إدمان التسوق

منذ 4 ساعات

يُعد التسوق من المهام الروتينية التي يقوم بها كثيرٌ من الناس، والتسوق يعطي الشخص شعورًا بالراحة والمتعة والاسترخاء،

يُعد التسوق من المهام الروتينية التي يقوم بها كثيرٌ من الناس، والتسوق يعطي الشخص شعورًا بالراحة والمتعة والاسترخاء، ولكن بعد فترة من الوقت يبدأ صاحبُه في الشعور بالندم والذنب، وسببُه أنه اشترى كميات كبيرة هو في غنى عنها، وأرجَع أطباء الصحة النفسية هذا السلوك الخاطئ إلى الإصابة باضطراب نفسي يُدعى هَوَس الشراء أو إدمان التسوق، وهو أحدُ أنواع الإدمان النفسي السلوكي.

 

إدمان التسوق هو سلوك قهري يتَّسم بالرغبة الشديدة في الشراء والإنفاق، وغالبًا ما يتجاوز الحاجة الفعلية للشخص، وقدرته على تحمُّل التكاليف؛ مما يؤدي هذا السلوك إلى مشاكل مالية، وعلاقات متوترة، ومشكلات في الصحة العقلية، ويهدف الأشخاص الذين يعانون من إدمان التسوق إلى الخروج من أي مشكلة بشعور مؤقت بالرفاهية عن طريق التسوق والابتعاد عن المشكلة.

 

وظهَر هذا الإدمان بشكل واضحٍ مع تفعيل قرار حظر التجوال الذي اتَّخذته الحكومات حول العالم للسيطرة على تفشِّي فيروس كورونا المستجد؛ حيث أقبل البعض على شراء المواد الغذائية والأدوية المقوية والوقائية والملابس والإكسسوارات لسدِّ حاجاتهم في البداية، ثم تحوَّل إلى هوس في الشراء.

 

وعادةً ما تظهر أعراضُه برغبةٍ لا يُمكن السيطرة عليها، ولا يمكن التحكم فيها، وانشغال ذهني شديد بالإنفاق المفرط للمال، ويُمكننا سردُ بعض أعراض إدمان التسوق على النحو التالي: شراء أشياء غير ضرورية بشكل متكرِّر، حتى في حالة وجود مشاكل مالية، الشعور بالمتعة أو النشوة عند الشراء، التسوق بشكل يومي أو أسبوعي، متابعة تخفيضات وعروض المحلات بشكل مستمر، صعوبة مقاومة الرغبة في الشراء، الاعتماد على التسوق بوصفه وسيلةً لتحسين المزاج والتخلص من التوتر، الشعور بالندم بعد إنهاء التسوق وفِقدان الرغبة الشرائية، توتُّر العلاقات مع العائلة والأصدقاء بسبب الإنفاق المفرِط.

 

ولإدمان التسوق عوامل وأسباب تؤدي إليه؛ منها:

• عندما يعاني الشخص من تدنِّي احترام الذات، يلجأ إلى التسوق وسيلةً لتعزيز ثقته بنفسه، من خلال شراء أغراض يَعتقد أنها ستجعله أكثرَ جاذبية أو قبولًا عند الآخرين.

 

• قد يلجأ البعض إلى التسوق للهروب من المشاعر والأفكار المصاحبة لبعض الأمراض النفسية كالقلق والاكتئاب.

 

• إن رؤية الأصدقاء وأفراد العائلة يتسوَّقون قد تثير الرغبة في شراء شيءٍ ما من أجل مواكبة الوضع، أو التأقلم مع الوضع الاجتماعي.

 

• يعتقد بعض الأطباء النفسيين أن إدمان التسوق قد يرتبط بالتعرُّض للحوادث، أو الشعور بالحرمان عند الطفولة.

 

• بعض الأشخاص يرى أن فكرة التسوق، وامتلاك بعض الاحتياجات المرغوبة وغير المرغوبة، تساوي النجاح وحصول على السعادة والمكانة الاجتماعية.

 

• أصبحت بعض الشركات التسويقية أكثر تطورًا في قدرتها على تشجيع الناس على شراء المنتجات، من خلال حملاتها التسويقية والإعلانات الذكية.

 

أيها الآباء وأيتها الأمهات، لعلاج هذه المشكلة علينا في البداية تحديدُ الأسباب الكامنة خلف إدمان الشباب والفتيات على التسوق، وأنصحكم بالتالي:

• الحوار مع الشباب والفتيات عن أهمية الاعتدال في الإنفاق، سواء كان في طعام أو شراب أو لباس أو غيرها؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67].

 

• تدريبهم على حفظ المال وتنميته من خلال العمل والتجارة، مع الحرص على الزكاة والصدقات؛ قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103].

 

• تعويدهم على الإنفاق في وجوه الخير، ومساعدة المحتاجين والفقراء؛ قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].

 

• الابتعاد عن الأسواق قدر المستطاع، وعدم الذَّهاب إليها إلا للحاجة الضرورية.

 

• عدم استخدام بطاقات الائتمان، والاكتفاء بالنقود المتوفرة في المحفظة.

 

• الاستعانة ببعض المتخصصين لمساعدة الأشخاص المدمنين على التسوق في علاج المشكلة، خاصة إذا كان التسوق ناتجًا عن بعض الاضطرابات النفسية.

 

• الابتعاد عن مواسم التسوق المشهورة بالعروض والتخفيضات.

 

• حذف التطبيقات والمواقع الإلكترونية التي تروِّج للعروض والتخفيضات.

 

• قبل شراء أي شيء، امنَح نفسك بعضَ الوقت للتفكير في مدى حاجتك إليه، مع تحديد الميزانية الخاصة بها، وألزِمْ نفسك بها.

 

إن سهولة وراحة التسوق عبر الإنترنت تعني أنه أصبَح من السهل من أي وقت مضى الاستسلامُ لسلوك الشراء الاندفاعي الذي قد يؤدي في النهاية إلى إدمان التسوق؛ لذا علينا الابتعادُ عن الأشخاص والأشياء والأفكار التي تدفَعنا إليه.

_________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش

  • 0
  • 0
  • 33

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً