آداب الدعاء بين الأذان والإقامة
الوقت بيْن الأذان والإقامة وأيضًا في السّجود من أوقات الاستجابة، فهل الدعاء في سُجود صلاةٍ نافلةٍ أفضل من دُعاء خارج الصلاة في هذا الوقت بيْن الأذان والإقامة؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ للدعاء أوقاتًا يكون فيها أقربَ إلى الاستِجابة، وأقربُ الأوقات لاستجابة الدّعاء جوف الليل الآخر كما ورد في الحديث الصحيح، وحال السجود عمومًا، سواء في الفرض أو النَّفل؛ لأنَّ السجود غايةُ الخُضُوعِ والذُّلِّ والانكسار مِن العَبْدِ لله عزَّ وجلَّ، وغايةُ تَوَاضُعِهِ له بأَشْرَفِ شَيْءٍ فِيهِ للهِ -وهُوَ وَجْهُهُ-، ويكون أقربَ من الله سبحانه وتعالى، والله جلَّ وعلا يقول لنبيّه: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19].
وقال صلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّم: "أقربُ ما يكونُ أحدُكم من ربِّه وهو ساجد، فأكثِروا فيه من الدّعاء" (رواه مسلم).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهَذا نَصٌّ في أَنَّهُ في حالِ السُّجُودِ أَقْرَبُ إلى اللهِ مِنْهُ في غَيْرِهِ وهَذا صَرِيحٌ في فَضِيلَةِ السُّجُودِ على غَيْرِهِ".
ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "وأمَّا السُّجود فأكثِروا فيه من الدُّعاء فقَمِنٌ أن يُستجابَ لكم" (رواه مسلم). وقوله صلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، فقمِن: أي حري أن يُستجابَ لكم.
أمَّا الدّعاء بين الأذان والإقامة فهُو أيضًا من المواطِن التي يُستجابُ فيها الدّعاء، كما أخبرنا النبي صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ فقال: "لا يُرَدّ الدّعاء بين الأذان والإقامة" (رواه أبو داود والتّرمذي).
قال في "سبل السلام": "والحَدِيثُ دَلِيلٌ على قَبُولِ الدُّعَاءِ في هَذِه المَوَاطِنِ، إذْ عَدَمُ الرَّدِّ يُرادُ بِه القَبُولُ والإجَابَةُ، ثُمَّ هُوَ عَامٌّ لكُلِّ دُعاءٍ، ولا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِه بما في الأحَادِيثِ غَيرهِ، مِنْ أَنَّهُ مَا لم يَكُنْ دَعا بإثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ" اهـ.
والَّذي يظهر أنَّ الدّعاء بين الأذان والإقامة وفي سُجود صلاة نافلةٍ أفضلُ من دعاء خارجَ الصَّلاة في هذا الوقت؛ لاشتِمالِه على فضيلة الزَّمان وفضيلة الحالة كالدّعاء في السجود في الثّلُثِ الأخير من الليل فهو بلا شكٍّ أفضل من الدّعاء بدون صلاة،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: