شرح: "كان يسبح في راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه"
منذ 2006-12-01
السؤال: ما شرح حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "البخاري: كتاب تقصير الصلاة /
باب ينزل للمكتوبة، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين / باب جواز صلاة
النافلة على الدابة)، وكان أبن عمر يفعله. وفي رواية: " "، وللبخاري ومسلم
" "،
وللبخاري " "؟
" (أخرجه
الإجابة: القبلة هل الكعبة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة
يستقبل بين المقدس، لأنه كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر
بخلافه، ثم بعد ذلك كان يكره موافقة أهل الكتاب، ويأمر بمخالفتهم،
فكان يستقبل بيت المقدس لمدة ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً إلا
أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يتشوق إلى أن يأمره الله تعالى
باستقبال الكعبة كما قال الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ
فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ} [سورة البقرة: الآية 144].
ولكن ما الذي يستقبل؟ قال أهل العلم: إذا كان بإمكانك مشاهدة الكعبة فالواجب استقبال عينها، وإذا كان لا يمكنك فالواجب استقبال جهتها.
ونحن نشاهد مع الأسف أن كثيراً من المصلين في المسجد الحرام لا يتجهون إلى عين الكعبة، وهذا خطر عظيم، لأنه يقتضي أن تبطل صلاتهم، أما من كان لا يمكنه مشاهدة الكعبة فالواجب استقبال الجهة، والجهات الأربع: شمال، وجنوب، وشرق، وغرب. قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة: " " (أخرجه الترمذي: كتاب الصلاة / باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبله، وابن ماجة ( 1011 )، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي " المستدرك " 14/225). لأن المدينة تقع شمالاً عن مكة، فإذا وقع الشمال عن مكة فإن جهة القبلة تكون ما بين المشرق والمغرب، وعلى هذا فلو انحرفت ولكنك لم تخرج عن مسامته الجهة فإن ذلك لا يضر، لأن الجهة واسعة، وكلما أبعدت عن الكعبة اتسعت الجهة وكلما قربت ضاقت الجهة.
فإذا كان البلد يقع شرقاً عن مكة فنقول: ما بين الشمال والجنوب قبلة.
وإذا لم يقع غرباً نقول: ما بين الشمال والجنوب قبلة، وهذا من تيسير الله، لأن إصابة عين الكعبة مع البعد متعذر أو متعسر، وإذا كان متعذراً أو متعسراً فإن الله قد يسر لعباده، وجعل الواجب استقبال الجهة.
وقد استثنى بعض العلماء رحمهم الله مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: إن قبلته مبنية على إصابة العين، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فيه، ولكن في هذا نظر لأننا لو قلنا كل مسجد صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أو كان مكان صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو استقبال عين، لقلنا إن مسجد قباء أيضاً قبلته إلى عين الكعبة، ولقنا إن بيت عتبان بن مالك الذي صلى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام تكون قبلته عين الكعبة، وكذلك نقول في بيت أنس بن مالك وغير ذلك.
ولكن الصواب أن مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام وغيره من مساجد المدينة سواء صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أم لم يصل، كلها قبلتها جهة الكعبة لا عين الكعبة.
واستقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في ثلاث مواضع:
الأول: العجز:
مثاله أن يكون الإنسان مريضاً ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة بنفسه، وليس عنده من يوجهه إلى القبلة فهذا يتجه حيث كان وجهه ودليل ذلك قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} [سورة التغابن: الآية 16]. وقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [سورة البقرة: الآية 286].وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ".
الثاني: الخوف:
إذا كان الإنسان في شدة الخوف وهو هارب من عدوه مثلاً واتجاه سيره في حال فراره معاكس للقبلة، كأن يكون عدوه لحقه من جهة القبلة ففي هذه الحال نقول: إن استقبال القبلة ساقط عن هذا الخائف لقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [سورة البقرة: الآيتان 238-239].
ويمكن أن ندخل هذا في النصوص الدالة على إسقاط الاستقبال في حال العجز، لأن الخائف عاجز عن استقبال القبلة إذ لو وقف لاستقبال القبلة لأدركه عدوه الذي كان فاراً منه.
الثالث: النافلة في السفر:
فإنه لا يشترط فيها استقبال القبلة بل يصلي الإنسان إلى جهة سيره، ودليل ذلك فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه كان يصلي على راحلته حيثما توجهت به، ويوتر عليها، ولكنه لا يصلي عليها الفريضة.
والحكمة من هذا: تيسير النافلة على العباد.
فإذا قال قائل: إذا كان السفر في قطار فهل يسقط استقبال القبلة في هذا القطار، أو نقول إن القطار كالبناء لا يشق على الإنسان أن يستقبل القبلة؟
فالجواب: إن صعب الاستقبال يتنفل إلى جهة سيره، وإن لم يصعب وجب عليه استقبال القبلة لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني عشر - باب استقبال القبلة.
ولكن ما الذي يستقبل؟ قال أهل العلم: إذا كان بإمكانك مشاهدة الكعبة فالواجب استقبال عينها، وإذا كان لا يمكنك فالواجب استقبال جهتها.
ونحن نشاهد مع الأسف أن كثيراً من المصلين في المسجد الحرام لا يتجهون إلى عين الكعبة، وهذا خطر عظيم، لأنه يقتضي أن تبطل صلاتهم، أما من كان لا يمكنه مشاهدة الكعبة فالواجب استقبال الجهة، والجهات الأربع: شمال، وجنوب، وشرق، وغرب. قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة: " " (أخرجه الترمذي: كتاب الصلاة / باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبله، وابن ماجة ( 1011 )، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي " المستدرك " 14/225). لأن المدينة تقع شمالاً عن مكة، فإذا وقع الشمال عن مكة فإن جهة القبلة تكون ما بين المشرق والمغرب، وعلى هذا فلو انحرفت ولكنك لم تخرج عن مسامته الجهة فإن ذلك لا يضر، لأن الجهة واسعة، وكلما أبعدت عن الكعبة اتسعت الجهة وكلما قربت ضاقت الجهة.
فإذا كان البلد يقع شرقاً عن مكة فنقول: ما بين الشمال والجنوب قبلة.
وإذا لم يقع غرباً نقول: ما بين الشمال والجنوب قبلة، وهذا من تيسير الله، لأن إصابة عين الكعبة مع البعد متعذر أو متعسر، وإذا كان متعذراً أو متعسراً فإن الله قد يسر لعباده، وجعل الواجب استقبال الجهة.
وقد استثنى بعض العلماء رحمهم الله مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: إن قبلته مبنية على إصابة العين، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فيه، ولكن في هذا نظر لأننا لو قلنا كل مسجد صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أو كان مكان صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو استقبال عين، لقلنا إن مسجد قباء أيضاً قبلته إلى عين الكعبة، ولقنا إن بيت عتبان بن مالك الذي صلى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام تكون قبلته عين الكعبة، وكذلك نقول في بيت أنس بن مالك وغير ذلك.
ولكن الصواب أن مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام وغيره من مساجد المدينة سواء صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أم لم يصل، كلها قبلتها جهة الكعبة لا عين الكعبة.
واستقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في ثلاث مواضع:
الأول: العجز:
مثاله أن يكون الإنسان مريضاً ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة بنفسه، وليس عنده من يوجهه إلى القبلة فهذا يتجه حيث كان وجهه ودليل ذلك قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} [سورة التغابن: الآية 16]. وقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [سورة البقرة: الآية 286].وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ".
الثاني: الخوف:
إذا كان الإنسان في شدة الخوف وهو هارب من عدوه مثلاً واتجاه سيره في حال فراره معاكس للقبلة، كأن يكون عدوه لحقه من جهة القبلة ففي هذه الحال نقول: إن استقبال القبلة ساقط عن هذا الخائف لقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [سورة البقرة: الآيتان 238-239].
ويمكن أن ندخل هذا في النصوص الدالة على إسقاط الاستقبال في حال العجز، لأن الخائف عاجز عن استقبال القبلة إذ لو وقف لاستقبال القبلة لأدركه عدوه الذي كان فاراً منه.
الثالث: النافلة في السفر:
فإنه لا يشترط فيها استقبال القبلة بل يصلي الإنسان إلى جهة سيره، ودليل ذلك فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه كان يصلي على راحلته حيثما توجهت به، ويوتر عليها، ولكنه لا يصلي عليها الفريضة.
والحكمة من هذا: تيسير النافلة على العباد.
فإذا قال قائل: إذا كان السفر في قطار فهل يسقط استقبال القبلة في هذا القطار، أو نقول إن القطار كالبناء لا يشق على الإنسان أن يستقبل القبلة؟
فالجواب: إن صعب الاستقبال يتنفل إلى جهة سيره، وإن لم يصعب وجب عليه استقبال القبلة لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني عشر - باب استقبال القبلة.
محمد بن صالح العثيمين
كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
- التصنيف: