صور من التكريم الذي يحظى به الصائمون في رمضان

منذ 6 ساعات

إن مِنْ أعظم خَصَائِصِ وفضائل شَهْرِ رَمَضَانَ: "أن الصائم يحظى فيه بأنواع وألوان شتى من صور التكريم، ومن ذلك: تكفير السيئات - دعوات مستجابات لا تُرد - الشفاعة يوم القيامة - زيادة فرصة العتق من النار - أشد الناس فرحًا في الدنيا والآخرة"

صور من التكريم الذي يحظى به الصائمون في رمضان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فإن مِنْ أعظم خَصَائِصِ وفضائل شَهْرِ رَمَضَانَ: أن الصائم يحظى فيه بأنواع وألوان شتى من صور التكريم، ومن ذلك:

1- أنه يحظى بتكفير السيئات بمجرد إدراك الشهر؛ فهو شهر مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات؛ كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ؛ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».

 

2- ومنها: أن خُلُوفَ فم الصائم أطيبُ عند الله تعالى من ريح المسك؛ ففي الحديث: «والَّذِي نَفْس محَمَّدٍ بِيدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيبُ عِنْد اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ». قال المناوي رحمه الله: (لَخُلُوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عند الله من ريح المسك)، فإذا كان هذا بتغير ريح فمه، فما ظنك بصلاته وقراءته وسائر عباداته.

 

قال العلماء في معناه:

• إنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم.

 

• إن الله يجزي الصائم بذلك في الآخرة، فتكون ريحه أطيب من ريح المسك.

 

• إن الصيام سِرٌّ بين العبد وربه في الدنيا؛ لذا أظهره الله في الآخرة علانيةً للخلق ليشتهر الصائمون في الآخرة جزاء ما أخفوا صالح عملهم في الدنيا.

 

• إن الصائم ينال به الثواب في الآخرة ما هو أغلى من المسك في دنياكم.

 

• إن فضل الصيام بين العبادات كفضل المسك بين الأشياء.

 

• إن الله تعالى يثيب الصائم على خُلُوف فمه أكثر مما يثيبه على استعماله المسك، حيث أثاب الله على استخدام المسك في الجمع والأعياد.

 

• إن الطيب هنا كناية عن القبول والرضا.

 

3- ومنها: أن للصائم دعوات مستجابات لا تُرد؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر»؛ (رواه البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع)، وعنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم»؛ (أخرجه الترمذي وحسنه، وابن ماجه).

 

4- ومنها: أنه يحظى بالشفاعة يوم القيامة؛ لأن الصوم يشفع لصاحبه؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيُشفَّعان».

 

5- ومنها: أن بابًا من أبواب الجنة يقال له الريان، لا يدخل منه إلا الصائمون؛ ففي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

 

6- ثم أعظم التكريم في الجنة: حيث الغرف العالية التي أعَدَّها الله جل في علاه للصائمين؛ فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجنَّةِ غُرفًا تُرَى ظُهورُها من بطونِها وبطونُها من ظُهورِها»، فقامَ أعرابيٌّ فقالَ: لمن هيَ يا رسولَ اللَّهِ؟ فقالَ: «لمن أطابَ الكلامَ، وأطعمَ الطَّعامَ، وأدامَ الصِّيامَ، وصلَّى باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ»؛ (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

 

• بل إن الجنة تتزيَّن كل يوم في رمضان، وتستعد لاستقبال أهلها من أهل الصيام والإيمان؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم قال: «أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها» وذكر منها: «ويُزَيِّنُ الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك»؛ (رواه أحمد، والبزار، والبيهقي، وإسناده ضعيف).

 

7- ومنها: زيادة فرصة العتق من النار؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِن النَّارِ، وَذَلكَ كُل لَيْلَةٍ»؛ (رواه الترمذي، وابن ماجه، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع).

 

• وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ»؛ (رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه الألباني).

 

8- ومن صور التكريم: أنه من أشد الناس فرحًا في الدنيا والآخرة؛ ففي الحديث: «للصَّائمِ فَرْحَتَانِ يفْرحُهُما: إِذا أَفْطرَ فَرِحَ، وإذَا لَقي ربَّهُ فرِح بِصوْمِهِ»، قال ابن رجب رحمه الله: "أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه، خصوصًا عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعًا، وأما فرحه عند لقاء ربه فما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرًا، فيجده أحوج ما كان إليه؛ كما قال الله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20]، وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [آل عمران: 30].

 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده الصالحين المقبولين المُكرمين.

_______________________________________________________
الكاتب: رمضان صالح العجرمي

  • 0
  • 0
  • 39

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً