خطبة عيد الفطر:قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا

منذ 2025-03-30

اليوم أقول: لا تودعوا رمضان بل افسحوا له المجال ليحيا معكم وتحيوا به طوال العام..


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أيها الإخوة الكرام : 
ثبت يقينا أنه انقضت أيام رمضان بصيامها،  وانقضت لياليه بقيامها فلم يبق لنا إلا أن نحمد الله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.. 
بعد ثبوت رؤية هلال شوال تأكدنا يقينا أنه قد انقضى رمضان وأنه انقضت أيامه بصيامها،  وانقضت لياليه بقيامها فلم يبق لنا إلا أن نعلن عن سعادتنا وفرحنا بما فتح الله لنا من أبواب الخير، فرح الشاكر لله تعالى،  فرح من يرد الهداية إلى فعل الصالحات إلى الهادي إلى سواء السبيل رب العالمين سبحانه وتعالى..
لسان حال المؤمنين اليوم وقد أتم الله عليهم نعمة بلوغ رمضان، ورفع بفضل الله تعالى من صالح أعمالهم صيامه وقيامه.. لسان حالهم {{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ }} [سورة الأعراف] . 
حالنا كحال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في مثل هذه المواقف كانوا يقولون ( اللهم لولا انت ما اهتدينا)(ولا تصدقنا ولا صلينا)(فأنزلن سكينة علينا)( وثبت الأقدام إن لاقينا) 
اليوم : يظهر سرورنا، وتظهر فرحتنا، ونعلن كامل سعادتنا بكل عمل صالح عملناه، بكل مجلس علم جلسناه، بكل كلمة طيبة، بكل صدقة، بكل خطوة، بكل ركعة، بكل سجدة، بكل آية، بكل دعوة، بكل بسمة.. 
اليوم : نعلن كامل سعادتنا بكل معروف بذلناه، وبكل سوء تركناه، وبكل خطأ تداركناه.. 
قال النبي عليه الصلاة والسلام  « مَن سرَّتهُ حسنتُهُ وساءتْهُ سَيِّئتُهُ فذلِكم المؤمنُ»  [صحيح الترمذي] . 
اليوم: لله وابتغاء مرضاة الله نلتقي أحبابنا، اليوم لله وابتغاء مرضاة الله نصل أرحامنا، اليوم نتغاضى عن خصوماتنا، اليوم نعفو ونصفح، اليوم نسامح، اليوم نتغاضى ونتجاوز لعل الله تعالى أن يتجاوز عنا يوم القيامة.. 
{{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}} [ سورة النور] .( بلى يا رب نحب أن تغفر لنا). 
--------------------------------------------------------------
في ختام الحديث عن آية الصيام في سورة البقرة يقول الحكيم العليم {{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}} [سورة البقرة] . 
لأول مرة أقول: 
لا تحزنوا لأن رمضان من هذا العام قد انقضى.. 
لا تحزنوا لأنه ذهب، بل احمدوا الله أن بلغكم تمامه،  ثم افرحوا بما قدمتموه لأنفسكم، ثم كبروا الله أن هداكم إلى صيامه وقيامه {{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}} - ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد) 
لاول مرة أقول لا تودعوا رمضان: 
لا تودعوه، بل اصطحبوه، ورافقوه، وخذوه، إلى باقي عامكم، وأيامكم.. 
أتموا سنتكم بأخلاق رمضان، عيشوا بقية عامكم بروح رمضان، بأمانة رمضان، بالورع، بخشية الله التي تذوقتم حلاوتها في رمضان 
رمضان ليس شهراً ، بل هو أسلوب حياة، رمضان منهج،  وخط نمشي عليه،  ونور نهتدي به.. 

رؤية هلال شوال ليست النهاية إنما هي بداية حسنة لا نقف عندها، بل نكمل عليها، ونتعايش السنة وكأننا مازلنا في رمضان.. 
اليوم أقول: لا تودعوا رمضان بل افسحوا له المجال ليحيا معكم وتحيوا به طوال العام..
فالصوم لا يَنتهي إذا انتهى رمضان..
فعن أبي ذرٍ قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة".
وقال عليه الصلاة والسلام "من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر"
والقرآن لا تتركوه إذا انقضى رمضان .. 
«(تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلُّتاً من الإبل في عقلها)» كما قال النبي عليه الصلاة والسلام 
والمسجد لا تهجروه بعد رمضان  ..
قال ابن مسعود : (من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها -يعني الصلاة في الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) 

أيها المؤمنون من كان يعبد رمضان فإن رمضان بانقضاء لياليه وايامه يذهب ويفوت، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.. 

بركة العمل الصالح ليست في أن تفعله مرة، ولا أن تأتي به ثم تنقطع عنه، بركة العمل أن تداوم عليه، ف( أحب العمل إلى الله تعالى ما داوم عليه صاحبه) كما قال النبي عليه الصلاة والسلام. 
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبلغنا رمضان سنوات عديدة،  وأزمان مديدة.....

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.

  • 2
  • 0
  • 262

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً