وساوس وأفكار مقلقة
شابٌّ لديه بعضُ الأفكار السلبية والتي يريد الرأي فيها، منها أنه لا يحمل هاتفًا، ولا يريد الزواج، وينتظر قيام الساعة!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ أسير في حياتي بطريقة معينة لا تُعجب كثيرًا من الناس؛ فليس لديَّ هاتف، وبعض الأصدقاء والأهل يَعرضون عليَّ أن أحملَ هاتفًا للتواصل معهم، لكنني أرفض، كذلك لا ألبس إلا ثوبًا واحدًا وهو ما أنام به!
الأمر الثاني: أنا لا أريد الزواج، ولا أفكِّر فيه؛ وذلك لأني إذا تزوجتُ سأنجب أولادًا، وأنا لا أريد الإنجاب بسبب الحروب.
سمعتُ في بعض القصص أنَّ مَن سَمِع نفخةَ إسرافيل وفي يده شيءٌ فعليه أن يُكملَه.
وأنا تركتُ كل شيء انتظارًا ليوم القيامة.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
أفكار مقلقة:
مقلقة حقًّا تساؤلاتك أيها الابن الكريم، وأخشى أن يكونَ ظهورها على تفكيرك والدافع من ورائها بدايات وسوسة، فاحذر من الاسترسال معها، واقطعها جملة، ولا تُحيِّر نفسك في الاختيار؛ فالبس ما يروق لك، واقتنِ مِن الجوَّالات ما يناسبُك، إلى غير ذلك من شؤون الحياة، ما دام في دائرة المباح؛ فقد قال البخاري في صحيحه: "باب قول الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32]، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «كلوا واشربوا، والبسوا وتصدَّقوا، في غير إسرافٍ ولا مخيلةٍ»، وقال ابن عباس: "كُلْ ما شئتَ، والبسْ ما شئتَ، ما أخطأتك اثنتان: سَرَف، أو مخيلةٌ". اهـ.
التمتع بغير إسراف:
وروى أحمد وابن ماجه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كُلوا واشربوا، وتصدَّقُوا والبسوا، ما لم يخالِطْه إسرافٌ أو مخيلة»، والإسراف: هو تجاوزُ الحدِّ في الإنفاق، زائدًا عما ينبغي ويليق، والمَخيلة: من الخُيَلاء وهو التكبر، وقوله: «ما شئت»؛ أي: مما أحلَّه الله تعالى؛ ولذلك قال: «ما أخطَأتْك»؛ أي: تجاوزَتْك، ولم تَحْصل منك.
وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (21/ 294): " وقال الموفَّقُ عبداللطيف البغدادي: هذا الحديثُ جامعٌ لفضائل تدبير الإنسان نفسِه، وفيه تدبيرُ مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة، فإن السَّرفَ في كل شيء يضرُّ بالمعيشة؛ فيؤدي إلى الإتلاف، ويضرُّ بالنفس إذا كانتْ تابعةً للجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضرُّ بالنفس حيث يكسبُها العُجْب، ويضرُّ بالآخرة حيث تكسبُ الإثمَ، وبالدنيا حيث تكسب المقتَ من الناس".
الإيمان بالقدر:
أما خوفُك من إنجاب الأطفال مستقبلًا بسبب الحروب، فادفَعْه عنك باليقين بالله، وبالإيمان بالقضاء والقدر؛ فقد روى أحمد وأصحاب السنن عن ابن الدَّيْلَمِي، قال: لقيتُ أُبَيَّ بنَ كعب، فقلت: يا أبا المنذر، إنه قد وقع في نفسي شيء من هذا القدر، فحدِّثْني بشيء لعله يذهب من قلبي.
قال: "لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضِه، لعذَّبهم وهو غيرُ ظالم لهم، ولو رَحِمهم كانت رحمتُه لهم خيرًا من أعمالهم، ولو أنفقتَ جَبلَ أُحُدٍ ذهبًا في سبيل الله، ما قَبِله الله منك حتى تُؤمِنَ بالقدرِ وتعلمَ أن ما أصابك لم يكن ليُخطِئَك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبَك، ولو متَّ على غير ذلك، لدخلتَ النار"، قال: فأتيت حذيفةَ فقال لي مثل ذلك، وأتيت ابنَ مسعود فقال لي مثل ذلك، وأتيت زيدَ بنَ ثابت فحدَّثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
أما ما سمعتَه في بعض القصص أن من سمع نفخة إسرافيل وفي يده.... إلخ، فهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في المسند عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قامتْ على أحدكم القيامةُ وفي يده فَسِيلة فلْيَغرِسْها» وقد تكلمتُ عن هذا الحديث الشريف وما يرشد إليه من حثٍّ على عمارة الدنيا في استشارة على موقعنا، تفضل بمراجعتها على هذا الرابط: مقاصد الخالق مِن الخلْق.
وفَّقك الله لكلِّ خيرٍ.
- التصنيف:
- المصدر: