سفر الزوجة إلى بلاد الغرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأةٌ متزوجةٌ مِن رجل حديث عهد بالإسلام، كان يقطُن في بلاد الكفر، وعند زواجنا أخبرني بأنَّ كل ما يربطه ببلده هو أمه فقط، وأنه مُسْتَعِدٌّ للهجرة من بلاده إذا قدَّر الله وتُوفيتْ أمه، وهو الآن هناك، وسألحق به حينما تتوفَّر كلُّ الوثائق المطلوبة.
المشكلة أنني أخاف على ديني؛ لأن البلاد التي فيها زوجي بلاد كافِرة، والمنطقة التي يسكن فيها زوجي هو الوحيد المسلم فيها، ولا يعلم أحدٌ من جيرانه أو أهله أنه مسلم، حتى أمه، وسأكون أنا الوحيدة المحجَّبة والمسلمة في المنطقة.
أنا في حيرة مِن اللحاق به، ولا أستطيع السفَر على هذا الحال، فقد ندمتُ على الزواج منه، وأشعر أني في وَرْطة.
فأشيروا عليَّ ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيرًا.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإنْ كنتِ على يقينٍ أيتها الأخت الكريمة مما تذكرينه عن بلاد زوجك؛ مِن أنهم لا يُمَكِّنون المسلمين من أداء شعائرهم الدينية، وأن زوجك ما زال يُخفي إسلامه حتى عن أمِّه، فهذا دليلٌ آخر على تعصُّبهم ضد الإسلام؛ مما يجعل سفرك إليه مُغامَرة دينية غير مأمونة العواقب، وقد تجدين نفسك - لا قدر الله - تحت ضغط الواقع تتخلّين عن الحجاب، ثم عن أي شعيرةٍ دينيةٍ ظاهرةٍ شيئًا فشيئًا.
ولا يخفى على مثلك أيتها الفاضلة أنَّ أهل العلم قد اشترطوا للإقامة في ديار الكفر: أن يأمنَ المُقيمُ فيها على دينه؛ وأن يكونَ عنده مِن الفَهم والرسوخ وقوة الإيمان والعزيمة ما يدفع به عن نفسه الفِتَن، ويثبته على دينه، ويَحول بينه وبين الانحراف والزيغ، كما اشترطوا أيضًا التمكن من إظهار الدين؛ بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانعٍ؛ فلا يُمنع مِن إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه مَن يُصلي جماعة ومَن يقيم الجمعة، ولا يُمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين، وأن مَن لا يتمكَّن من ذلك لَم يَجُز له الإقامة في تلك البلاد، بل الهجرة والحال كذلك واجبةٌ على مسلمي تلك البلاد.
فليس ثَمَّة ورطة كما تقولين، فلن يُرغمك أحد على فِعْل ما لا تريدين، وما دمتِ تخشين على نفسك من الإقامة في تلك البلاد، ويغلب على ظنك أنك قد لا تتمكنين من إظهارِ دينك وشعائرك، ولا تأمنين على نفسِك من الفتن - فلا تذهبي؛ فدينُ المرء أغلى ما يملِكُ، وأولى ما تَجِب المحافظة عليه.
فإذا كان في إمكان زوجك أن يُقيم في بلادكم، ويزور أمه من حين لآخر، أو يفعل العكس، فيقيم مع والدته، ويأتيك في أوقاتٍ تتفقون عليها، فلا بأس من ذلك، وبَيِّني له أن الهجرة لبلاد الإسلام واجبة عليه إن كان لا يستطيع إقامة دينه، أو أن يُظهر إسلامه، أو يخشى من الفتنة والانحراف، فالواجبُ عليكِ الفرار بدينه إلى مكانٍ يأمن فيه من الفتن، وأن الفرار إلى الله تعالى هو عينُ السلامَةِ.
أما إن رفض تلك الحلول، فاطلبي منه الطلاق أو انخلعي منه، فإنَّ مَن ترَك شيئًا لله عَوَّضه الله خيرًا منه.
واللهَ أسأل أن يُقَدِّر لك الخير حيث كان.
وأن يُلْهِمَك رشدك، ويُعيذك مِن شرِّ نفسك.
- التصنيف:
- المصدر: