سياسة الباب المفتوح

منذ يوم

صدق ابن عطاء حينما قال" مَتَى فَتَحَ الله لَكَ بابَ الفَهْمِ في الَمْنعِ، عَادَ الَمْنعُ عَينَ العَطَاء."

صدق ابن عطاء حينما قال" مَتَى فَتَحَ الله لَكَ بابَ الفَهْمِ في الَمْنعِ، عَادَ الَمْنعُ عَينَ العَطَاء." 

في حياة كل واحد منا أبواب، بعضها مشرعة بنسيم التيسير، وبعضها مغلقة بضجيج الصراع، وفي حياتنا أبواب مفتوحة وأخرى مغلقة، وكل باب يحمل خلفه قدَرًا كتبه الله بحكمته، هذه الأبواب المفتوحة، التي يسرت خطواتنا نحوها بلا عناء، لا تُرهقنا مفاتيحها ولا تُغلقها علينا الأقفال، هي في حقيقتها إشارات من الله بأن هنا تكمن راحتنا، وأبواب التيسير هي تلك التي خلقها الله لنا، كتبها في قدرنا، وفتحها برحمته، فلا جهد يشق على النفس في ولوجها، ولا عناء يرهق الروح في عبور عتباتها، تلك الأبواب تأتي في هيئة علم متاح يرفع صاحبه، رزق قريب يفيض بلا عناء، وظيفة ملائمة تناسب جهدك، أو قلب حنون يناديك باسمك في بيت الزوجية، أو أبناء يملؤون القلب دفئًا، هذه الأبواب مشرعة على مصاريعها، لا تحتاج سوى أن نعبرها بثقة ويقين بجميل أقدار الله لنا، لنجد خلف العتبة رحاب من السكينة والرضا. 
 
لكن الإنسان بطبيعته العجولة، يولي ظهره لتلك الأبواب المشرعة، ويظل واقفًا عند باب مغلق، يطرق عليه بأنامله، ثم بقبضتيه، ثم بما أوتي من قوة، ظنًا منه أن العناد فضيلة، يصرّ على الوقوف أمام الأبواب المغلقة، تلك التي لم تُخلق له ولم يُكتب له العبور منها، وكم من أرواح أُنهكت وهي تقرع أبوابًا مُوصدة، وكم من أعمار ضاعت في انتظار ما لا يُرجى، يتشبث المرء بفكرة أن العناد الأعمى والإصرار هما سبيل النجاح، وقد خدعته في ذلك أصوات تطوير الذات التي ملأت الدنيا بشعاراتها. 
 
والعاقل من يتفطن لما كُتب له، ويعي أن في دائرة المباح أبوابًا مشرعة تغنيه عن النزاع مع ما لا يناله، حين يدرك ذلك، تهدأ نفسه، ويسكن قلبه من القلق الذي كان يطارده، وشعور الرضا بما فتحه الله لك هو مفتاح السلام الداخلي، والسير في الطرق الميسرة ليس ضعفًا، بل حكمة يختارها من يعرف قيمة عمره وراحة قلبه وثقته برحمة الله في أقداره لعبده.
 
دع الوقوف الطويل عند الأبواب المغلقة، فلو أراد الله لك عبورها، لانفتح لك ما استغلق، ولانقاد لك ما استعصى، أما أبوابك المفتوحة، فهي حيث أراد الله أن تكون، وحيث يكمن رزقك، وسعادتك، وطمأنينتك لكن تبصر و أدرك ما أنت فيه من نعم لتلك الأبواب المشرعة.

  • 1
  • 0
  • 65

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً