فضائل أهل بيت النبوة في كتب السنة

منذ 5 ساعات

وقد روى أئمة السنة في كتب الحديث أحاديث كثيرة في فضائل أهل البيت بالأسانيد المتصلة برواية الثقات الأثبات

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد خير المرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته أجمعين، وعلى من اتبع سبيلهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن أهل السنة والجماعة يعرفون حق آل بيت النبوة رضي الله عنهم، ولا ينكرون فضلهم وشرفهم، ويتقربون إلى الله بمحبتهم، فهم أهل بيت نبيهم، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}} [الأحزاب: 33]، وقال سبحانه: {{رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}} [هود: 73].

 وقد روى أئمة السنة في كتب الحديث أحاديث كثيرة في فضائل أهل البيت بالأسانيد المتصلة برواية الثقات الأثبات، فأهل السنة يحبون آل بيت النبوة، بدليل روايتهم فضائلهم ونشرها، وتدينهم بمحبتهم وتشريفهم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وهذه أحاديث صحيحة في فضائل أهل البيت انتقيتها من كتب الحديث المشهورة، مع تخريجها باختصار:

  1. عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فينا خطيبًا، بماء يدعى خُمًّا بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: «((أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي))» [رواه مسلم في صحيحه (2408)] ، والمراد بالتذكير بأهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام: محبتهم ومعرفة حقهم، وترك ظلمهم، فأوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته بالاستمساك بكتاب الله ثم ذكَّرهم بحق أهل بيته، وكرر ذلك ثلاث مرات زيادة للتأكيد.
  2. عن علي بن أبي طالب وزيد بن أرقم وبُريدة بن الحصيب رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «((مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ))» [رواه الإمام أحمد في مسنده (1311) و(19279) و (22945] )، وهو حديث صحيح ورد عن عشرة من الصحابة، وهم: علي بن أبي طالب وزيد بن أرقم وبريدة بن الحصيب وسعد بن أبي وقاص وأبي أيوب الأنصاري والبراء بن عازب وابن عباس وأنس بن مالك وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهم، وقد جمع هذه الروايات المحدث الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1750)، ومن أسانيد هذا الحديث ما رواه أحمد في مسنده (23107) قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن وهب قال: نشد عليٌّ الناس، فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «((مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ))» ، وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات، شيخ أحمد بن حنبل هو محمد بن جعفر ثقة من أتقن أصحاب شعبة، وشعبة إمام ثقة حافظ متقن، وهو أتقن من يروي أحاديث أبي إسحاق، وأبو إسحاق السَّبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني ثقة، وقد صرح بالسماع من سعيد بن وهب الهمداني، وسعيد ثقة، من أوثق أصحاب علي رضي الله عنه المعروفين بملازمته، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/ 335) عن هذا الحديث: "متنه متواتر"، وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله في كتابه تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة (ص: 55): "هذه فضيلة بينة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعناه: من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه فعلي والمؤمنون مواليه، دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}} [التوبة: 71]، وقال: {{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}} [الأنفال: 73]. والولي والمولى في كلام العرب واحد، والدليل عليه قوله تبارك وتعالى: {{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} } [محمد: 11] أي: لا ولي لهم، وقال: {{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} } [التحريم: 4]، وقال الله: { {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}} [البقرة: 257]، وقال : {{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}} [المائدة: 56]". وقال الحافظ البيهقي رحمه الله في كتابه الاعتقاد (ص: 354): "وأما حديث الموالاة فليس فيه نص على ولاية علي بعده، فمقصود النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك هو أنه لما بعثه إلى اليمن وكثرت الشكاة منه وأظهروا بغضه؛ أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه، ويحثهم بذلك على محبته وموالاته وترك معاداته فقال: «((مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ))» ، والمراد به ولاء الإسلام ومودته، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضًا لا يعادي بعضهم بعضًا". انتهى مختصرا.
  3.  عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي: (أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق)» رواه مسلم في أوائل صحيحه في كتاب الإيمان رقم (78)، ورواه الترمذي (3736) وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي (5018)، وابن ماجه في أوائل سننه (114)، ورواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (642)، ورواه أحمد أيضًا في كتابه فضائل الصحابة في موضعين (948) (961)، ورواه ابن حبان في صحيحه (6924) في باب ذكر الخبر الدال على أن محبة المرء علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الإيمان، ورواه البزار (560)، وأبو يعلى (291)، وغيرهم، وهذا الحديث مختلف في صحته، فذكره الحافظ الدارقطني في كتابه الإلزامات والتتبع (ص: 289)، ورجح بعضهم أنه موقوف لا مرفوع، فقد تفرد برفعه عدي بن ثابت عن زِر بن حُبيش عن علي، ورواه ابن أبي شيبة (32116) من طريق عاصم عن زر بن حُبَيش عن علي رضي الله عنه قال: (لا يحبنا منافق، ولا يبغضنا مؤمن)، لكن جاء ما يشهد لكونه مرفوعًا، فعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: ((لَا يُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ وَلَا يُحِبُّكَ مُنَافِقٌ)) رواه الإمام أحمد في مسنده (26507) وفي فضائل الصحابة (1059)، ورواه الترمذي (3717) في باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأبو يعلى في مسنده (6904)، وصححه الأرناؤوط في تحقيق المسند لشواهده، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1299)، وروى الطبراني في المعجم الكبير (23/ 380) من طريق فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن أم سلمة مرفوعًا بلفظ: (من أحب عليًا فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض عليًا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله)، وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 132)، وروى الحاكم في المستدرك (4648) عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا فَقَدْ أَبْغَضَنِي))، وصححه الوادعي في كتابه الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (442). قال العلماء: لا يبغض عليًا لدينه إلا منافق، وكذلك لا يبغض الأنصار لدينهم إلا منافق، ففي صحيح مسلم (74) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ))، وروى البخاري (3783) ومسلم (75) من طريق عدي بن ثابت قال: سمعت  البراء بن عازب رضي الله عنهما يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الأَنْصَارُ لاَ يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ))، وروى مسلم (76) و (77) بإسنادين عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)).

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (2/ 64): "ومعنى هذه الأحاديث: أن من عرف مرتبة الأنصار وما كان منهم في نصرة دين الإسلام والسعي في إظهاره وإيواء المسلمين وقيامهم في مهمات دين الإسلام حق القيام وحبهم النبي صلى الله عليه وسلم وحبه إياهم وبذلهم أموالهم وأنفسهم بين يديه وقتالهم ومعاداتهم سائر الناس إيثارًا للإسلام، وعرف من علي بن أبي طالب رضي الله عنه قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب النبي صلى الله عليه وسلم له وما كان منه في نصرة الإسلام وسوابقه فيه ثم أحب الأنصار وعليًا لهذا؛ كان ذلك من دلائل صحة إيمانه وصدقه في إسلامه؛ لسروره بظهور الإسلام والقيام بما يرضي الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أبغضهم كان بضد ذلك، واستُدِل به على نفاقه وفساد سريرته"، أما ما يحصل من بغي بعض المسلمين على بعض، وكراهة بعضهم بعضًا لأجل دنيا أو لتأويل قد يُعذر صاحبه وقد لا يُعذر فليس هذا نفاقًا، بل هذا بغي وظلم قد يحصل من بعض المسلمين، فقد أخبر الله عن المؤمنين أنهم قد يقتتلون، ويحصل من بغضهم بغي على بعض، وأخبر سبحانه أنه يدخل المؤمنين الجنة وينزع ما كان في صدورهم من غل وأحقاد وضغائن كانت بينهم في الدنيا فقال سبحانه: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43].

  1. عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما عن فاطمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «((يَا فَاطِمَةُ، أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ))» [رواه البخاري (6285) ومسلم (2450) وأحمد بن حنبل (26413) وابن ماجه (1621) والنسائي في السنن الكبرى (8310) والطبراني في المعجم الكبير (1032) والحاكم في المستدرك (4740) وغيرهم] .
  2. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «((أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ))» [رواه أحمد في مسنده (2901) وابن حبان في صحيحه (7010) وصححه الأرناؤوط والألباني والوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (596)] .
  3. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «((مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي))» يعني حسَنًا وَحُسَينًا. [رواه أحمد في مسنده (7876)، والحاكم في المستدرك (4777) في باب مناقب الحسن والحسين ابني بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2895)] .
  4. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ)) » [ رواه ابن حبان في صحيحه (6978) من طريق أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد مرفوعًا، ورواه الحاكم في المستدرك (4717) وصححه من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا، وحسنه الأرناؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2488)] .

هذه بعض الأحاديث الصحيحة المذكورة في كتب الحديث في فضل آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام، قال ابن تيمية رحمه الله في كتابه منهاج السنة النبوية (5/ 511): "أهل العلم بالحديث كانوا يحرصون على جمع فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه"، ومن ينظر في صحيح البخاري يعجب من كثرة تبويبات الإمام البخاري رحمه الله في فضائل آل البيت، فقد ذكر في كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله عنه، روى فيه سبعة أحاديث من رقم (3701 -3707)، وذكر باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه، روى فيه حديثين (3708 و3709)، وذكر باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر البخاري في هذا الباب قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي)، وروى عن ابن عمر عن أبي بكر رضي الله عنهم قال: (ارقبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته)، وذكر البخاري باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما، روى فيه ثمانية أحاديث (3746-3753)، ثم قال البخاري رحمه الله: باب مناقب فاطمة عليها السلام، وروى البخاري (3767) بإسناده عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي)). وعقد الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه كتاب فضائل الصحابة، روى فيه ستة أحاديث في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه (2404-2409)، وروى ثلاثة أحاديث في فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما (2421-2423)، وروى حديثين في فضائل فاطمة رضي الله عنها (2449-2450).

ورواية أئمة أهل السنة لهذه الأحاديث الصحيحة في كتب الحديث تثبت بوضوح محبة أهل السنة لآل بيت النبوة عليهم السلام، وتبرئهم مما يفتريه عليهم المفترون، ويتبين لكل عاقل منصف أن أهل السنة هم الذين عملوا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بالثَّقلين، والتذكير بأهل بيته، فعرفوا قدرهم وشرفهم، ونشروا فضائلهم، وأحبوهم محبة دينية يتقربون بها إلى الله سبحانه بلا غلو، فلم يجفوا عنهم، ولم يغلوا فيهم برفعهم فوق منزلتهم، ولم يدَّعوا لهم ما لم يدَّعوه هم لأنفسهم من العِصمة أو صرف العبادة لهم كالدعاء الذي هو أصل العبادة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «((إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ))» ر [واه أحمد (3248) والنسائي (3057) وابن ماجه (3029) من حديث ابن عباس وصححه ابن خزيمة (2867) وابن حبان (3871) والألباني والأرناؤوط] .

وقد صح عن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: (يَهلِك فِيَّ رجلان: مُفرِطٌ في حُبِّي، ومُفرِطٌ في بُغضي) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (32134) و (32136) من طريقين عن علي رضي الله عنهأبياأبي، وصح عن علقمة النَّخَعي الكوفي وكان من أصحاب علي أنه قال: (مثَلُ عليٍّ في هذه الأمة مثَلُ عيسى ابنِ مريم، أحبه قومٌ حتى هلكوا في حُبِّه، وأبغضه قومٌ حتى هلكوا في بُغضِه) رواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة (1423).  

 

محمد بن علي بن جميل المطري

دكتوراه في الدراسات الإسلامية وإمام وخطيب في صنعاء اليمن

  • 1
  • 1
  • 55

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً