فصل قول القائل: "الصفات أعراض لا تقوم إلا بجسم مركب"
منذ 2006-12-25
السؤال: فصل قول القائل: "الصفات أعراض لا تقوم إلا بجسم مركب"
الإجابة: فصــل:
وأما القائل: إنها أعراض لا تقوم إلا بجسم مركب، والمركب ممكن محتاج، وذلك عين النقص، فللمثبتة للصفات في إطلاق لفظ [العَرَض]على صفاته ثلاث طرق:
منهم: من يمنع أن تكون أعراضاً، و يقول: بل هي صفات وليست أعراضاً، كما يقول ذلك الأشعري، وكثير من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيره.
ومنهم: من يطلق عليها لفظ الأعراض كهشام وابن كَرَّام وغيرهما.
ومنهم: من يمتنع من الإثبات والنفي، كما قالوا في لفظ الغير، وكما امتنعوا عن مثل ذلك في لفظ الجسم ونحوه، فإن قول القائل: العلم عرض بدعة، وقوله:ليس بعرض بدعة، كما أن قوله: الرب جسم بدعة، وقوله:ليس بجسم بدعة.
وكذلك أيضاً لفظ [الجسم]، يراد به في اللغة: البدن والجسد، كما ذكر ذلك الأصمعي وأبو زيد، وغيرهما من أهل اللغة.
وأما أهل الكلام، فمنهم من يريد به المركب، ويطلقه على الجوهر الفرد بشرط التركيب، أو على الجوهرين، أو على أربعة جواهر، أو ستة، أو ثمانية، أو ستة عشر، أو اثنين وثلاثين، أو المركب من المادة والصورة.
ومنهم من يقول: هو الموجود أو القائم بنفسه.
وعامة هؤلاء وهؤلاء يجعلون المشار إليه متساوياً في العموم والخصوص، فلما كان اللفظ قد صار يفهم منه معانٍ، بعضها حق وبعضها باطل صار مجملاً.
وحينئذ فالجواب العلمي أن يقال: أتعني بقولك: إنها أعراض: أنها قائمة بالذات أو صفة للذات ونحو ذلك من المعاني الصحيحة؟ أم تعني بها أنها آفات ونقائص؟ أم تعني بها أنها تعرض وتزول ولا تبقى زمانين؟ فإن عنيت الأول فهو صحيح، وإن عنيت الثاني فهو ممنوع، وإن عنيت الثالث فهذا مبني على قول من يقول: العرض لا يبقى زمانين.
فمن قال ذلك وقال: هي باقية، قال: لا أسميها أعراضاً، ومن قال: بل العرض يبقى زمانين، لم يكن هذا مانعاً من تسميتها أعراضاً.
وقولك: العَرَض لا يقوم إلا بجسم. فيقال لك: هو حي، عليم قدير عندك.
وهذه الأسماء لا يسمى بها إلا جسم، كما أن هذه الصفات التي جعلتها أعراضاً لا يوصف بها إلا جسم، فما كان جوابك عن ثبوت الأسماء، كان جواباً لأهل الإثبات عن إثبات الصفات.
ويقال له: ما تعنى بقولك: هذه الصفات أعراض لا تقوم إلا بجسم؟ أتعني بالجسم المركب الذي كان مفترقاً فاجتمع؟ أو ما ركبه مركب فجمع أجزاءه؟ أو ما أمكن تفريقه وتبعيضه وانفصال بعضه عن بعض ونحو ذلك؟ أم تعني به ما هو مركب من الجواهر الفردة، أو من المادة والصورة؟ أو تعني به ما يمكن الإشارة إليه؟ أو ما كان قائماً بنفسه؟ أو ما هو موجود؟
فإن عنيت الأول، لم نسلم أن هذه الصفات التي سميتها أعراضاً لا تقوم إلا بجسم بهذا التفسير، وإن عنيت به الثاني، لم نسلم امتناع التلازم، فإن الرب تعالى موجود قائم بنفسه، مشار إليه عندنا، فلا نسلم انتفاء التلازم على هذا التقدير.
وقول القائل: المركب ممكن، إن أراد بالمركب: المعاني المتقدمة؛ مثل كونه كان مفترقاً فاجتمع، أو ركبه مركب أو يقبل الانفصال، فلا نسلم المقدمة الأولى التلازمية، وإن عنى به ما يشار إليه أو ما يكون قائماً بنفسه موصوفاً بالصفات، فلا نسلم انتفاء الثانية، فالقول بالأعراض مركب من مقدمتين؛ تلازمية، واستثنائية بألفاظ مجملة، فإذا استفصل عن المراد حصل المنع والإبطال لأحدهما أو لكليهما، وإذا بطلت إحدى المقدمتين على كل تقدير، بطلت الحجة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - المجلد السادس.
وأما القائل: إنها أعراض لا تقوم إلا بجسم مركب، والمركب ممكن محتاج، وذلك عين النقص، فللمثبتة للصفات في إطلاق لفظ [العَرَض]على صفاته ثلاث طرق:
منهم: من يمنع أن تكون أعراضاً، و يقول: بل هي صفات وليست أعراضاً، كما يقول ذلك الأشعري، وكثير من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيره.
ومنهم: من يطلق عليها لفظ الأعراض كهشام وابن كَرَّام وغيرهما.
ومنهم: من يمتنع من الإثبات والنفي، كما قالوا في لفظ الغير، وكما امتنعوا عن مثل ذلك في لفظ الجسم ونحوه، فإن قول القائل: العلم عرض بدعة، وقوله:ليس بعرض بدعة، كما أن قوله: الرب جسم بدعة، وقوله:ليس بجسم بدعة.
وكذلك أيضاً لفظ [الجسم]، يراد به في اللغة: البدن والجسد، كما ذكر ذلك الأصمعي وأبو زيد، وغيرهما من أهل اللغة.
وأما أهل الكلام، فمنهم من يريد به المركب، ويطلقه على الجوهر الفرد بشرط التركيب، أو على الجوهرين، أو على أربعة جواهر، أو ستة، أو ثمانية، أو ستة عشر، أو اثنين وثلاثين، أو المركب من المادة والصورة.
ومنهم من يقول: هو الموجود أو القائم بنفسه.
وعامة هؤلاء وهؤلاء يجعلون المشار إليه متساوياً في العموم والخصوص، فلما كان اللفظ قد صار يفهم منه معانٍ، بعضها حق وبعضها باطل صار مجملاً.
وحينئذ فالجواب العلمي أن يقال: أتعني بقولك: إنها أعراض: أنها قائمة بالذات أو صفة للذات ونحو ذلك من المعاني الصحيحة؟ أم تعني بها أنها آفات ونقائص؟ أم تعني بها أنها تعرض وتزول ولا تبقى زمانين؟ فإن عنيت الأول فهو صحيح، وإن عنيت الثاني فهو ممنوع، وإن عنيت الثالث فهذا مبني على قول من يقول: العرض لا يبقى زمانين.
فمن قال ذلك وقال: هي باقية، قال: لا أسميها أعراضاً، ومن قال: بل العرض يبقى زمانين، لم يكن هذا مانعاً من تسميتها أعراضاً.
وقولك: العَرَض لا يقوم إلا بجسم. فيقال لك: هو حي، عليم قدير عندك.
وهذه الأسماء لا يسمى بها إلا جسم، كما أن هذه الصفات التي جعلتها أعراضاً لا يوصف بها إلا جسم، فما كان جوابك عن ثبوت الأسماء، كان جواباً لأهل الإثبات عن إثبات الصفات.
ويقال له: ما تعنى بقولك: هذه الصفات أعراض لا تقوم إلا بجسم؟ أتعني بالجسم المركب الذي كان مفترقاً فاجتمع؟ أو ما ركبه مركب فجمع أجزاءه؟ أو ما أمكن تفريقه وتبعيضه وانفصال بعضه عن بعض ونحو ذلك؟ أم تعني به ما هو مركب من الجواهر الفردة، أو من المادة والصورة؟ أو تعني به ما يمكن الإشارة إليه؟ أو ما كان قائماً بنفسه؟ أو ما هو موجود؟
فإن عنيت الأول، لم نسلم أن هذه الصفات التي سميتها أعراضاً لا تقوم إلا بجسم بهذا التفسير، وإن عنيت به الثاني، لم نسلم امتناع التلازم، فإن الرب تعالى موجود قائم بنفسه، مشار إليه عندنا، فلا نسلم انتفاء التلازم على هذا التقدير.
وقول القائل: المركب ممكن، إن أراد بالمركب: المعاني المتقدمة؛ مثل كونه كان مفترقاً فاجتمع، أو ركبه مركب أو يقبل الانفصال، فلا نسلم المقدمة الأولى التلازمية، وإن عنى به ما يشار إليه أو ما يكون قائماً بنفسه موصوفاً بالصفات، فلا نسلم انتفاء الثانية، فالقول بالأعراض مركب من مقدمتين؛ تلازمية، واستثنائية بألفاظ مجملة، فإذا استفصل عن المراد حصل المنع والإبطال لأحدهما أو لكليهما، وإذا بطلت إحدى المقدمتين على كل تقدير، بطلت الحجة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - المجلد السادس.
- التصنيف: