التفاضل بالإيمان (18)

وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله أينا لم يلبس إيمانا بظلم فقال «إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح إن الشرك لظلم عظيم». ... المزيد

التفاضل بالإيمان (17)

وقال تعالى {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها}، فذكر إسلام الكائنات طوعا وكرها، لأن المخلوقات جميعها متعبدة له التعبد العام، سواء أقر المقر بذلك أو أنكره، وهم مدينون مدبرون فهم مسلمون له طوعا وكرها ليس لأحد من المخلوقات خروج عما شاءه وقدره ولا حول ولا قوة إلا به وهو رب العالمين ومليكهم يصرفهم كيف يشاء وهو خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم وكل من سواه فهو مربوب مصنوع ومفطور فقير محتاج معبد مقهور وهو الواحد القهار الخالق البارىء المصور وهو إن كان قد خلق ما خلقه بأسباب فهو خالق السبب والمقدر له وهو مفتقر اليه كافتقار هذا وليس في المخلوقات سبب مستقل بفعل ولا دفع ضرر بل كل ما هو سبب فهو محتاج إلى سبب أخر يعاونه وإلى ما يدفع عنه الضد الذي يعارضه ويمانعه. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (16)

ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه ولا يستعين إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يفرح إلا بما يحبه ويرضاه ولا يكره إلا ما يبغضه الرب ويكرهه ولا يوالي إلا من والاه الله، ولا يعادي إلا من عاداه الله، ولا يحب إلا الله ولا يبغض شيئا إلا لله، ولا يعطي إلا الله، ولا يمنع إلا الله، فكلما قوي إخلاص دينه لله كملت عبوديته واستغناؤه عن المخلوقات، وبكمال عبوديته لله يبرئه من الكبر والشرك. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (15)

وقد وصف فرعون بالشرك في قوله {وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك}، بل الاستقراء يدل على أنه كلما كان الرجل أعظم استكبارا عن عبادة الله كان الرجل أعظم إشراكا بالله لأنه كلما استكبر عن عبادة الله ازداد فقره أو حاجته إلى المراد المحبوب الذي هو المقصود مقصود القلب بالقصد الأول فيكون مشركا بما استعبده من ذلك. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (13)

ولا تتم عبوديته لله إلا بهذين، فمتى كان يحب غير الله لذاته أو يلتفت إلى غير الله أنه يعينه كان عبدا لما أحبه وعبدا لما رجاه بحسب حبه له ورجائه إياه وإذا لم يحب لذاته إلا الله وكلما أحب سواه فإنما أحبه له ولم يرج قط شيئا إلا الله وإذا فعل ما فعل من الأسباب أو حصل ما حصل منها كان مشاهدا أن الله هو الذي خلقها وقدرها وأن كل ما في السموات والأرض فالله ربه ومليكه وخالقه وهو مفتقر إليه كان قد حصل له من تمام عبوديته لله بحسب ما قسم له من ذلك والناس في هذا على درجات متفاوتة لا يحصى طرفيها إلا الله. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (11)

ومن المعلوم أن المؤمن أشد حبا لله، كما قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله}، نعم قد يسلك المحب لضعف عقله وفساد تصوره طريقا لا يحصل بها المطلوب، فمثل هذه الطريق لا تحمد إذا كانت المحبة صالحة محمودة، فكيف إذا كانت المحبة فاسدة والطريق غير موصل، كما يفعله المتهورون في طلب المال والرئاسة والصور في حب أمور توجب لهم ضرر ولا تحصل لهم مطلوبا وإنما المقصود الطرق التي يسلكها العقل حصول مطلوبه. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (10)

والجهاد هو بذل الوسع وهو القدرة في حصول محبوب الحق ودفع ما يكرهه الحق، فإذا ترك العبد ما يقدر عليه من الجهاد كان دليلا على ضعف محبة الله ورسوله في قلبه ومعلوم أن المحبوبات لا تنال غالبا إلا باحتمال المكروهات سواء كانت محبة صالحة فاسدة فالمحبون للمال والرئاسة والصور لا ينالون مطالبهم إلا بضرر يلحقهم في الدنيا مع ما يصيبهم من الضرر في الدنيا والآخرة فالمحب لله ورسوله إذا لم يتحمل ما يرى ذو الرأي من المحبين لغير الله مما يحتملون في حصول محبوبهم دل ذلك على ضعف محبتهم لله إذا كان ما يسلكه أولئك هو الطريق الذي يشير به العقل. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (8)

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ؛ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ». ... المزيد

التفاضل بالإيمان (7)

منها ما يحتاج العبد إليه كما يحتاج إليه من طعامه وشرابه ومسكنه ومنكحه ونحو ذلك هذا يطلبه من الله ويرغب إليه فيه يكون المال عنده يستعمله في حاجته بمنزلة حماره الذي يركبه وبساطة الذي يجلس عليه بل بمنزة الكنيف الذي يقضي فيه حاجته من غير أن يستعبده فيكون هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (6)

ومن أعظم أسباب هذا البلاء إعراض القلب عن الله فإن القلب إذا ذاق طعم عبادة الله والإخلاص له لم يكن عنده شىء قط أحلى من ذلك ولا ألذ ولا أطيب والإنسان لا يترك محبوبا إلا بمحبوب آخر يكون أحب إليه منه أو خوفا من مكروه فالحب الفاسد إنما ينصرف القلب عنه بالحب الصالح أو بالخوف من الضرر، قال تعالى في حق يوسف {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}، فالله يصرف عن عبده ما يسوءه من الميل إلى الصورة والتعلق بها ويصرف عنه الفحشاء بإخلاصه لله. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (5)

وعبودية القلب وأسره هي التي يترتب عليها الثواب والعقاب أن المسلم لو أسره كافر أو استرقه فاجر بغير حق لم يضره ذلك إذا كان قائما بما يقدر علي من الواجبات ومن استعبد بحق إذا أدى حق الله وحق مواليه له أجران ولو أكره على التكلم بالكفر فتكلم به وقلبه مطمئن بالإيمان لم يضره ذلك وأما من استعبد قلبه صار عبدا لغير الله فهذا يضره ذلك ولو كان في الظاهر ملك الناس. ... المزيد

التفاضل بالإيمان (4)

وكلما طمع العبد في فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضرورته قويت عبوديته له وحريته مما سواه فكما أن طمعه في المخلوق يوجب عبوديته له فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه كما قيل استغن عمن شئت تكن نظيره وأفضل على من شئت تكن أميره واحتج إلى من شئت تكن أسيره فكذلك طمع العبد في ربه ورجاؤه له يوجب عبوديته له وإعراض قلبه عن الطلب من غير الله والرجاء له يوجب انصراف قلبه عن العبودية لله لا سيما من كان يرجو المخلوق ولا يرجو الخالق بحيث يكون قلبه معتمدا إما على رئاسته وجنوده وأتباعه ومماليكه وإما على أهله وأصدقائه وإما على أمواله وذخائره وإما على ساداته وكبرائه كمالكه وملكه وشيخه ومخدومه وغيرهم ممن هو قد مات أو يموت، قال تعالى: {وتوكل على الحى الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا}. ... المزيد

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً