رمضان وفرص إجابة الدعاء

منذ 17 ساعة

التذكير بأهمية وفضائل الدعاء في شهر رمضان، مع بيان الأوقات والأحوال التي يُستجاب فيها الدعاء؛ بتقسيمة خماسية شمِلت غالب أحوال وأوقات إجابة الدعاء.

• أيها المسلمون عباد الله، إن من أعظم المنح التي يتفضَّل بها الله تعالى على عباده الصائمين في هذا الشهر الكريم: استجابةَ الدعاء؛ فقد قرن سبحانه وتعالى الدعاءَ بالصيام عند ذكر آيات الصيام؛ ليعلمنا أن للدعاء شأنًا عظيمًا في رمضان؛ فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثةَ على الدعاء، متخللةً بين أحكام الصيام، إرشادٌ إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العِدة، بل وعند كل فِطر، بل في حال الصيام كله".

 

• وقد ثبت في الحديث الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثُ دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر»، وفي رواية: «ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الإمامُ العادل، والصائم حتى يُفطر، ودعوة المظلوم»؛ (رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه)، فينبغي على الصائم أن يحرص على كثرة الدعاء أثناء صيامه، ويُكثر منه؛ فإنه مُجاب بإذن الله تعالى.

 

فما هي فرص إجابة الدعاء في رمضان؟

أولًا: الأحوال والأوقات المتعلقة بشهر رمضان:

• فإن دعاء الصائم مستجاب حال صيامه؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات لا تُرَد: دعوةُ الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر»؛ (رواه البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع)، وفي رواية: ((والصائم حتى يُفطر)).

 

• ويتأكد ذلك عند الفطر؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للصائم عند فطره دعوةً لا تُرَد».

 

• كما يتأكد في ليلة القدر؛ فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما سألته: ((أرأيتَ إن علمتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدر، ما أقول فيها؟ قال: قُولي: «اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عني».

 

ثانيًا: الأحوال والأوقات المتعلقة بالصلاة:

• فمنها عند النداء للصلوات المكتوبة؛ كما في حديث سهل بن سعد مرفوعًا: «ثِنتان لا تُردان - أو قلَّما تردان - الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضًا»؛ (رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع).

 

• ومنها بين الأذان والإقامة؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يُرَدُّ الدعاء بين الأذان والإقامة»؛ (رواه أبو داود والترمذي).

 

• ومنها الدعاء في السجود؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء»؛ (رواه مسلم).

 

• ومنها في دُبُرِ الصلوات المكتوبات؛ كما في حديث أبي أمامة رضي الله عنه: ((قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخِر، ودبرَ الصلوات المكتوبات»؛ (رواه الترمذي، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي).

 

• وقد اختُلف في دبر الصلوات، هل هو قبل السلام أو بعده؟ واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه ابن القيم رحمه الله: أنه قبل السلام.

 

• وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: "ما ورد من الدعاء مقيدًا بدبر الصلاة فهو قبل السلام، وما ورد من الذكر مقيدًا بدبر الصلاة فهو بعد الصلاة؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103]".

 

ثالثًا: الدعاء المستجاب من أشخاص معينين:

• فمنهم دعاء المسافر، ودعاء الوالد لولده أو عليه؛ ففي الحديث الصحيح: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده»؛ (رواه الترمذي، والبخاري في صحيح الأدب المفرد)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات لا تُرد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر»؛ (رواه البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع).

 

• ومنها دعوة المظلوم؛ كما في الصحيحين: «واتَّقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا؛ ففجوره على نفسه»؛ (رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع).

 

• ومنها دعاء المكروب؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له»؛ (رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع).

 

• ومنها دعاء من أُصيب بمصيبة؛ ففي صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم تُصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخْلِف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها».

 

• ومنها دعاء الولد الصالح لوالديه؛ كما في صحيح مسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به».

 

• ومنها دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب؛ ففي صحيح مسلم عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبدٍ مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، إلا قال الْمَلَكُ: ولك بمثل».

 

• ومنها دعاء من استيقظ وتعارَّ من الليل؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعارَّ -أي: استيقظ- من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا، استُجيب له، فإن توضأ وصلى قُبلت صلاته»؛ (رواه البخاري).

رابعًا: الدعاء المستجاب في أوقات معينة:

• فمنها الدعاء في جوف الليل، ووقت السَّحَر؛ وهو وقت النزول الإلهي؛ كما في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «من يدعوني فأستجيبَ له؟ من يسألني فأُعطيَه؟ من يستغفرني فأغفرَ له؟»، وفي الحديث: «إن في الليل ساعةً لا يوافقها مسلمٌ يسأل خيرًا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة».

 

• ومنها الساعة الأخيرة من يوم الجمعة؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الجمعة: «فيه ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم قائم يصلي، يسأل الله تعالى شيئًا، إلا أعطاه إياه، وأشار بيده يقلِّلها»؛ (رواه البخاري ومسلم).

 

• ومنها الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر؛ فعن عبدالله بن السائب رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: «إنها ساعة تُفتح فيها أبواب السماء، وأُحب أن يصعد لي فيها عمل صالح»؛ (رواه الترمذي، وصححه الألباني في المشكاة).

 

خامسًا: الدعاء المستجاب في أحوال متفرقة:

• فمنها عند نزول الغيث؛ كما في حديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثنتان ما تُردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر»؛ (رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع).

 

• ومنها عند شرب ماء زمزم؛ فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ماء زمزم لِما شُرب له»؛ (رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع).

 

• ومنها عند سماع صياح الدِّيَكة؛ ففي الحديث الصحيح: «إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت مَلَكًا»؛ (رواه البخاري).

 

• ومنها الدعاء عند المريض؛ فقد روى مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا حضرتم المريض، فقولوا خيرًا؛ فإن الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون، قالت: فلما مات أبو سلمة، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أبا سلمة قد مات، فقال لي: قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقِبني منه عقبى حسنة، قالت: فقلت، فأعقَبني الله من هو خير لي منه؛ محمدًا صلى الله عليه وسلم)).

 

• ومنها الدعاء بعد قبض روح الميت؛ ففي صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال: «إن الروح إذا قُبض تبِعه البصر»، فضجَّ ناس من أهله، فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون».

 

نسأل الله العظيم أن يتقبل دعاءنا وصيامنا وسائر أعمالنا.

_________________________________________
الكاتب: رمضان صالح العجرمي

  • 1
  • 0
  • 68

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً