من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب)

منذ يوم

من اسماء الله الحسنى: العليم, العالم, علام الغيوب, وللسلف رحمهم الله أقوال في هذه الأسماء, وبعض الفوائد المتعلقة بها, جمعت بعضًا منها, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

                                    {بسم الله الرحمن الرحيم}

         

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن اسماء الله الحسنى: العليم, العالم, علام الغيوب, وللسلف رحمهم الله أقوال في هذه الأسماء, وبعض الفوائد المتعلقة بها, جمعت بعضًا منها, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

& قال ابن عباس رضي الله عنهما: العليم الذي قد كمل في علمه. ونقل هذا القول في تفسيره: الأمام الشوكاني رحمه الله.

& قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما هو كائن, والعالم لجميع الغيوب دون جميع خلقك.

& قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: في أسماء الله تعالى: " العليم".

وهو العالم المُحيطُ علمُه بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها, دقيقها وجليلها, على أتم الإمكان.

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

وهو العليم أحاط علمًا بالذي          في الكون من سرٍّ ومن إعلان

وبكل شيءٍ علمه سبـــــــــــــحانه          فهو المحيط وليس ذا نســــــــيان

وكذاك يعلم ما يكون غدًا وما         قد كان والمــــــــــوجود في ذا الآن

وكذاك أمر لم يكن لو كان كيـــ         ـــف يكون ذاك الأمر ذا إمكان

العالم بكل شيء, الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلفهم, فلا تسقط ورقة إلا بعلمه, ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه, يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطلع عليها الملك, ويعلم ما سيكون منها حيث لا يطلع عليها القلب.

فمن شهد مشهد العلم المحيط الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماوات ولا في قرار البحار ولا تحت أطباق الجبال, بل أحاط بذلك كله علمًا تفصيليًا, ثم تعبد بمقتضى هذا الشهود من حراسه خواطره وإراداته وعزماته, وجوارحه علمًا بأن حركاته الظاهرة والباطنة وخواطره وإراداته وجميع أحواله ظاهرة مكشوفة لدية علانية له, بادية له لا يخفي عليه منها شيء.

عليم بمن يستحق فضله, ومن يستحق عدله, فيعطى هذا بفضله, ويمنع هذا بعدله, وهو بكل شيء عليم.

& قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: العليم بكل شيء.

& قال العلامة السعدي رحمه الله: العليم بكل شيء, الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء, ولا يعزب عن علمه شيء, أحاط علمه بالواجبات والمستحيلات والجائزات, وبالماضيات والحاضرات والمستقبلات, وبالعالم العلوي والسفلي, وبالخفيات والجليات. {﴿ وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ ﴾ } [الأنعام:59]

يعلم السر وأخفى, ويعلم ما أكنته الصدور وما توسوس به النفوس, وما فوق السموات العلى وما تحت الثرى.

& قال الشيخ حافظ بن أحمد حكمي رحمه الله: علمه محيط بكل بجميع الأشياء من الكليات والجزئيات.

& قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله: العلم صفة الله عز وجل بها يدرك جميع المعلومات على ما هي به, فلا يخفي عليه منها شيء.

& قال العلامة محمد بن الأمين الشنقيطي رحمه الله: اعلم أن الله تبارك وتعالى ما أنزل من السماء إلى الأرض واعظاً أكبر, ولا زاجراً أعظم ما تضمنته هذه الآيات الكريمة وأمثالها في القرآن, من أنه تعالى عالم بكل ما يعمله خلقه, رقيب عليهم, ليس بغائب عما يفعلون, وضرب العلماء لهذا الواعظ الأكبر, والزاجر الأعظم مثلاً ليصير به كالمحسوس, فقالوا: لو فرضنا أن ملكّاً قتّالاً للرجال, سفاكاً للدماء شديد البطش والنكال على من انتهك حرمته ظلماً, وسيّافه قائم على رأسه, والنطع مبسوط للقتل والسيف يقطر دماً, وحول هذا الملك الذي هذه صفته جواريه وأزواجه وبناته, فهل ترى أحداً من الحاضرين يهتم بريبة أو بحرام يناله من بنات ذلك الملك وأزواجه, وهو ينظر إليه, عالم بأنه مطلع عليه ؟! لا, وكلا! بل جميع الحاضرين يكونون خائفين, وجلة قلوبهم خاشعة عيونهم, ساكنة جوارحهم خوفاً من بطش ذلك الملك.

ولا شك ولله المثل الأعلى أن رب السموات والأرض جل وعلا أشد علماً, وأعظم مراقبة وأشد بطشاً وأعظم نكالاً وعقوبة من ذلك الملك, وحماه في أرضه محارمه, فإذا لا حظ الإنسان الضعيف أن ربه جل وعلا ليس بغائب عنه, وأنه مطلع على كل ما يقول وما يفعل وما ينوي لان قلبه, وخشي الله تعالى, وأحسن عمله لله جلا وعلا.

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: من أسماء الله عز وجل: " العليم", و" علام الغيوب", و"العالم".

والعلم قال الناس في تعريفه: إدراك الشيء على ما هو عليه على وجه ليس فيه شك ولا ظن....والرب عز وجل عليم مدرك للأمور على ما هي عليه إدراكًا تامًا جملة وتفصيلًا, وعلمه عز وجل من أوسع ما يكون من الصفات, لأنه يتعلق بالواجب والممكن والمستحيل والدقيق والجليل.

" العليم " ذو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً لما كان, وما يكون من أفعاله, وأفعال خلقه.

قوله: {﴿  ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡخَبِيرُ﴾} [التحريم:3] في هذه الآية من أسماء الله تعالى: العليم, والخبير, ومن صفاته: العلم, والخبرة. وفيها من الفوائد المسلكية: أن الإيمان بذلك يزيد المرء خوفًا من الله وخشية, سرًا وعلنًا. 

قوله: {﴿ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾} [التحريم:2] فيها هذه الآية من أسماء الله: العليم, والحكيم, ومن صفاته: العلم والحكمة. وفيها من الفوائد المسلكية: أن الإيمان بعلم الله وحكمته يستلزم الطمأنينة التامة لما حكم به من أحكام كونية وشرعية, لصدور ذلك عن علم وحكمة, فيزول عنه القلق النفسي, وينشرح صدره. 

& قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: العليم يدل على صفة العلم العام, فهو صفة مبالغة, وكثيرًا ما يختم الله به الآيات التي تشتمل على التخويف, ويصف نفسه بأنه بكل شيء عليم.

فالعلم صفة من صفات الله, وهو عام يدخل فيه ما كان وما يكون في أمور الماضي والحاضر والمستقبل فهو سبحانه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون....فعلمه سبحانه علم كامل تام شامل, لا يلحقه نقص أو قصور بوجه من الوجوه فيجب علينا أن لا نعمل إلا ما يرضيه سبحانه, وأن نجتنب الأعمال والأقوال التي تسخطه سبحانه وتعالى لأنه مطلع علينا لا تخفى عليه خافية من أمرنا سبحانه وتعالى

& قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السلمان رحمه الله: علمه سبحانه محيط بكل شيء, بالواجبات والممكنات والمستحيلات, وبالماضي والحال والمستقبل.

& قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان رحمه الله: الله تعالى عليم, يعلم ما في السماوات وما في الأرض, يعلم ما كان في الأزل وما يكون في المستقبل, ولا يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى, علمهُ أزلي ثابت له سبحانه وتعالى, ولا ينفك عنه, وهو محيط بعلمه وقدرته وإرادته وتدبيره بمخلوقاته.

علمه شامل للأزمنة كما أنه شامل للأمكنة, ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون, ومما يدل على هذا قوله سبحانه وتعالى: {﴿وَلَوۡ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ﴾} [الأنعام:28]

& قال العلامة عبدالرحمن ناصر البراك: الله تعالى اسمه العليم, وأخبر بأنه بكل شيء عليم يعلم ما كان وما يكون, وما لا يكون لو كان كيف يكون, يعلم الدقيق والجليل,

والله تعالى قد فصّل ذلك في كتابه {﴿ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِيٓ أَنفُسِكُم﴾} [البقرة:235] { ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾} [آل عمران:119] { ﴿ وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِين﴾} [الأنعام:59] {﴿ لِتَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عِلۡمَۢا ﴾ } [الطلاق:12]

فعلمه تعالى محيط بالأشياء, أحاط علمه بأعمال العباد, وأقوالهم, وأحوالهم, يعلم الخواطر التي ترد على النفوس, ويعلم ما في قلوب العباد: الملائكة والأنبياء وكل الناس يعلم ما في قلوبهم من أفكار وخواطر, واللحظة التي يرسلها الإنسان خفية ما يدري عنها أحد, الله يعلمها { ﴿ يَعۡلَمُ خَآئِنَةَ ٱلۡأَعۡيُنِ وَمَا تُخۡفِي ٱلصُّدُورُ﴾} [غافر:19]  

& قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: هو عز وجل عليم بالسر, وعليم بما هو أخفى من السر, عليم بما يتلجلج في الصدور, حتى من الأفكار, والآراء, والأوهام, والظنون, ولهذا يجزى العبد الصالح عن حسن ظنه, وهو عمل خفي, عمل في ذات الصدور, ويجزي العبد الصالح على عباداته القلبية: من التوكل, والإنابة القلبية, وحسن الظن به عز وجل, ومحبته سبحانه وتعالى, وهذا كله فيما في داخل الصدر, فما دخل في الصدر قد يكون وبالًا على صاحبه, وقد يكون رفعةً لصاحبه, والله سبحانه وتعالى هو العليم بذات الصدور,

نقى الله ضمائرنا, وأنفسنا من كل ما يشينها, وألزمها بكل ما يزينها, إنه جواد كريم.

                          كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 0
  • 0
  • 81

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً