شاب منسوب إلى شخص غير والده

منذ 2018-01-20

شاب عرف عن طريق شخص ما أنَّ والده المنسوب إليه ليس والده الحقيقي، وإنما هو زوجُ أمِّه، ويسأل عما يَلْحقه وأمه وزوج أمه مِن إثمٍ.

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ في العشرين مِن العمر، عرَفتُ عن طريق شخصٍ موثوق أنَّ أبي طلَّق أمي وهي حامل بي ولم تكنْ تعرف أنها حامل، وبعد الطلاق بفترةٍ يسيرة تقدَّم رجُلٌ لأمي (زوجها الحالي) وتزوَّجها.

بعد الزواج اكتشف أنها حامل، فتَرَكَها حتى وضعتْ حَمْلها، ثم ردَّها أو تَزَوَّجَها مِن جديدٍ، ولا أدري هل ردَّها بعقدٍ جديدٍ أو بالعقد القديم؟

المشكلة أنهم بعد الوضع لَم ينسبوني إلى أبي الحقيقي (الزوج الأول)، وإنما نَسَبَتْني أمي لزوجها الجديد، وعشتُ على هذا ودرستُ وتخرجتُ، وأنا أُنْسَبُ للزوج الجديد على أنه أبي، ولا أعرف عن أبي الحقيقيِّ شيئًا؛ فقد تُوُفِّيَ رحِمَهُ اللهُ تعالى، وكلُّ أوراقي الثُّبُوتيَّة تنسبني لزوجِ أمِّي الثاني وهو زوجها حاليًّا.

وهنا أريد أن أسأل: ماذا عليَّ أن أفعَلَ تُجاه أمي التي زَوَّرَتْ نسبي، وتجاه زوجها الذي زوَّر نسبي إليه وأضاع حُقوقي؟ وما هي حقوقي مِن أبي الحقيقي؟ وهل لي حقٌّ في أنْ أُطالِبَ أمي وزوجها بتعويضٍ لي عما أصابني؟ وهل يَلْزَمني تغيير بياناتي الشخصيَّة لأعودَ لِنَسَبي الحقيقيِّ؟

وما الإثم الذي يلْحَق أمي وزوجها في فعلتِهما هذه؟

 

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإنَّ ما تَذْكُره أيها الابنُ الكريم أمرٌ خطيرٌ جدًّا، ويَتَرَتَّب عليه أمورٌ أشد خطورة، وهذا يُوجِب عليك التثبُّت مِن تلك المعلومات التي اكتشفتَها عن طريق ذلك الشخص الذي تثق به، فالعادةُ تقضي أن أمرًا كهذا لا يخفى عن أقربائك لأمِّك، وكلِّ مَنْ له اطِّلاع على تلك الفترة، وكذلك والدتك وزوجها، فاسألهما عن تلك المعلومات، فإن تيقنتَ مِن ذلك فخَوِّفْهما بالله تعالى، وذَكِّرْهما بما وَرَدَ مِن الوعيد الشديد لمن انتسب لغير أبيه؛ قال الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].

وثَبَتَ في الصحيحين عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنه سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس مِن رجُلٍ ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفَر، ومَنِ ادَّعى قومًا ليس له فيهم، فلْيَتَبَوَّأ مقعده مِن النار»، وفي رواية عند البخاري: «إنَّ من أعظم الفِرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه».

ولا شك أن هذا الوعيد الشديد يتناول كلَّ مَن تعمَّد هذا الفعل الشنيع، وفي الصحيحين أيضًا عن سعد رضي الله عنه، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام»، روى أبو داود عن أنس أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنةُ الله المتتابعة إلى يوم القيامة»، وهذا الوعيدُ والتهديدُ لِمُرْتَكب تلك الجريمة لتغييره نسبه وخلطه في الأنساب، وهذا يترتب عليه فسادٌ كثيرٌ؛ يترتب عليه حرمان وارث، وتوريث من ليس بوارث، وتحريم أبضاع مباحة، وإباحة أبضاع محرمة، إلى غير هذا من الفساد والآثار السيئة.

ومِن أجْل ذلك استوجب لعنة الله المتتابعة، كما في الحديث السابق، بل إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تَوَعَّدَ مَن انتسب إلى غير أبيه وشدَّد في ذلك حتى حكم عليه بالكفر؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ترغبوا عن آبائكم، فمَن رغب عن أبيه فهو كفر»؛ متفق عليه.

إذا تَقَرَّرَ هذا فالواجبُ على كلِّ مَن شارك في ذلك الفِعل التوبة النصوح مما فرط منهم؛ قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82].

أما ما يَلْزمك أنت فهو المبادَرة إلى تغيير اسمك إلى النسَب الحقيقي، والانتساب إلى أبيك، ولا شيء عليك، أمَّا أنت فلم تَتَعَمَّد فِعْل شيء، والإثْمُ كلُّه على أمك وزوجها.

فإنْ حيل بينك وبين تصحيح نسبك واسمك بسبب التعقيدات القانونية، أو غير ذلك، فإن لك حكم المضطر، والإثم على مَنْ أَلْجَأَك إلى هذا الوضع، وحال بينك وبين حقك المشروع.

وفقك الله لكلِّ خيرٍ، وألْهَمَك رشدك، وأعاذك مِن شَرِّ نفسك.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 3
  • 0
  • 19,816

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً