معرفة الله باسم السميع
لو أن الإنسان عرف ربه بصفة واحدة من صفاته، وتذوق أثرها في حياته، لكان لذلك انقلابٌ عظيم في قلبه وسلوكه، فكيف به إذا عرف الله بجميع ما علمنا الله من أسمائه وصفاته الحسنى؟! إن شأنه حينها يكون شأنًا آخر لا يُقاس.
لو أن الإنسان عرف ربه بصفة واحدة من صفاته، وتذوق أثرها في حياته، لكان لذلك انقلابٌ عظيم في قلبه وسلوكه، فكيف به إذا عرف الله بجميع ما علمنا الله من أسمائه وصفاته الحسنى؟! إن شأنه حينها يكون شأنًا آخر لا يُقاس.
ولنقف عند اسم واحد من أسماء الله: "السميع".
نحن البشر إذا حضرنا مجلسًا فيه شخصية اعتبارية أو مسؤول مهم، نحاول أن نُحسن اختيار ألفاظنا، ونرتِّب كلماتنا، لا لشيء إلا لأن هذا الشخص يسمعنا.
مع أنه لا يملك لنا نفعًا ولا ضرًّا، ولا يقدم ولا يؤخر في قدر الله شيئًا.
فكيف لا نضبط كلامنا والله جل جلاله يسمعنا آناء الليل وأطراف النهار؟!
إن معرفة العبد أن الله سميع تجعله يُحكم ألفاظه، ويُصفي كلماته، فلا ينطق إلا بما يُرضي الله.
والكلمة – وإن كانت لا تتجاوز ثوانيَ على اللسان – لها أثر عجيب في الكون؛ وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا لعن شيئًا، صعدت اللعنة إلى السماء، فتُغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتُغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينًا وشمالًا، فإن لم تجد مساغًا، رجعت إلى الذي لُعِن، فإن كان أهلًا لذلك، وإلا رجعت إلى قائلها».
انظروا كيف تتحرك الكلمة في الملكوت، وكيف تقلق السماء والأرض، وكيف تعود على قائلها أو تصيب من وُجِّهت إليه، هذا كله من كلمة عابرة قالها لسان الإنسان بلا رويَّة ولا وزن.
ولأجل ذلك جاء توجيه القرآن العظيم: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء: 53].
تأمل كلمة (أحسن)؛ كأن الله يقول لك: انتقِ كلامك كما تنتقي أجود الثمار من السوق، فإن لم تفعل، فتحتَ للشيطان بابًا لا نهاية له.
ثم جاء الأمر الإلهي الأوضح في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].
القول السديد: كلام مصوَّب كالسهم إلى الهدف، لا اعوجاج فيه ولا لغو، يخدم الغاية التي يرضاها الله.
فإذا التزم العبد بهذا، صلحت أعماله ببركة ضبط لسانه، وغُفرت ذنوبه بكرم ربه.
فانظر – رعاك الله – ماذا يفعل بالإنسان مجرد معرفته أن الله سميع، وكيف يتهذب لسانه، وينتظم سلوكه، ويصلح الله شأنه كله، فكيف لو أضاف إلى هذه المعرفة بقية أسمائه وصفاته؟! إنه حينها يعيش في نور عظيم، وفوز عظيم.
___________________________________
الكاتب: عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
- التصنيف:
- المصدر: