حكم ختان الإناث
منذ 2007-12-30
السؤال: كثُر الحديث عن ختان الإناث؛ فأخبرونا بالقول الفصل في ذلك؛ فأنا عندي
بنت ولا أدري هل أختنها أم لا؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:فقد اتفق الأئمة -رحمهم الله- على مشروعية الختان للنساء،
واختلفوا هل هو واجب أو مستحب؟؛ ففي المذهب الحنفي: أن الختان للنساء
مكرمة فلو اجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم الإمام؛ لأنه من شعائر
الإسلام وخصائصه؛ كما في (شرح المختار) للموصلي الحنفي، وقال نظام
الدين البلخي في (الفتاوى الهندية): "اختلفت الروايات في ختان النساء:
ذكر في بعضها أنه سنة، هكذا حُكي عن بعض المشايخ، وذكر شمس الأئمة
الحلواني في (أدب القاضي) للخصاف أن ختان النساء مكرمة، كذا في
(المحيط)، وقال ابن عابدين في كتاب الطهارة من (السراج الوهاج): "اعلم
أن الختان سنة عندنا للرجال والنساء". والمذهب المالكي: أنه مستحب قال
في (منح الجليل شرح مختصر خليل): "الراجح أن ختن الذكر، سنة وخفض
الأنثى مستحب"، وقال القاضي عياض المالكي: "الاختتان عند مالك وعامة
العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها؛ فهم يطلقونها على مرتبة
بين الفرض والندب". وفي المذهب الشافعي: قال النووي في (المنهاج):
"ويجب ختان المرأة بجزء من اللحمة بأعلى الفرج، والرجل بقطع ما تغطي
حشفته بعد البلوغ". وقال في (المجموع): "الختان واجب على الرجال
والنساء عندنا، وبه قال كثيرون من السلف، كذا حكاه الخطَّابيُّ، وممن
أوجبه أحمد... والمذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه الشافعي -رحمه
الله- وقطع به الجمهور أنه واجب على الرجال والنساء". وقال البيجرمي
في (التحفة): حاصل ما في الختان أن يقال: "إن الختان واجب في حق
الرجال والنساء على الصحيح". وفي المذهب الحنبلي: الختان مكرمة في حق
النساء وليس بواجب عليهن، وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد أنه واجب على
الرجال والنساء، كما في (المغني). وقال البهوتي الحنبلي في (كشاف
القناع): "و يجب ختان ذكرٍ، وأنثى". واستدل الفقهاء على مشروعية ختان
النساء بأدلة كثيرة؛ منها: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الفطرة خمس،
أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص
الشارب" (متفق عليه عن أبي هريرة)، وهو عموم يشمل الرجال والنساء.
والفطرة في الحديث فسّرها أكثر العلماء: بأنها السُنة التي اختارها
الله لأنبيائه وعباده الصالحين، قال النووي تفسير الفطرة هنا:
"بالسُنة هو الصواب، والسُنة هنا هي الطريقة المتبعة". ومنها: أن
إبراهيم -عليه السلام- اختتن وهو ابن ثمانين سنة، كما ثبت ذلك في حديث
متفق عليه، وقال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ
مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
[النحل:123]، ولا فارق بين الرجل والمرأة في مشروعية الاقتداء
بإبراهيم. ومنها: حديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: "إن امرأة كانت
تختن بالمدينة فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تنهكي فإن
ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل" (رواه أبو داود وصححه الألباني)،
وقوله: "لا تنهكي" معناه: لا تبالغي في القطع، أي اقطعي بعض القلفة
ولا تستأصليها. ومنها: ما رواه مسلم عن عائشة -رضي الله عنها-: أن
النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس
الختان الختان فقد وجب الغسل"، فهذا فيه دليل على أن النساء كن يختتن
على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. هذا ودعوى البعض أنه يضر
بالمرأة لا يلتفت إلى قوله؛ لأنه خرق لإجماع الأمة المتيقن، ولمصادمته
لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي
يوحى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والمقصود من ختان المرأة تعديل
شهوتها، فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة، ولهذا يقال
في المشاتمة: يا ابن القلفاء، فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر،
ولهذا من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء
المسلمين، وإذا حصل المبالغة في الختان ضعفت الشهوة، فلا يكمل مقصود
الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال"، والمرأة
القلفاء: هي التي لم تُخْتَن، وكذا الرجل الأقلف. وعليه فيستحب لك ختن
ابنتك للأدلة السابقة، والله أعلم.
-------------------------------------
من فتاوى موقع الألوكة
-------------------------------------
من فتاوى موقع الألوكة
- التصنيف: