لماذا نحب الشكوى؟

منذ 16 ساعة

إن من رحمة الله تعالى أن فطرنا على الفاقة والميل للحديث عن آلامنا لكن ليس إلى المخلوقين بل إليه سبحانه.

في أكثر الحالات نشتكي لآخرين لا يستطيعون فعل أي شيء 
ولا يملكون تغيير ما نشكوا منه أو تخفيفه
بعضهم يفسر ولعنا بالشكوى بغريزة فطرية فينا
ويسمونه الرغبة في التطهير النفسي 
وهذا حق فإن من رحمة الله تعالى أن فطرنا على الفاقة والميل للحديث عن آلامنا  لكن ليس إلى المخلوقين بل إليه سبحانه.

إنها فطرة ونعمة تساعدنا على تحقيق معنى وجودنا وهو إقامة العبودية لربنا
بدونها كنا سيثقل علينا الانكسار والذل
ونصبح كيانات جبارة صامتة
لكن
يمكننا التجاوب مع فطرتنا وغريزتنا الملحة بإدامة بثنا وتشكينا لله ونتنفس بها حين تختنق أنفاسنا بالحزن.
كبت هذه الغريزة هو بالإعراض عن التضرع والدعاء والمناجاة وطول البث والتحزن والبكاء 

نحن نختنق ليس لأننا لا نجد أحبة نبثهم الشكوى لكن لأننا لا نشتكي إلى الله كما ينبغي.
قال الله عن يعقوب عليه السلام
إنما أشكو بثي وحزني إلى الله....
وبثي وحزني
كلاهما هنا مصدران مضافان يدلان على العموم
فهو يقول أشكو كل حزني كل بثي
الحزن بتفاصيله وأوجاعه ولواعجه وآلامه 
لقد تولى عنهم عليه السلام  
لأنه كان  يريد مناجاة طويلة فيها كلام عن قصة الحزن والألم.
لقد لاحظوا طول شكواه حتى ظنوه سيموت من ذلك عليه السلام
لكنه أخبرهم أن كل مارأوه من دموع ليس خطابا لهم ولا حديثا إليهم
إنه نداء محض لربه (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)
الشكوى إلى الله في ذاتها فاقة بشرية واضطرار إنساني.
نحن لا نفتقر لإذهاب أسباب أحزاننا فحسب
بل نحن مضطرون للشكوى نفسها أيضا.
فقد تتغير ظروفك المحزنة لكن نفسك لا تزال مختنقة لأنها لم تتنفس بالبث إلى ربها.
تعود هذا الانزواء في الظلام للحديث عن التفاصيل
للاسترسال في الحديث عن الألم حتى تجد برد الدموع يشكو معك...
تعلم كيف  تهرب في الزوايا لتقول كل شيء لله الذي يعلم ما تخفي وما تعلن.

  • 1
  • 0
  • 61

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً