ورد القرآن ورد الإيمان
تعاهد القرآن، وإدامة تلاوته، وختمه المرة بعد المرة؛ ليس مطلوبًا لتكثير الحسنات فحسب، ولا لمراجعة الحفظ فقط، ولكن لتكثير العلم، ومراجعة السلوك والاعتقاد، وعرض القلوب والأعمال عليه، وتهذيبها وإصلاحها وتزكيتها، فهو وربي ورد من الإيمان.
مما يحسن التذاكر فيه والتواصي به والتعاون عليه: الورد اليومي من تلاوة القرآن ومراجعته، والثبات عليه، وعدم التفريط فيه.
قال النبي ﷺ: {تعاهدوا هذا القرآن..}.
ولئن كانت المحافظة على ورد القرآن سمة من سمات المؤمن، فهي من أعظم خصائص طالب العلم الذي يرجو بعلمه الله والدار الآخرة.
تعاهد القرآن، وإدامة تلاوته، وختمه المرة بعد المرة؛ ليس مطلوبًا لتكثير الحسنات فحسب، ولا لمراجعة الحفظ فقط، ولكن لتكثير العلم، ومراجعة السلوك والاعتقاد، وعرض القلوب والأعمال عليه، وتهذيبها وإصلاحها وتزكيتها، فهو وربي ورد من الإيمان.
- فأنت من أنت ؛ طالب/ـة علم ؟ داعية؟ مربي؟
لا يسوغ أن يدعي أحدنا وصفًا من هذه الأوصاف الشريفة وهو تمضي عليه الأيام هاجرًا لكتاب الله، لا يبالي متى يختم القرآن! وليس له ورد يومي يحافظ عليه !!
ومن هذه حاله عليه أن يتوب إلى الله تعالى من الدعاوي الباطلة، والتلبس بلباس طلاب العلم والدعاة إلى الله، أو يبادر فورًا إلى إصلاح حاله مع القرآن.
فإذا عرفت هذا؛ وكنت ممن وفق للتلاوة، والمحافظة على الأوراد الثابتة ؛
فكم وردك اليومي من القرآن؟
الذي يجدر بطالب العلم أن لا يمر عليه أسبوعان إلا وقد عرض القرآن كاملًا، من حفظه أو بنظر في المصحف، أو بالجمع بينهما، يقسمه على الليل والنهار، ويجعل لقيام الليل حظًّا منه.
هذا الحد الأدنى، وهو حد (الكفاف)، جزءان في اليوم، وهي يسيرة لمن جرّب، ومناسبة للمشغول والمعذور، فإذا كسلت ونزلت عنهما فأنت وعامة الناس سواء.
فإذا ارتقيت إلى ثلاثة أجزاء فختمت في الشهر ثلاث ختمات فهذا من العزم و(التمام)، وخليق بمن يحافظ على هذا الورد أن يكون من أهل الضبط والإتقان للقرآن، وقوة الاستحضار لآياته وشواهده إذا أوتي الفهم.
فإذا ارتفعت فقرأت كل يوم سُبع القرآن وختمت في كل أسبوع بطريقة (فمي بشوق) وحافظت على ذلك، فهنيئا لك هنيئًا، فهذا هو (الكمال والجمال)، والشرف والجلال، فهي طريقة جلة من أصحاب النبي ﷺ والسلف الصالح وكثير من أئمة الإسلام.
والناس أحوال وأشغال، كل وما يناسبه، فلئن عذر المرء في شغله ومرضه، فلا يعذر في صحته وفراغه.
ومن المجرّب النافع أن يضع القارئ لنفسه حدًا لا ينزل عنه، فإن وجد قوة وفسحة في الوقت زاد وازداد، وإن شغل وضعف وفَى بالحد الأدنى، وصانه من التفريط والضياع.
فالله الله يا كرام.. بانتهاز فرص الأيام، واغتنام الفراغ والصحة، والشرّة قبل الفترة، وإقبال النفس قبل إدبارها، فكم في التواني والكسل من حسرة، فالأعمار تقضى، والصحائف تطوى، وكل عامل سيأتي عليه زمان شغل وهم وضيق في الوقت يندم فيه على أيام العجز والتفريط.
اللهم وفقني ومن يقرأ كلامي هذا لمصاحبة القرآن، وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وثبتنا على ذلك، ولا تقطعنا عنها بقاطع ولا تشغلنا عنها بشاغل، وارزقنا الإخلاص، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
________________________________
الكاتب: أحمد السويلم