة بابا قيل إنما قال في الجنة ولم يقل للجنة ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة ما في الجنة فيكون أبلغ في التشويق إليه قلت وإنما لم يقل للجنة ليشعر أن باب الريان غير الأبواب الثمانية التي للجنة وفي الجنة أيضا أبواب أخر غير الثمانية منها باب الصلاة وباب الجهاد وباب الصدقة على ما يجيء في الحديث الآتي[10].

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة».

فقال أبو بكر رضي الله عنه بأبي وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟. قال «نعم وأرجو أن تكون منهم»[11].

 

أنا رمضان تفتح فيً الجنان، و تغلق فيً النيران و تسلل فيً الشياطين:

عن هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ»[12].

 

فالله تعالى قد هيئ ذلك الزمان وخصه من بين سائر الشهور ويتلك المزية ألا وهى أنه يفتح فيه أبواب الجنة أمام عباد ليسارعوا إلى العمل بطاعة الله على نور من الله وان يتركوا معصية الله على نور من الله وفيه تغلق أبواب النيران، وتفتح أبواب الجنان. وتصفد الشياطين ومردة الجن، كما جاء في الحديث المتفق عليه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين» [13] وفي لفظ: «وسلسلت الشياطين»  [14]، أي جعلوا في الأصفاد والسلاسل؛ فلا يَصِلون في رمضان إلى ما كانوا يَصِلون إليه في غيره، ولذلك تجد أن وسوسة الشيطان، وكيده، وتلبيسه على الناس في رمضان أقل منه في غيره، بل إن الشيطان يخاف من رمضان كما يخاف من الأذان والإقامة؛ فيوليَّ عند سماعهما.

 

أنا رمضان فيً ليلة خير من ألف شهر:

قال الله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1-5].

 

فمن أعظم المنن التي من الله بها علينا تلك الليلة المباركة التي هي خير من ألف شهر ولقد حث النبي –صلى الله عليه وسلم أمته أن يتحروا تلك الليلة المباركة وجاءت في ذلك أحاديث كثيرة نذكر منها عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [15].

 

عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ له رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، وتمنَّى أن يكون ذلك في أمته، فأعطاه الله ليلة القدر، وقال هي خير من ألف شهر التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله. وذكر بعض المفسرين أنه كان الرجل فيما مضى لا يستحق أن يقال له: عابد حتى يعبد الله ألف شهر كانوا يعبدون فيها [16].

 

أنا رمضان من صامني فقد أحبه الرحمن:

فقد أخبرنا الصادق المصدوق-صلى الله عليه وسلم-أن الله يحب الصوم عن أبي صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول قال رسول الله  «قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم (لخلف فم-لخلوف في) الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه»  [17].

 

فهذا الحديث من أعظم الدوافع التي تدفع المسلم إلى المبادرة إلى صيام ذلك الشهر فالمحب يحب ما يحب حبيبه.

 

أنا رمضان شهر العتق من النيران:

أيها الصوام أنا رمضان شهر العتق من النار، عن أبي هريرة، أو عن أبي سعيد -هو شك، يعني الأعمش -، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله عتقاء في كل يوم وليلة، لكل عبد منهم دعوة مستجابة» [18].

 

وعن جابر بن عبد الله مرفوعًا: «إن لله عند كل فطرٍ عتقاءَ، وذلك في كل ليلة»[19].

 

وعن أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا: «إن لله -تبارك وتعالى -عتقاء في كل يوم وليلة -يعني: في رمضان– وإن لكل مسلم في كل يوم دعوةً مستجابة»، [20].

 

وعن ابن مسعود مرفوعًا: «لله -تعالى -عند كل فطر من شهر رمضان كلَّ ليلة -عتقاءُ من النار ستون ألفًا، فإذا كان يومُ الفطر أَعتَقَ مثل ما أعتق في جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألفًا»[21].

 

أنا رمضان العمرة فيَ تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أنا رمضان من أتى فيً بعمرة كان له من الأجر أجر حجة مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم عن أبي عن ابن عباس رضي الله عنهما يخبرنا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها «ما منعك أن تحجي معنا». قالت كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحا ننضح عليه قال «فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرة في رمضان حجة». أو نحوا مما قال)[22].

 

أنا رمضان من صامني كنت له شفيعا يوم القيامة:

سنتقابل غدا يوم القيامة كما يتقابل الأحباء و الإخلاء لأكون لكم شفيعا في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ فَيُشَفَّعَانِ».

 

أنا رمضان أيها الصوام سأكون لكم حجابا من النار يوم القيامة من نار حرها شديد ومقامعها من حديد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» [23].

 

أنا رمضان مصدر الفرح والسرور في الدنيا والأخرة:

أنا سبب للسعادة في الدارين، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه» [24].

 

أما فرحته عند فطره فهي نموذج للسعادة واللذة التي يجدها المؤمن في الدنيا؛ بسبب طاعته وتقواه لمولاه سبحانه وتعالى، وهي السعادة الحقيقية.

 

وفرحته عند فطره تأتي من جهتين: الأولى: أن الله تعالى أباح له الأكل والشرب في تلك اللحظة، والنفس- بلا شك- مجبولة على حب الأكل والشرب؛ ولذلك تعبدنا الله - تبارك وتعالى - بالإمساك عنهما.

 

الثانية: سرورًا بما وفقه الله-تعالى - إليه من إتمام صيام ذلك اليوم، وإكمال تلك العبادة، وهذا أسمى وأعلى من فرحه بإباحة الطعام له.


[1] صحيح البخاري - (ج 1 / ص 11)

[2] شرح البخاري لابن بطال- (ج 1 / ص 33).

[3] قال الألباني في السلسلة الصحيحة 4 / 104: رواه أحمد (4 / 107) و النعالي في حديثه (131 / 2) و عبد الغني المقدسي في فضائل رمضان (53 / 1). و ابن عساكر (2 / 167 / 1).

[4] صحيح البخاري - (ج 6 / ص 457)

[5] صحيح مسلم - (ج 2 / ص 23)

[6] صحيح البخاري - (ج 1 / ص 67)

[7] عمدة القاري ج 10/ 274.

[8] أخرجه البخاري (1/22 ، رقم 37) ، ومسلم (1/523 ، رقم 759)

[9] الدارمى (1/412، رقم 1476)، وأبو يعلى (11/280، رقم 6392).

[10] عمدة القاري [ جزء 10 - صفحة 262 ]

[11] - صحيح البخاري [ جزء 2 - صفحة 671 ]

[12] صحيح البخاري - (ج 11 / ص 55)

[13] أخرجه البخاري (1898)، ومسلم (1079) من حديث أبي هريرة رضي الله.

[14] البخاري (1899)، ومسلم (1079) من حديث أبي هريرة رضي الله.

[15] صحيح البخاري - (ج 1 / ص 61)

[16] زاد المسير - (ج 6 / ص 179

[17] أخرجه: البخاري 3/31 (1894) و34 (1904)، ومسلم3/157-158 (1151) (163) و(164).

[18] أخرجه أحمد (2/254، رقم 7443) قال الهيثمي (10/216): رجاله رجال الصحيح. انظر صحيح الجامع: 2169

[19] رواه ابن ماجه: (1643)، وقال الحافظ البُوصيري: رجال إسناده ثقات. صحيح الترغيب والترهيب: 1001

[20] أخرجه البزار: (962) من كشف الأستار، وفي سنده أبان بن أبي عيَّاش وهو ضعيف، وليُنظر: مجمع الزوائد: (3/ 143)، و(10/ 149).

[21] رواه البيهقيُّ في شُعَب الإيمان: (3606) وقال المُنذري: وهو حديث حسن لا بأس به في المتابعات.

[22] رواه البخارى ح 1690.

[23] صحيح مسلم - (ج 6 / ص 22)

[24] أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

___________________________________________________________
الكاتب: السيد مراد سلامة

  • 0
  • 0
  • 106

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً